استثناء الصوف ونحوه مما لا تحلّه الحياة إذا اُخذ من الميتة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3897


ــ[160]ــ

ويستثنى من الميتة صوفها وشعرها ووبرها وغير ذلك مما مرّ في مبحث النجاسات (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وألقى القميص الذي يليه ، فكان يسئل عن ذلك ، فقال : إنّ أهل العراق يستحلّون لباس جلود الميتة ويزعمون أنّ دباغه ذكاته»(1) .

   فانّها ظاهرة في لزوم الاجتناب عما يؤخذ ممن يستحلّه بالدبغ ، ومن ثم ألقى (عليه السلام) الفرو . وأمّا إلقاء القميص الذي يليه فهو إما لأجل إصابته للفرو مع الرطوبة من عرق ونحوه فيتنجّس بالملاقاة ، أو لأجل تعلّق شيء من أجزاء الفرو به من صوف ونحوه ، وإن كان الأظهر بل المتعيّن هو الأول ، إذ الصوف مما لا تحلّه الحياة فلا مانع من حمله في الصلاة ، هذا .

   ولكن السند ضعيف جداً ، لاشتماله على عدة من المجاهيل ، فلا تصلح الرواية للتعويل . على أنّها قاصرة الدلالة ، لعدم صراحتها في لزوم ما صدر منه (عليه السلام) فانّه عمل لا لسان له ، ولعلّه كان على سبيل الاستحباب من باب التورّع والاحتياط الذي هو حسن على كلّ حال ، وإن كان طاهراً في ظاهر الشرع لمكان اليد التي هي أمارة التذكية وعدم كون الجلد من الميتة ، بل لا مناص من الحمل عليه وإن سلّمت الدلالة ولم تكن قاصرة ، لصراحة الصحاح السابقة في جواز الشراء من سوق المسلمين . ومن الواضح البيّن أنّ أكثرهم يومئذ من المخالفين الذين يستحلّون الميتة بالدباغة ، فكيف يمكن حملها على إرادة غير المستحل ، فلم يكن بدّ من الحمل على الاستحباب ، فالاحتياط المذكور في المتن استحبابي لا وجوبي .

   (1) تقدم الكلام حول هذا الاستثناء في مبحث النجاسات(2) بنطاق واسع وذكرنا دلالة جملة من الروايات على طهارة ما لا تحلّه الحياة وعلى جواز

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 462 / أبواب لباس المصلي ب 61 ح 2 ، الكافي 3 : 397 / 2 .

(2) شرح العروة 2 : 423 .

 
 

ــ[161]ــ

الصلاة فيه وإن كان من أجزاء الميتة ، التي منها صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ، إنّ الصوف ليس فيه روح»(1) حيث يفهم من التعليل عموم الحكم لكلّ ما لا روح فيه .

   ولولا تلكم الروايات الناصّة على الجواز لحكمنا بعدمه وإن بنينا على طهارته ، أخذاً باطلاق دليل المنع بعد وضوح عدم الملازمة بين الطهارة وبين جواز الصلاة . ومن ثم حكمنا بطهارة ما لم يعلم أنّه من الميتة . وكذا ميتة ما لا نفس له مع عدم جواز الصلاة في شيء منهما .

   فلا مانع من أن يكون المقام من هذا القبيل لولا ما عرفت من النصوص الصريحة في الجواز ، التي بها ترفع اليد أيضاً عن ظاهر موثقة ابن بكير من اعتبار التذكية حتى فيما لا تحلّه الحياة ، حيث قال (عليه السلام) : «فان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكلّ شيء منه جائز إذا علمت أنه ذكي وقد ذكاه الذبح»(2) فانّها ظاهرة بمقتضى رجوع القيد إلى الجميع في اشتراط التذكية حتى فيما لا تحلّه الحياة .

   لكن صراحة النصوص المزبورة في العدم تستوجب رفع اليد عن هذا الظهور ، والالتزام برجوع القيد إلى الفقرة الأخيرة ، أعني قوله (عليه السلام) : «وكلّ شيء منه» ويكون حاصل المعنى أنّ الصلاة في كل شيء مما يؤكل يتوقف على إحراز التذكية ، ولا ينافي ذلك عدم التوقف في البعض كالصوف ونحوه ، لأنّ مفهوم القضية الشرطية في قوله (عليه السلام) : «وكلّ شيء منه جائز إذا علمت أنّه ذكي» عدم جواز الصلاة في كلّ شيء منه إذا لم تعلم بالتذكية ، فالقضية السالبة في الجملة المفهومية مصوغة على سبيل سلب العموم لا عموم السلب ، ويكفي في سلبه جواز الصلاة في بعض الأجزاء وإن لم تحرز تذكيته ، وإنّما لا يكفي إذا لوحظت القضية بنحو عموم السلب ليلزم الاطّراد في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 513 / أبواب النجاسات ب 68 ح 1 .

(2) الوسائل 4 : 345 / أبواب لباس المصلي ب 2 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net