الثاني : الإباحة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4702


الثاني : الإباحة((1))(2) وهي أيضاً شرط في جميع لباسه (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــ
   (2) أي إباحة التصرف في اللباس مقابل حرمته ، سواء أكان منشأ الحرمة هو الغصب أم غيره ، كما لو اشترى الثوب بمعاملة فاسدة ، أو وصل إليه بقمار ونحوه ، أو كان متعلقاً لحق الغير كما ستعرف(3) .

   (3) ويستدلّ له بوجوه :

   أحدها : الإجماع ، الذي ادّعاه غير واحد .

   وفيه : أنّه لاعبرة به ، ولا سيما بعد استناد أكثر المجمعين إلى الوجوه الآتية . فلم يكن إجماعاً تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السلام) .

   ثانيها : قاعدة الاشتغال ، بعد أن لم يكن دليل على الصحة بدونها .

   وفيه : أن المرجع في أمثال المقام من موارد الدوران بين الأقلّ والأكثر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط في غير الساتر وفي المحمول ، ولا يبعد عدم الاشتراط فيهما .

(2) شرح العروة 3 : 235 ، 428 ، 436 .

(3) يأتي في ص 137 .

ــ[131]ــ

الارتباطي هو البراءة كما حقّق في محلّه(1) .

   ثالثها : رواية تحف العقول عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لكميل قال : «ياكميل انظر فيما تصلي وعلى ما تصلي ، إن لم يكن من وجهه وحلّه فلا قبول»(2) .

   وفيه : مضافاً إلى ضعف السند ، أنّ عدم القبول أعم من الفساد .

   رابعها : مرسلة الصدوق ـ التي أسندها في الكافي عن إسماعيل بن جابر ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «لو أنّ الناس أخذوا ما أمرهم الله فانفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم ، ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم»(3) .

   وفيه : مضافاً إلى ضعف السند في الطريقين ، وإلى ما سمعت من الأعمية ، أنّ الإنفاق الوارد فيها ظاهر في غير ما نحن فيه كما لا يخفى .

   خامسها : أنّ الحركات الصلاتية من القيام والقعود والركوع والسجود مصداق للتصرف في المغصوب ومتحدة معه فتحرم ، وبما أنّ الحرام لا يكون مصداقاً للواجب ومحقّقاً للعبادة ، لامتناع التقرب بالمبغوض فتفسد أيضاً بطبيعة الحال .

   وفيه أوّلاً : أنّ مصداق العبادة هو نفس الهيئات الخاصة ، وأمّا الحركات فهي من سنخ المبادئ والمقدمات . فالهيئة الركوعية المتحصّلة من الانحناء الكذائي هي حقيقة الركوع بالذات ، فهي المأمور به دون الانحناء نفسه ، وهكذا السجود ونحوه فلا اتحاد بين المتعلّقين بعد كونهما من مقولتين مختلفتين إحداهما الوضع والاُخرى مقولة الفعل .

   وثانياً : مع التسليم والبناء على أنّ الحركات بأنفسها هي الأجزاء دون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 2 : 426 .

(2) الوسائل 5 : 119 / أبواب مكان المصلي ب 2 ح 2 ، تحف العقول : 174 .

(3) الوسائل 5 : 119 / أبواب مكان المصلي ب 2 ح1 ، الفقيه 2 : 31 / 121 ، الكافي 4 :    32 / 4 .

ــ[132]ــ

الهيئات فلا ينبغي الشك في تغايرها مع الحركات الغصبية ، لقيام هذه بالبدن وتلك بالمغصوب . ومن الضروري أنّ تباينها يستوجب تباين الحركات القائمة بهما ، غاية الأمر أنّ إحدى الحركتين علّة لحصول الاُخرى ، نظير حركة اليد بالإضافة إلى حركة المفتاح . إذن فلم تكن إحداهما عين الاُخرى ليكون المقام من صغريات مسألة الاجتماع .

   سادسها : أنّ اللباس المغصوب محكوم بوجوب الإبانة والنزع وردّه إلى مالكه ، ومن البيّن انّ الأمر بالنزع أمر بالإبطال ، فكيف يجتمع مع الأمر بضدّه وهو الصلاة المشروطة باللبس ، فانّه لا يصححه حتى الترتب ، إذ لا معنى للأمر بالإبطال وبعدمه على نحو الترتب كما لا يخفى ، وهذا الوجه يختص بالساتر .

