وأما الجاهل بالقبلة المتردد الذي يصلّي إلى جهة ولو رجاءً بانياً على السؤال بعد ذلك فالظاهر وجوب الإعادة إذا تبين الانحراف وإن كان يسيراً لعدم اندراجه تحت إطلاق الصحيح ، فانّ وظيفته التحري بمقتضى النصوص المتقدمة سابقاً(1) . فالصلاة المأتي بها من دون التحري ليست وظيفة له وغير محكومة بالصحة شرعاً . ولا ريب في انصراف الصحيح إلى من قام في الصلاة باعتقاد الصحة وأنها الوظيفة بانياً على كونها فرداً للمأمور به ، فلا تشمل الفرض .
وعليه فمقتضى إطلاق اعتبار استقبال المسجد الحرام(2) السليم عن القيد في المقام وجوب الإعادة إلا إذا انكشف كونها إلى القبلة من دون انحراف فيجتزئ بها ، لاشتمالها على الشرط ، وعدم المقتضي للإعادة بعد صدورها على وجه قربي كما هو المفروض .
ويؤكّد ما ذكرناه من الإعادة صحيح الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة ، قال : يعيد ولا يعيدون ، فانّهم قد تحرّوا»(3) فانّ الحكم باعادة الأعمى دونهم معللاً بعدم التحري من دون التفصيل بين كون الانحراف ما بين اليمين واليسار أو أكثر شاهد على ما ذكرنا .
فتحصّل من جميع ما مرّ : أنّ الحكم بالصحة بمقتضى الصحيح والموثق يختص بفرض الخطأ في الاعتقاد أو الاجتهاد ، وبضيق الوقت ـ على كلام في كونه داخلاً في محل الكلام كما مرّ ـ وبالغافل ، ولا يعم الجاهل بالحكم ولا الناسي ولا المتردد .
ثمّ إنّ هاتين المعتبرتين ـ صحيح معاوية وموثق الحسين ـ وغيرهما لم يصرح فيهما بكون انكشاف الخلاف في الوقت أو في خارجه ، فمقتضى الإطلاق
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) [تقدمت صحيحة واحدة لزرارة في شرح العروة 11 : 450] .
(2) كما في صحيح زرارة المتقدم في ص 38 .
(3) الوسائل 8 : 339 / أبواب صلاة الجماعة ب 21 ح 6 .
ــ[44]ــ
عدم وجوب الإعادة سواء كان الانكشاف في الوقت أم في خارجه ، فتدل بالإطلاق على نفي الإعادة والقضاء ، لكن موضوعها مختص بما إذا كان الانحراف ما بين اليمين واليسار .
|