ــ[330]ــ
سواء كان ساتراً للعورة أو كان الساتر غيره (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع ـ المتقدّمة بقوله (عليه السلام) : «ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس» فعلّق الجواز بما إذا لم يكن النقش تمثالاً .
وعلى هذا فترتفع المعارضة ، إذ النسبة حينئذ بينها وبين الصحاح المتقدّمة المانعة نسبة الإطلاق والتقييد ، فتحمل هذه على غير الخالص .
وإن أبيت إلا عن الاتحاد ـ كما عن الأقرب ـ فلا مناص عن الحمل على التقية ، لذهاب العامّة إلى جواز الصلاة في الحرير المحض(1) .
وأمّا الحمل على الكراهة فهو وإن أمكن بالنسبة إلى الخبرين الأخيرين من الصحاح الأربع المتقدّمة ، لكنّه لا يتمشّى في الاُوليين منها ، للتصريح فيهما بعدم الحلّية الممتنع حمله عليها ، إذ المراد بها في المقام الحلّية الوضعية ـ كما لا يخفى ـ بمعنى سدّ الطريق قبال فتحه ، المساوق للبطلان ، دون التكليفية كي تقبل الحمل على الكراهة .
(1) كما نصّ عليه جمع من الأصحاب ، لإطلاق الأدلّة الشامل لما كان ساتراً بالفعل وغيره .
نعم ، لو استندنا في البطلان إلى الحرمة النفسية ، بدعوى أنّ الساتر إذا كان حراماً فوجوده كعدمه ، إذ يعتبر في الشرط ـ أعني الستر ـ أن يكون مصداقاً للمباح ، فلو تستّر بالحرير المحرّم فكأنه لم يتستّر ، فتبطل الصلاة لفقدها شرطية الستر . كان اللازم حينئذ اختصاص البطلان بالساتر كما تقدّم(2) نظير هذه الدعوى في الذهب .
لكنّها مضافاً إلى فسادها في نفسها ـ كما أشرنا إليه هناك ـ لا نستند إليها في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حلية العلماء 2 : 67 ، المغني 1 : 661 ، الشرح الكبير 1 : 506 ، المجموع 3 : 180 [والمراد من الجواز هنا هو الصحة ، لا الحكم التكليفي ، لأنهم يذهبون إلى حرمة لبسه] .
(2) عن العلامة في ص 308 .
ــ[331]ــ
وسواء كان مما تتم فيه الصلاة أو لا على الأقوى((1)) كالتكّة والقلنسوة ونحوهما (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحكم بالبطلان ، بل المستند في المقام الروايات المتقدمة المصرّحة بالبطلان الشاملة باطلاقها للساتر وغيره كما عرفت .
(1) اختلفت كلمات الاصحاب في جواز الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه منفرداً من الحرير ـ أي ما لا يكون ساتراً حتى بالقوّة ـ وعدمه ، فالأشهر بل المشهور هو الجواز . وعن الشيخ المفيد(2) والصدوق(3) وابن الجنيد(4) والعلامة في المختلف(5) وجمع من متأخّري المتأخّرين كصاحب المدارك(6) والمجلسي(7) والكاشاني(8) والفاضل الخراساني في الذخيرة(9) وغيرهم اختيار المنع ، وتبعهم السيد (قدس سره) في المتن ، وقوّاه صاحب الحدائق (قدس سره)(10) وبالغ الصدوق في المنع فقال : لا تجوز الصلاة في تكّة رأسها من إبريسم(11) ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الأخبار كما ستعرف .
وأمّا ما استند إليه في الحدائق ـ ولو بنحو التأييد ـ للقول بالمنع من عموم الأخبار المانعة من الصلاة في الحرير المحض ، فغير سديد ، إذ الموضوع في تلك
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في القوة إشكال، نعم هو أحوط.
(2) المقنعة : 150 .
(3) المقنع : 80 ، الفقيه 1 : 171 / ذيل ح 807 ، 810 .
(4) حكاه عنه في المختلف 2 : 98 .
(5) المختلف 2 : 99 .
(6) المدارك 3 : 179 .
(7) البحار 80 : 241.
(8) مفاتيح الشرائع 1 : 110 .
(9) ذخيرة المعاد : 227 السطر 42 .
(10) الحدائق 7 : 97 .
(11) الفقيه 1 : 172 / ذيل ح 810 .
ــ[332]ــ
العمومات الثوب من الحرير أو الإبريسم ، غير الصادق على مثل التكّة والقلنسوة ونحوهما ممّا لا تتمّ الصلاة فيه ، لا مطلق اللبس كي يشملها فلاحظ .
وكيف كان ، فالعمدة في المقام اختلاف الأخبار كما عرفت ، فانّ مقتضى الإطلاق في صحيحتي محمد بن عبد الجبار المتقدمتين(1) المنع ، بل إنّ لهما قوة ظهور في ذلك زائداً على الإطلاق ، من جهة أنّ موردهما هو القلنسوة التي لا تتم فيها الصلاة ، فهما باعتبار المورد كالنصّ في ذلك ، لاستهجان التخصيص به .
ودعوى أنّ الحرير مختص لغة بالثوب فلا يشمل ما لا تتم ، يدفعها مضافاً إلى منعها ، إذ لا شاهد عليها ، أنّ التكّة والقلنسوة قد اُضيفتا إلى الحرير المحض في الصحيحتين الكاشف عن صدقه عليهما كصدقه على الثوب فلاحظ . ـــــــــــــــ
(1) في ص 327 .
|