ــ[118]ــ
[1262] مسألة 10 : يشترط((1)) ستر العورة في الطواف أيضاً (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الستر فيها فيرجع إلى أصالة البراءة .
ومنه يظهر الحال في سجدة التلاوة ، كما ويرجع في سجدة الشكر إلى إطلاق الأدلّة .
(1) كما عن جماعة من القدماء والمتأخرين . ويستدل له بجملة من النصوص كلّها ضعيفة السند ، فانّ ستة منها منقولة عن تفسير العياشي(2) وطريقه إلى المعصوم (عليه السلام) مجهول بعد أن حذف المستنسخ أسناد الكتاب روماً للاختصار ، مضمونها أنّه : ولا يطوفنّ بالبيت عريان .
والسابعة : ما رواه الصدوق في العلل ـ باسناد يشتمل على عدة من المجاهيل ـ عن ابن عباس في حديث : «أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث علياً (عليه السلام) ينادي : لا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان . .»(3) .
والثامنة : ما رواه القمي في تفسيره عن أبيه عن محمد بن الفضيل (الفضل) عن الرضا (عليه السلام) قال «قال أميرالمؤمنين : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني عن الله أن لا يطوف بالبيت عريان . .» الخ(4) .
وهي أيضاً ضعيفة السند ، من أجل تردد الراوي الأخير بين محمد بن القاسم بن الفضيل الثقة وبين محمد بن الفضيل الأزدي ، ولم يوثق . إذن فلا يمكن الاعتماد على شيء من هذه الأخبار . ولعلّه يشير العلامة في المختلف بقوله : والرواية بالاشتراط غير مسندة من طرقنا(5) يريد به أنّها لم تثبت من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط لزوماً .
(2) الوسائل 13 : 400 / أبواب الطواف ب 53 ح 3 ـ 8 ، تفسير العياشي 2 : 74 .
(3) الوسائل 13 : 400 / أبواب الطواف ب 53 ح 1 ، علل الشرائع : 190/ ب 150 ح 2 .
(4) الوسائل 13 : 400 / أبواب الطواف ب 53 ح 2 ، تفسير القمي 1 : 282 .
(5) لاحظ المختلف 4 : 215 [فانّ قوله المذكور ذكره تعليقاً على الاستدلال بالنبوي الآتي «الطواف بالبيت صلاة»] .
ــ[119]ــ
طريق معتبر .
ومن الغريب ما عن كشف اللثام من أنّ الخبر يقرب من التواتر(1) . فانّه لم يبلغ حدّ الاستفاضة فضلاً عن التواتر ، لما عرفت من أنّ ستة منها رواها شخص واحد وهو العياشي . ولنفرض أنّه رواها بأجمعها عن طريق صحيح فانّ غايتها أنّها معتبرة لا متواترة ، إذ يشترط في التواتر تعدّد الرواة في كلّ طبقة كما لا يخفى .
على أنّها في أنفسها لا تخلو عن غرابة ، حيث لم تذكر ولا واحدة منها في الجوامع الفقهية ، فلم يذكرها المشايخ الثلاثة في شيء من الكتب الأربعة ، هذا بحسب السند .
وقد ناقش صاحب الجواهر(2) في دلالتها أيضاً بأنّ الطواف عارياً لا يلازم كشف العورة ، فانّ بينهما عموماً من وجه ، فقد يطوف عارياً ساتراً لخصوص عورته ، وقد يطوف لابساً مع كشفها ، فالمنع الوارد في النص لا يكشف عن لزوم الستر .
ثم أجاب بما هو الصواب من أنّ المراد من العراء في هذه النصوص ستر(3) العورة للإجماع على صحة الطواف عارياً مع سترها . فلا قصور فيها من ناحية الدلالة ، هذا .
وربما يستدلّ لاعتبار الستر بما ورد من أن «الطواف بالبيت صلاة»(4) فيعتبر فيه ما يعتبر فيها ومنه الستر .
وفيه : أنّ هذا الحديث نبوي ، ولم يرد من طرقنا ، فلا يمكن الاعتماد عليه .
نعم ، يمكن الاستدلال لذلك بمصحح يونس بن يعقوب قال «قلت
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كشف اللثام 5 : 408 .
