النظر الى بدن الأجنبية مما عدا الوجه والكفّين 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5795


   الجهة الرابعة : في حرمة النظر إلى بدن الأجنبية ـ ما عدا الوجه والكفين ـ وإن لم يكن بقصد الريبة إلا في الموارد الخاصة المنصوصة من العلاج وغيره .

   ويدلّ عليه مضافاً إلى الإجماع ، بل الضرورة كما ذكره شيخنا الأنصاري(1) اُمور :

   الأول : قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ)(2) فانّ المراد بالزينة مواضعها كما مرّ(3) ، ولا شك أنّ الإبداء في نفسه ولو من غير ناظر لا حرمة فيه ، بل هي خاصة بوجود الناظر ، وإذا حرم تحريم الإبداء حينئذ حرم النظر أيضاً لا محالة للملازمة بينهما . نعم ، تحريم النظر لا يدل على تحريم الإبداء ، فيمكن أن يكون النظر حراماً ولم يكن التستّر واجباً على المنظور اليه ، فانّ نظر المرأة إلى بدن الرجل حرام ولم يجب تستره منها ، كما أنّ نظر الرجل إلى الأمرد عن شهوة حرام ولم يجب تستره منه ، إذ كل منهما يعمل على وظيفته ، لكن وجوب التستر وحرمة الإبداء يلازم حرمة النظر ، وإلا فلو جاز لم يكن مقتض لوجوب الستر .

   الثاني : قوله تعالى : (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَـرِهِمْ . . .)الخ(4) فانّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب النكاح: 44.

(2) النور 24 : 31 .

(3) في ص 63 .

(4) النور 24 : 30 .

ــ[67]ــ

الآية المباركة في حدّ نفسها ولا سيما بملاحظة شأن نزولها من قصة الشاب الأنصاري المروية في حديث سعد الاسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنّعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه ، فلما مضت المرأة نظر فاذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره ، فقال : والله لآتينّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولاُخبرنّه ، فأتاه ، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : ما هذا ؟ فأخبره ، فهبط جبرئيل بهذه الآية : (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا . . .)الخ»(1) ظاهرة في المطلوب كما لا يخفى .

   الثالث : قوله تعالى : (والقَواعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً  . .)الخ(2) فانّ التخصيص بالقواعد يدلّ على ثبوت البأس لغير القواعد ، فيجب عليهن التستر ، وقد تقدم أنّ وجوب التستر يلازم حرمة النظر وإن لم يكن الأمر بالعكس .

   وتدلّ عليه أيضاً الروايات الكثيرة الواردة في تفسير الآية المباركة(3) .

   الرابع : صحيح البزنطي المانع من النظر إلى شعر اُخت الزوجة ، وقد تضمّن أنّها والغريبة
سواء(4) فانّ مقتضى الإطلاق فيها ـ كالآيات المتقدمة ـ عدم الفرق بين قصد التلذذ وعدمه .

 الخامس : موثقة عباد بن صهيب قال : «سمعت أباعبدالله (عليه السلام) يقول : لا بأس بالنظر إلى رؤوس أهل تهامة والأعراب وأهل السواد والعلوج ، لأنهم إذا نهوا لا ينتهون . . .»الخ(5) كذا ذكره في الوسائل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 20 : 192 / أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب 104 ح 4 .

(2) النور 24 : 60.

(3) الوسائل 20 : 202 / أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب 110 .

(4) الوسائل 20 : 199 / أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب 107 ح 1 .

(5) الوسائل 20 : 206 / أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب 113 ح 1 .

ــ[68]ــ

والصحيح : لأنّهن إذا نهين لا ينتهين كما في الوافي (1) .

   وكيف كان ، فمقتضى التعليل حرمة النظر إلى رؤوس غير من ذكر في الخبر ممن تنتهي إذا نهيت ، فكأنه يستفاد منها أنّ حرمة النظر لأجل أنّ المؤمنة لها حق على المؤمن وهو أن لا ينظر إليها فيهتك حرمتها ، فأما إذا ألقت المرأة جلبابها وألغت احترامها واسقطت حقها بحيث كلّما نهيت لا تنتهي فلا حرمة لها ، نظير إلغاء الإنسان احترام ماله ، فتدلّ على عدم جواز النظر إلى العفيفات اللاتي ينتهين إذا نهين .
ــــــــــــ

(1) لاحظ الوافي 22 : 829 / 22276 [فانه مطابق لما ذكر في الوسائل] .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net