ــ[177]ــ
وكذا الصدف (1) لعدم معلومية كونه جزءاً من الحيوان ، وعلى تقديره لم يعلم كونه ذا لحم ، وأمّا اللؤلؤ فلا إشكال فيه أصلاً ، لعدم كونه جزءاً من الحيوان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باللحم ، وأمّا الصدر فهو وإن لم يتقيّد به ، بل الموضوع فيه ما حرّم أكله الشامل لما لا لحم له أيضاً ، لكنّه منصرف قطعاً إلى الحيوان الذي له لحم قابل للأكل فما لا لحم له الذي يكون أكله ببلعه ـ كالبق ونحوه ـ منصرف عن النصّ جزماً كما هو ظاهر جداً .
ويؤيده رواية الحلبي قال : «سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه ؟ قال : لا ، وإن كثر»(1) لكنّها ضعيفة السند ـ وإن عبّر عنها بالصحيحة في بعض الكلمات ـ لمكان ابن سنان الذي هو محمد بن سنان بقرينة الراوي والمروي عنه كما لا يخفى .
نعم ، هناك رواية اُخرى لا بأس بالاستدلال بها وهي موثقة عبدالله بن أبي يعفور قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما تقول في دم البراغيث ؟ قال : ليس به بأس ، قلت : إنه يكثر ويتفاحش ، قال : وإن كثر»(2) فانّ المراد السؤال عن حكم ذلك في الصلاة ـ وإن لم يصرح بها ـ ولذا سأل ثانياً أنّه يكثر ويتفاحش ، لتخيّله اختصاص العفو بمقدار الدرهم مثلاً كما في سائر الدماء وإلا فلو أراد السؤال عن حكمه ـ في نفسه ـ كان السؤال الثاني لغواً ، لوضوح عدم الفرق في نجاسة الشيء بين قليله وكثيره .
وعلى الجملة : فالمقتضي للمنع في نفسه قاصر أوّلاً ، وعلى تقدير ثبوته فالمانع موجود كما عرفت .
(1) إذ لم يثبت أولاً أنّ ما يتكوّن فيه حيوان كي يكون الصدف جزءاً منه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 3 : 431 / أبواب النجاسات ب 20 ح 7.
(2) الوسائل 3 : 435 / أبواب النجاسات ب 23 ح 1 . [الظاهر كونها صحيحة اصطلاحاً فلاحظ] .
ــ[178]ــ
[1283] مسألة 15 : لا بأس بفضلات الإنسان ، ولو لغيره كعرقه ، ووسخه وشعره ، وريقه ، ولبنه(1) فعلى هذا لا مانع في الشعر الموصول بالشعر ، سواء كان من الرجل أو المرأة ، نعم لو اتخذ لباساً من شعر الإنسان فيه إشكال ((1)) سواء كان ساتراً أو غيره ، بل المنع قوي خصوصاً الساتر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أم أنّه ليس بحيوان رأساً ، بل هو جسم نام على هذه الكيفية الخاصة .
وعلى تقديره فهل إنّ الصدف جزء منه أو إنّه ظرف ووعاء لتكوّن الحيوان فيه .
وعلى تقديره أيضاً فهل هو ذو لحم أو أنّه جلد أو قشر محض ، كبعض الحيوانات التي لا لحم لها . والتشكيك في كلّ من هذه النواحي كاف في عدم ثبوت المنع والرجوع إلى البراءة كما هو ظاهر .
وصحيح علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) : «سألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر والفرات أيؤكل ؟ قال (عليه السلام) : ذلك لحم الضفادع لا يحلّ أكله»(2) غير ظاهر في ثبوت اللحم لهذا الحيوان ، لجواز أن يكون المراد أنّ هذا لحم الضفدع وقد دخل في الصدف غذاء لهذا الحيوان لا أنّه لحمه وهو غذاء الضفدع ، فلا يخلو الصحيح عن الإجمال .
وأمّا اللؤلؤ فالأمر فيه أظهر ، إذ لم يثبت كونه جزءاً من الحيوان أصلاً ولعلّه من قطرات المطر تبدلت عند وقوعها على الصدف لؤلؤاً ، كما اُشير إلى ذلك في بعض الأشعار الفارسية فلاحظ . وقد قامت السيرة القطعية على جواز لبسه في الصلاة .
(1) لقيام السيرة على عدم الاجتناب عن هذه الاُمور في الصلاة ، من غير فرق بين كونها من نفس المصلّي أو من غيره ، بل إنّ بعضها كالظفر والسن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والأظهر الجواز بلا فرق بين الساتر وغيره.
(2) الوسائل 24 : 146 / أبواب الأطعمة المحرمة ب 16 ح 1 .
ــ[179]ــ
وإرضاع المرأة طفلها في الصلاة منصوص بالخصوص ، وهل يحكم بالجواز في غير مورد السيرة والنصّ كما لو اتخذ لباساً من شعر الإنسان أو لا ؟ استشكل فيه في المتن ، من غير فرق بين كونه ساتراً أم غيره ، بل ذكر (قدس سره) أنّ المنع قوي خصوصاً في الساتر .
ومبنى الإشكال هو أنّ الموثّق ـ الذي هو العمدة في المقام ـ هل يعمّ أجزاء كلّ ما لا يؤكل لحمه حتى الإنسان ، أو يختص بالحيوان غير الإنسان ؟ فعلى الأوّل يقتصر في التخصيص على المقدار المتيقن الذي قام عليه الدليل من السيرة أو النص ، ويرجع فيما عدا ذلك إلى العام المقتضي للمنع ، وحيث إنّ اللباس المتخذ من شعر الإنسان لم يرد فيه نص بالخصوص ولم يكن مورداً للسيرة كي يثبت التخصيص بالنسبة إليه زائداً على المقدار المعلوم فهو مشمول للعموم ، ومقتضاه بطلان الصلاة فيه .
وعلى الثاني فحيث إنّ المقتضي للمنع قاصر في حد نفسه لعدم ثبوت العموم بالنسبة إليه فالمرجع حينئذ عند الشك أصالة البراءة .
وكأن الماتن (قدس سره) اختار الأوّل ، ولأجله بنى على عدم الجواز . لكنّ الأظهر هو الثاني ، لقصور المقتضي وعدم ثبوت الإطلاق في الموثق ، لانصراف عنوان ما لا يؤكل عن الإنسان جزماً ، إذ المنسبق منه إلى الذهن عرفاً ما يكون لحمه متعارف الأكل غايته قد يكون محلّلاً واُخرى محرّماً ، وليس الإنسان من هذا القبيل بالضرورة .
وإن شئت فقل : عنوان ما لا يؤكل يتضمن النهي عن الأكل ، فيستدعي أن يكون هناك آكل ومأكول ، والمخاطب بالنهي إنّما هو الإنسان ، فهو الآكل وهو الطرف للإضافة ، فيكون الطرف الآخر ـ أعني المأكول ـ غيره من بقية الحيوانات .
وبالجملة : لا ينبغي التشكيك في انصراف هذا العنوان عن الإنسان فالمقتضي للمنع قاصر في حدّ نفسه . فالأقوى جواز الصلاة في الثوب المنسوج
|