ــ[154]ــ
بل لا فرق بين أن يكون مما ميتته نجسة أو لا (1) كميتة السمك ونحوه مما ليس له نفس سائلة على الأحوط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقام ، فانّ محلّ الكلام مانعية الميتة التي هي جهة عرضية ترتفع بالتذكية في المحل القابل ، أما البطلان فيما لا يؤكل فهو مستند إلى مانع ذاتي لا تؤثر التذكية في ارتفاعه ولا تجوز الصلاة فيه ذكي أم لا ، حياً كان أو ميتاً ، كما صرح بهذا التعميم في موثقة ابن بكير حيث قال (عليه السلام) : « . . . فالصلاة في كلّ شيء منه فاسد ، ذكاه الذبح أو لم يذكه»(1) . فمورد اشتراط التذكية أو مانعية الميتة خصوص محلل الأكل كما اُشير إليه أيضاً في الموثقة .
(1) كما اختاره شيخنا البهائي في حبل المتين ونقله عن والده(2) استناداً إلى إطلاق النصوص الشامل لما كانت له نفس سائلة فكانت ميتته نجسة ، وما لا نفس له سائلة كالسمك ، خلافاً لجماعة منهم صاحب الجواهر(3) والمحقق الهمداني(4) فأنكروا الإطلاق .
إمّا للانصراف إلى الأول ـ كما في الجواهر ـ خصوصاً مع التصريح في بعضها بدبغ الجلود ولو سبعين مرة(5) الذي هو طعن على ما ترتئيه العامة من حصول الطهارة بالدبغ ، فانّ من الواضح أنّ ميتة غير ذي النفس طاهرة لا تحتاج إلى الدبغ ، ومن ثم تكون خارجة عن منصرف النصوص .
وإمّا لما ذكره المحقق الهمداني (قدس سره) من أنّ مناسبة الحكم والموضوع تستوجب الاختصاص ، نظراً إلى ما هوالمرتكز في الأذهان من نجاسة الميتة واشتراط الصلاة بالطهارة وأنّ مانعيتها إنّما هي من أجل النجاسة . فلا جرم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 345 / أبواب لباس المصلي ب 2 ح 1 .
(2) حبل المتين : 180 .
(3) الجواهر 8 : 63 .
(4) مصباح الفقيه (الصلاة) : 119 السطر 12 .
(5) كما في صحيحة ابن مسلم المتقدمة في ص 148 .
ــ[155]ــ
تختص بذي النفس السائلة ، هذا .
ولكن الأظهر ما اختاره في المتن من التعميم ، فانّ مورد بعض النصوص وإن كان هو خصوص ذي النفس كموثقة ابن بكير(1) لمكان التعبير بالذبح ضرورة عدم الحاجة إليه في تذكية ما لا نفس له ، وكصحيحة محمد بن مسلم(2) لمكان التعبير بالدبغ كما ذكر ، إلا أنّ صحيحة ابن أبي عمير(3) غير قاصرة الشمول لها ، حيث إنّ لها عموماً وإطلاقاً ، فمن حيث أجزاء الميتة عامة ، لمكان النكرة الواقعة في سياق النفي في قوله : «لا تصلّ في شيء منه» ومن حيث ذي النفس وعدمه مطلقة ، فانّ لفظ الميتة يشمل باطلاقه كلا القسمين .
ومن البيّن أنّ مقتضى الجمود على ظاهرها أنّ الميتة بذاتها وبوصفها العنواني اُخذت موضوعاً للحكم ومناطاً للأثر ، لا أنّها ملحوظة طريقاً ومعرّفاً إلى ما هو النجس لتختص بذي النفس ، خصوصاً في قوله : «حتى في شسع» ولاسيما بناءً على عدم المانعية لما لا تتم الصلاة فيه حتى إذا كان من الأعيان النجسة إذ النجاسة غير مانعة على هذا في مثل الشسع ، فلا جرم تختص المانعية بحيثية كونه من الميتة بما هي ميتة .
ومنه تعرف أنّه لا مجال لدعوى الانصراف ولا قرينية المناسبة بين الحكم وموضوعه ، لابتنائها على لحاظ الميتة على سبيل الطريقية والمعرّفية ، ولا شاهد عليها ، بل ظاهرها أنّها ملحوظة بحيالها وبعنوانها الذاتي ، وشيء مما ذكر لا يصلح لرفع اليد عن هذا الظهور كما لا يخفى .
نعم ، لا ينبغي الشك في انصرافها إلى حيوان له لحم قابل للأكل بعد ورود التذكية عليه ، فلا تشمل مثل البقّ والبرغوث ونحوهما ، فانّها خارجة عن محط النظر في هذه الأخبار ، لعدم كونها قابلة للأكل على التقديرين ، فالمقتضي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المتقدمة في ص 148 .
(2) المتقدمة في ص 148 .
(3) المتقدمة في ص 149 .
|