   وفيه أوّلاً : أنّ الأمر بالنزع أمر بايجاد ذات المبطل لا بنفس الإبطال وبينهما فرق واضح ، فلا مانع من الأمر بالصلاة مترتباً على عدم الإتيان بالمبطل .

   وثانياً : مع التسليم فالمأمور به هو الإبطال الخاص لا مطلق الإبطال كي لا يمكن الأمر بضده على سبيل الترتب ، فيقال له : أبطل صلاتك بنزع ثوبك وإلا فأتمها .

   سابعها : أنّ النهي عن الغصب وإن لم يكن بنفسه موجباً لفساد العبادة نظراً إلى أنّ الشرط بعد أن لم يكن بنفسه عبادة ، وإنّما العبادي تقيّد الصلاة به ، حيث إنّه جزء منها لا ذات القيد لخروجه عنها ، فلا جرم كان الأمر به توصلياً مقدمة لحصول التقيّد المزبور ، فلا مانع من اتصافه بالحرمة ، من غير فرق في ذلك بين الشرائط المتقدمة والمقارنة . إلا أنّه في خصوص الشرط المقارن يفهم العرف من ضم دليل النهي إلى [دليل] الشرط اختصاصه بغير الفرد المنهي عنه ، فاذا ورد الأمر بالصلاة المشروطة باللباس وورد النهي عن التصرف في لباس خاص كان المتفاهم العرفي بعد ضم أحد الدليلين إلى الآخر تقيّد إطلاق الأمر بغير مورد النهي . ونتيجة ذلك اختصاص المأمور به باللباس المباح ، فالمقرون بغيره لم يكن مصداقاً للمأمور به .

ــ[133]ــ

من غير فرق بين الساتر وغيره وكذا في محموله (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفيه : أنّ هذا إنّما يتجه فيما إذا كان الشرط هو اللباس في نفسه ، وليس كذلك ، بل الشرط حسبما يستفاد من النصوص هو التستر الحاصل من اللباس كي لا يكون عارياً ، فيكون اللبس مقدّمة لتحصيل ما هو الشرط ، فلم يكن النهي متعلقاً ببعض ما اعتبر شرطاً كي يكون ضمه إلى دليل الأمر موجباً لتقييد الإطلاق حسبما اُفيد .

   على أنّ هذا الوجه لو تمّ لاختص بالساتر ، ولا يشمل مطلق الملبوس .

   والمتحصّل من جميع ما تقدّم : أنّ الوجوه المستدل بها للإباحة كلّها مخدوشة وغير ناهضة للركون إليها ، ومقتضى الصناعة عدم اعتبارها في اللباس ، من غير فرق بين الساتر وغيره ، والملبوس والمحمول والمتحرك بحركة المصلّي وغير المتحرّك ، وإن كان الاحتياط مما لا ينبغي تركه ، لمكان الإجماعات المتكررة دعواها في كلمات الأصحاب ولا سيما في الساتر ، حيث إن جمّاً غفيراً منهم خصوا الاعتبار به ، وقد عرفت اختصاص بعض الوجوه المتقدمة(1) به ، بل يظهر منهم التسالم عليه ، حيث لم يعلم مخالف صريح من قدماء الأصحاب عدا ما نسبه الكليني إلى الفضل بن شاذان(2) . وهذا هو الذي يمنعنا عن الجزم بالصحة في الساتر . ومن ثم كان الاحتياط فيه أشدّ وآكد .

   فالنتيجة : هو التفصيل بين الساتر فالأحوط وجوباً(3) إباحته ، وبين غيره من الملبوس والمحمول فالأقوى عدم الاعتبار وإن كان رعاية الاحتياط أولى .

   (1) لاشتراك مناط البحث في الجميع ، وقد عرفت أنّ الأظهر عدم الاعتبار فيما عدا الساتر بالفعل فلاحظ .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [وهو الوجه السادس والسابع] .

(2) الكافي 6 : 94 .

(3) ولكن يظهر من تعليقته الشريفة (دام ظلّه) الفتوى بذلك ، ولم يتّضح وجهه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net