ــ[202]ــ
[1286] مسألة 18 : الأقوى جواز الصلاة في المشكوك كونه من المأكول (1) أو من غيره ، فعلى هذا لا بأس بالصلاة في الماهوت ، واما إذا شك في كون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكنّها : مضافاً إلى الإرسال مختصة بحال الضرورة ، فهي أخصّ من المدعى .
ومنها : صحيحة علي بن يقطين قال : «سألت أباالحسن (عليه السلام) عن لباس الفراء والسمور والفنك والثعالب وجميع الجلود ، قال : لا بأس بذلك»(1) بدعوى شمول جميع الجلود للحواصل .
وفيه : أنّ السؤال إنّما هو عن اللبس دون الصلاة ، فهي أجنبية عمّا نحن فيه .
ومنها : صحيحة الريان بن الصلت قال : «سألت أباالحسن الرضا (عليه السلام) عن لبس الفراء والسمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها ، والمناطق والكيمخت والمحشو بالقز والخفاف من أصناف الجلود ، فقال : لا بأس بهذا كلّه إلا بالثعالب»(2) .
وفيه : أنّها أيضاً واردة في اللبس ، نعم يمكن القول بأنّ استثناء الثعالب يكشف عن إرادة الصلاة ، وإلا لم يبق مورد للاستثناء ، لوضوح عدم الفرق في جواز اللبس بين الثعالب وغيرها . إلا أن يقال : إنّ الوجه في الاستثناء بعد اشتراك جميع الجلود المتخذة من غير المأكول في كراهة اللبس أنّ المأخوذة من الثعالب أشد كراهة وأكثر مرجوحية .
إذن فلا سبيل للاستدلال بها على جواز الصلاة في الحواصل . ومعه كان المرجع عموم ما دلّ على المنع عن الصلاة في غير المأكول من موثقة ابن بكير وغيرها .
(1) اختلفت الأنظار في جواز الصلاة فيما يشك في جزئيته لما لا يؤكل لحمه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 352 / أبواب لباس المصلي ب 5 ح 1.
(2) الوسائل 4 : 352 / أبواب لباس المصلي ب 5 ح 2 [وفي التهذيب 2 : 369/ 1533 : فراء السمور] .
ــ[203]ــ
شيء من أجزاء الحيوان أو من غير الحيوان فلا إشكال فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أقوال :
أحدها : عدم الجواز مطلقاً . وهذا هو المشهور بين الفقهاء ، بل عن المدارك نسبته إلى قطع الأصحاب(1) .
الثاني : الجواز مطلقاً . اختاره المحقق الأردبيلي(2) وقال [به] السيد صاحب المدارك(3) وجمع آخرون ، بل إنّ هذا في الجملة هو المعروف بين المتأخرين كما ستعرف .
الثالث : التفصيل بين الشرطية والمانعية ، وأنّه بناء على أن يكون الشرط في صحة الصلاة كون اللباس من النبات أو من حيوان مأكول اللحم فمع الشك يحكم بالفساد ، لعدم إحراز الشرط . وأمّا بناءً على القول باعتبار المانعية وأنّ إيقاع الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه مانع عن الصحة يندفع المانع لدى الشك بأصالة العدم ، ويحكم بجواز الصلاة فيه . اختاره صاحب الجواهر(4) هذا .
وقد ذكر شيخنا الاُستاذ (قدس سره)(5) أنّ هذا القول ليس تفصيلاً في المسألة ، إذ بناءً على الشرطية لا إشكال في عدم الجواز ، للزوم إحراز الشرط . ومحلّ الكلام جوازاً ومنعاً إنّما هو بناءً على القول بالمانعية .
لكنّك ستعرف إن شاء الله تعالى أنّ مقتضى بعض أدلّة القائلين بالجواز عدم الفرق بين الشرطية والمانعية(6) فالتفصيل بين المبنيين قول ثالث في المسألة .
الرابع : التفصيل بين ما يكون مع المصلي من افتتاح صلاته وما يقع عليه أو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المدارك 4 : 214 .
(2) مجمع الفائدة والبرهان 2 : 95 .
(3) المدارك 3 : 167 .
(4) الجواهر 8 : 80 فما بعد .
(5) رسالة الصلاة في المشكوك : 8 .
(6) كالوجه الرابع الآتي في ص 245 .
ــ[204]ــ
يلبسه بعد الشروع فيها ، بالجواز في الثاني وعدمه في الأول .
وهذان التفصيلان هما الأساس في المقام . وأمّا التفاصيل الاُخر من بقية الأقوال المذكورة في المسألة فكلّها من شؤون التفصيل الأوّل ـ أعني الفرق بين الشرطية والمانعية ـ ومما يترتب ويتفرع عليه .
فمنها : التفصيل بين اللباس وغيره من المحمول ونحوه ، فيحكم بالبطلان في الأوّل دون الثاني . اختاره صاحب الجواهر (قدس سره) في نجاة العباد(1) وأقرّ عليه شيخنا الأنصاري (قدس سره) في التعليقة . فكأنّهما (قدس سرهما) يريان أنّ من شرائط اللباس كونه من أجزاء ما يؤكل إذا كان متخذاً من الحيوان وأمّا غير اللباس فلم يشترط فيه شيء ، بل هناك اعتبار المانعية إذا كان من أجزاء ما لا يؤكل ، ففي الأول يحكم بالبطلان لدى الشك لعدم إحراز الشرط وفي الثاني يحكم بالصحة دفعاً للمانع المحتمل بالأصل .
ومنها : التفصيل بين الساتر وغيره ، فيحكم بالبطلان في الأول دون الثاني سواء أكان ملبوساً أم محمولاً أو غيرهما . وهو أيضاً مبني على ما عرفت من اختصاص اعتبار الشرطية في الساتر بخصوصه فلا بدّ من إحرازه في الحكم بالصحة ، وفي غيره لم يعتبر الا المانعية المدفوعة بالاصل .
ومنها : ما ذكره السيد (قدس سره) في المتن من التفصيل بين ما يعلم كونه من أجزاء الحيوان ويشك في كون الحيوان مما يؤكل أو لا يؤكل ، وبين ما لم يعلم كونه من الحيوان أو من غيره ، فجعل الجواز في الثاني مما لا إشكال فيه وأمّا في الأول فذكر أنّه الأقوى . فهو (قدس سره) وإن حكم بالجواز في كلتا الصورتين لكنه جعله في إحداهما أظهر . وهو أيضاً مبني على ما عرفت من التفصيل المتقدم ، إذ لا يحتمل الشرطية مع الشك في كونه من أجزاء الحيوان فانّ القائل بها يخصصها بما علم كونه منه كما لا يخفى ، فليس هناك إلا احتمال المانعية المدفوعة بالأصل ، نعم في صورة العلم [بكونه من أجزاء
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نجاة العباد : 89 ـ 90 .
ــ[205]ــ
الحيوان] والشك في كون الحيوان مما يؤكل أو من غيره يحتمل كل من القولين ، وحيث إنّه (قدس سره) بنى على المانعية اختار الجواز فجعله أقوى .
هذه هي حال الأقوال في المسألة ، وسيتضح المختار منها .
|