(2) الجواهر 19 : 278 .
(3) كذا في الجواهر، لكن العبارة لا تخلو عن نوع من المسامحة كما لا يخفى.
(4) سنن البيهقي 5 : 85 ، 87.
ــ[120]ــ
[1263] مسألة 11 : إذا بدت العورة كلا أو بعضاً لريح أو غفلة لم تبطل الصلاة (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأبي عبدالله (عليه السلام) : رأيت في ثوبي شيئاً من دم وأنا أطوف ، قال : فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله ، ثم عد فابن على طوافك»(1) .
فانّ الأمر بالعود مع فرض إطلاق الرواية ـ بمقتضى ترك الاستفصال ـ من حيث وجوب الطواف أو استحبابه ، وكونه قبل تجاوز النصف أو بعده ووضوح عدم وجوب إتمامه حينئذ إرشاد إلى اشتراط الطواف بساتر طاهر كاشتراط الصلاة به ، وقد ورد نظير هذا المضمون فيها أيضاً . ولا يحتمل أن يكون الأمر مولوياً ، لعدم احتمال حرمة الصلاة أو الطواف مع الثوب النجس وإنّما هو إرشاد إلى الشرطية المزبورة ، ومرجعها إلى اشتراط أمرين فيهما : أحدهما الثوب فلا تجوزان عارياً . والثاني طهارته . فيظهر من ذلك أنّ الستر معتبر في الطواف وإلا لما أمره بالغسل تعييناً ، بل خيّره بينه وبين الإتمام عارياً لإطلاق الرواية من جهة الناظر المحترم ، ومن جهة الليل الأظلم .
وبالجملة : فلا يبعد دلالتها على عدم جواز الطواف عرياناً بعد ان كان السند تاماً ، إذ لا غمز فيه ماعدا اشتمال طريق الصدوق إلى يونس بن يعقوب على الحكم بن مسكين(2) ولكنّه ثقة على الأظهر لوجوده في أسناد كامل الزيارات(3) . إذن فرعاية الستر أحوط لزوماً ، فتدبر جيداً .
(1) يريد به بقرينة المقابلة ما لو علم بالبدوّ بعد الفراغ ، ولا إشكال حينئذ في الصحة ، لحديث لا تعاد ، ولصحيحة علي بن جعفر المتقدمة(4) ، فانّ المتيقّن منها هو هذه الصورة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 399 / أبواب الطواف ب 52 ح 1 .
(2) الفقيه 4 (المشيخة) : 46 .
(3) تقدّم أنّه لم يكن من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة .
(4) في ص 113 .
ــ[121]ــ
لكن إن علم به في أثناء الصلاة وجبت المبادرة إلى سترها((1)) وصحت أيضاً ، وإن كان الأحوط الإعادة بعد الإتمام خصوصاً إذا احتاج سترها إلى زمان معتد به (1) . ــــــــــــــــــــــ
(1) أمّا إذا كانت العورة المعلوم كشفها مستورة حال العلم فلا ينبغي الإشكال في الصحة أيضاً ، لما عرفت من حديث لا تعاد والصحيحة المزبورة التي لا قصور في شمول إطلاقها لهذه الصورة كما سبق(2) .
وأمّا إذا كانت مكشوفة في هذه الحالة فالظاهر البطلان ، سواء احتاج الستر إلى زمان طويل أم قصير ، مع فعل المنافي أم بدونه ، إذ الحديث لا يشمل صورة العلم والعمد ، كما أنّ الصحيح منصرف عنها أو قاصر الشمول لها على ما تقدّم ومعه لا مناص من البطلان ، للإخلال بالستر المعتبر حتّى في الأكوان المتخلّلة بمقتضى إطلاق الأدلّة . ومن ثم يحكم بلزوم المبادرة لو التزمنا بالصحة ، نعم يحكم بها عند ضيق الوقت لأهميته الموجبة لسقوط اعتبار الستر حينئذ ، وقد تقدّم في الأمة المعتقة في الأثناء ما ينفع المقام فلاحظ(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر بطلان الصلاة مع العلم به في الأثناء ، والأحوط الاتمام ثم الإعادة ، ومنه يظهر الحال في المسألة الآتية.
(2) في ص 113 .
(3) ص 111 فما بعدها .
|