ــ[416]ــ
[1315] مسألة 47 : إذا كان عنده ثوبان يعلم أنّ أحدهما حرير أو ذهب أو مغصوب والآخر ممّا تصحّ فيه الصلاة لا تجوز الصلاة في واحد منهما ، بل يصلّي عارياً (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعليه فلو تجدّدت القدرة ولو في آخر الوقت كشف ذلك لا محالة عن انتفاء الموضوع من أوّل الأمر ، وأنّه لم يكن مأموراً بالبدل في صقع الواقع وإن توهّمه وتخيّله .
نعم ، ظاهر مرسلة ابن مسكان جواز البدار في المقام ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «في الرجل يخرج عرياناً فتدركه الصلاة ، قال : يصلّي عرياناً قائماً إن لم يره أحد ، فان رآه أحد صلّى جالساً»(1) . ولكنّها مضافاً إلى ضعف السند محمولة على من علم من حاله استمرار الاضطرار إلى انتهاء الوقت كما لا يخفى .
وأمّا الثاني : فالظاهر جواز البدار ظاهراً ، استناداً إلى استصحاب بقاء العذر إلى نهاية الوقت ، بناءً على ما هو الأصحّ من جريانه في الاُمور الاستقبالية كالحالية ، فانّه بذلك يحرز موضوع الانتقال إلى البدل .
أجل لمّا كان هذا الجواز حكماً ظاهرياً يستند إلى الاستصحاب فلا جرم كان اعتباره مغيى بعدم انكشاف الخلاف ، فلا يجري مع كشفه ، إذ به يعلم عدم تحقّق الموضوع من الأوّل ، ومعه لا مناص من الإعادة .
وبالجملة : فالصحّة تدور مدار استمرار العذر ، فان استمر صحّ العمل وان احتمل وقتئذ زواله ، وإن لم يستمر لم يصح ، وإن علم بالاستمرار آنذاك بعلم وجداني أو تعبّدي من استصحاب ونحوه فلاحظ .
(1) تنحلّ المسألة إلى صور ثلاث :
إحداها : ما لو كان له ثوبان يعلم إجمالاً بأنّ أحدهما لا يجوز لبسه ولا الصلاة فيه ، لكونه ذهباً أو حريراً أو مغصوباً ، وحكمه ما ذكره في المتن من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 449 / أبواب لباس المصلي ب 50 ح 3 .
ــ[417]ــ
تركهما والصلاة عارياً ، لتنجيز العلم الإجمالي المانع من الاقتحام في شيء من الطرفين بحكم العقل بعد معارضة الأصل المؤمّن في كلّ منهما بالآخر ، فانّه بذلك يصبح عاجزاً عن استعمال الثوب السائغ الموجود في البين ، فلا مناص من الصلاة عارياً .
نعم ، ربما يناقش بمعارضته بعلم إجمالي آخر ، وهو وجوب لبس أحدهما في الصلاة رعاية للستر الواجب فيها ، فيكون إذن من سنخ الدوران بين المحذورين المحكوم عقلاً بالتخيير ، نظراً إلى أنّ للعلم الإجمالي مقتضيين : أحدهما حرمة المخالفة القطعية ، والآخر وجوب الموافقة كذلك .
والأوّل وإن تيسّر في المقام بأن يلبس أحد الثوبين دون الآخر ، إذ لا قطع حينئذ بالمخالفة لشيء من العلمين الإجماليين ، لكن الثاني متعذّر ، لامتناع الجمع بين لبس الثوبين وتركهما ، فلا جرم تسقط الموافقة القطعية ، ويكتفى بالموافقة الاحتمالية ، بأن يلبس أحدهما ويترك الآخر ، مخيّراً بينهما بعد عدم مرجّح للتقديم حتى احتمال الأهمّية ، ضرورة أنّه إنّما ينفع فيما إذا وقعت المزاحمة بين نفس التكليفين فيتقدّم حينئذ محتمل الأهمّية ، للقطع بسقوط الإطلاق في غير المحتمل إمّا للتساوي أو لكون غيره أهم ، فيبقى الإطلاق في المحتمل على حاله .
وأمّا في المقام فمورد المزاحمة إحراز الامتثالين لا نفس التكليفين ، ومعه لا موقع للتقديم بالمرجّح المزبور إلاّ إذا اُحرز اهتمام الشارع بامتثال ما هو أهم ولو احتمالاً كما في الدماء والفروج والأموال الخطيرة ، لأنّ مرجع ذلك إلى إيجاب الاحتياط . ومن البيّن أنّ ما يجب فيه الاحتياط يتقدّم على ما لا يجب .
فلو نذر أن يقتل كافراً مهدور الدم في وقت معيّن فرأى شخصاً مردّداً بينه وبين مؤمن محقون الدم ، أو نذر أن يجامع زوجته في ليلة معيّنة ، أو وجب الوطء لمضيّ أربعة أشهر وتردّدت المرأة بين الزوجة والأجنبية ، فانّه لا يجوز القتل ولا الوطء لمكان اهتمام الشارع بحفظ النفوس والفروج الموجب لتقديم إحراز أحد الامتثالين على الآخر كما هو واضح .
وتندفع المناقشة بأنّ الكبرى المزبورة وإن كانت وجيهة ولكنّها غير منطبقة
|