وأما عكس ذلك ـ أعني نظر المرأة إلى ما بين السرة والركبة من الرجل المحرم لها ـ أو نظر الرجل إلى مثله فيما بين ذلك فالظاهر هو الجواز ، لعدم الدليل على المنع ، والتحديد في الموثّق قاصر الشمول للمقام ، فانّ قوله (عليه السلام) : «والعورة ما بين السرّة . .» الخ لا إطلاق له بحيث يشمل الرجل أيضاً كي يكون تفسيراً لطبيعة العورة على الإطلاق ، بل المراد بقرينة ما قبله خصوص عورة
ــ[84]ــ
النساء السابق ذكرها متصلاً بهذه الجملة ، لما هو المقرر في محلّه من أن المعرّف المكرر لا يراد بالثاني [منه] إلا الأوّل(1) .
نعم ، ربما يستفاد المنع من روايتين :
إحداهما : ما رواه الصدوق في الخصال باسناده عن علي (عليه السلام) في حديث الأربعمائة «قال : إذا تعرّى أحدكم ـ الرجل ـ نظر إليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا ، ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذيه ويجلس بين قوم»(2) .
وهذه الرواية وإن كانت معتبرة السند ، إذ ليس في الطريق من يتنظر فيه عدا القاسم بن يحيى والحسن بن راشد لكنهما موجودان في طريق كامل الزيارات . وتضعيف ابن الغضائري للحسن لا يعبأ به ، لعدم الاعتماد على توثيقاته وتضعيفاته .
لكنّها قاصرة الدلالة ، لاشتمال هذا الحديث بطوله على غير واحد من الآداب من السنن والمكروهات ، بل إنّ أكثره كذلك ، فمن القريب جدّاً أن يكون الحكم في هذ الفقرة أيضاً مبنيّاً على الآداب والأخلاق دون الإلزام الشرعي ، كما يؤيده تخصيص المنع بحال الجلوس بين القوم ، فانّه لو كان محرّماً شرعاً لما كان التحريم مختصاً بهذه الحال كما لا يخفى .
فالمناسب جداً إرادة التنزيه ومراعاة الأدب تحفظاً على كرامة الرجل ووقاره ولئلا تعرضه الخفة والمهانة من كشف الفخذ عند القوم .
الثانية : رواية بشير النبّال ، قال : «سألت أباجعفر (عليه السلام) عن الحمام فقال : تريد الحمام ؟ قلت : نعم ، فأمر باسخان الماء ثم دخل فاتزر بازار فغطى ركبتيه وسرته ـ إلى أن قال ـ ثم قال : هكذا فافعل»(3) فانّ ظاهر الأمر هو الوجوب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإتقان في علوم القرآن 2 : 351 .
(2) الوسائل 5 : 23 / أبواب أحكام الملابس ب 10 ح 3 ، الخصال : 630 .
(3) الوسائل 2 : 35 / أبواب آداب الحمام ب 5 ح 1 .
|