وأمّا الصورة الثالثة : فيظهر الحال فيها ممّا مرّ ، فانّها مجمع للصورتين المتقدّمتين ، فاذا دار الأمر بين الذهب والحرير فمن حيث المانعية ملحقة بالصورة الاُولى ، فهي مندرجة في باب التعارض وحكمه التخيير ، دفعاً لاحتمال المانعية لخصوص كلّ منهما بأصل البراءة كما عرفت . ومن حيث الحرمة النفسية ملحقة بباب التزاحم ، وحيث لا ترجيح فالحكم أيضاً هو التخيير . كما أنّ نسبة الحرمة النفسية من كلّ منهما إلى الوضعية في الاُخرى على حد سواء ، فلا ترجيح بوجه من الوجوه .
وإذا دار بين أحدهما وبين المغصوب فمن حيث المانعية في الغصب ـ على القول بها ، وإن كانت تابعة ـ تقع المعارضة بينها وبين المانعية في أحدهما ، فمن هذه الجهة الحكم هو التخيير ، وأمّا من حيث الحرمة النفسية فهما من باب المتزاحمين ، والقدرة المعتبرة فيهما عقلية كما لا يخفى ، فتصل النوبة إلى الترجيح بالأهمّية ، وحيث إن حرمة الغصب أهم من حرمة لبس الذهب أو الحرير ، إذ ليس في موردهما إلاّ حقّ الله تعالى فقط ، وأمّا الغصب فارتكابه يتضمّن تضييع حقّ الناس زائداً على حقّه تعالى ، فالمتعيّن تركه والصلاة في أحدهما .
وبعبارة اُخرى : حرمة الغصب نفساً تتزاحم مع كلّ من التحريمين الثابتين للذهب والحرير النفسي والوضعي ، وتقدّم عليهما بملاكين ، فانّها تتقدّم على حرمتهما النفسية بملاك الأهمية ، وعلى حرمتهما الوضعية بملاك تقدّم القدرة العقلية على الشرعية كما ظهر وجهه ممّا بيّناه .
|