ــ[428]ــ
الحادي عشر : الخاتم الذي عليه صورة (1) . الثاني عشر : استصحاب الحديد البارز (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومقتضى الجمع العرفي بينها هو الحمل على الكراهة ، بعد وضوح عدم إمكان حمل نصوص الجواز الكثيرة على راكب الدابّة الذي هو فرد نادر ، بل إنّ مقتضى الرواية الأخيرة أفضلية ترك التلثّم وكراهته ، من غير فرق بين الرجل والمرأة . وكيف ما كان ، فالقول بالحرمة ضعيف غايته .
(1) سيأتي البحث عنه في الأمر الثامن عشر ، أعني الثوب ذا التماثيل .
(2) على المشهور ، خلافاً لما عن الشيخ في النهاية(1) وابن البراج(2) والكليني(3) والصدوق(4) وجماعة آخرين من القول بالحرمة استناداً إلى روايات :
منها : ما رواه الشيخ باسناده عن موسى بن أكيل النميري عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في الحديد ، إنّه حلية أهل النار ـ إلى أن قال : ـ وجعل الله الحديد في الدنيا زينة الجنّ والشياطين ، فحرّم على الرجل المسلم أن يلبسه في الصلاة ، إلاّ أن يكون قبال عدوّ فلا بأس به . قال قلت : فالرجل يكون في السفر معه السكّين في خفّه لا يستغني عنها (عنه) أو في سراويله مشدوداً ومفتاح يخشى إن وضعه ضاع ، أو يكون في وسطه المنطقة من حديد ، قال : لا بأس بالسكّين والمنطقة للمسافر في وقت ضرورة ، وكذلك المفتاح إذا خاف الضيعة والنسيان ، ولا بأس بالسيف وكلّ آلة السلاح في الحرب ، وفي غير ذلك لا تجوز الصلاة في شيء من الحديد ، فانّه نجس ممسوخ»(5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النهاية : 98 .
(2) لاحظ المهذب 1 : 75.
(3) الكافي 3 : 404 [حيث نقل روايتين تدلاّن بظاهرهما على الحرمة ولم يناقش دلالتهما] .
(4) المقنع : 83 .
(5) الوسائل 4 : 419 / أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 6 ، التهذيب 2 : 227 / 894 .
ــ[429]ــ
وفيه : أنّها ضعيفة السند بالإرسال فلا يعوّل عليها . على أنّها مطلقة فتشمل البارز والمستور ، ولا سيما بمقتضى عموم التعليل بكونه حلية أهل النار ، بل هي كالصريحة في الشمول للثاني بموجب التمثيل بالسكين والمفتاح المستورين غالباً بالوضع في الجيب ، ومع ذلك قد منع عنهما في غير مورد الضرورة .
فالتخصيص بالبارز كما في كلمات القوم مناف للإطلاق المزبور ، وليس له وجه ظاهر عدا مرسلة الكليني قال : «وروي إذا كان المفتاح في غلاف فلا بأس»(1) . وما في التهذيب من قوله : وقد قدّمنا رواية عمار الساباطي أنّ الحديد متى كان في غلاف فانّه لا بأس بالصلاة فيه(2) .
لكن الاُولى ضعيفة السند بالإرسال ، والثاني سهو من قلمه الشريف ظاهراً ، حيث لم يتقدّم منه ذلك .
وبالجملة : فالرواية لضعفها لا تصلح لإثبات الحرمة ، نعم لا بأس في الاستناد إليها للقول بالكراهة بناءً على قاعدة التسامح ، لكن مقتضاها الكراهة مطلقاً ، من غير اختصاص بالبارز حسبما عرفت .
ومنها : ما رواه الصدوق باسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) ـ في حديث المناهي ـ قال : «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن التختّم بخاتم صفر أو حديد»(3) وما رواه أيضاً مرسلاً عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : « لا يصلّي الرجل وفي يده خاتم حديد»(4) .
لكن الاُولى ضعيفة السند ، لجهالة شعيب ، وإهمال ابن زيد . على أنّ فيها الصفر ، ولا قائل بكراهة لبسه . وكذا الثانية بالإرسال .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 418 / أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 3 ، الكافي 3 : 404 / 35 .
(2) التهذيب 2 : 227 / ذيل ح 894 .
(3) الوسائل 4 : 419 / أبواب لباس المصلي ب 32 ح 7 ، الفقيه 4 : 5 / 1 .
(4) الوسائل 4 : 420 / أبواب لباس المصلي ب 32 ح 8 ، الفقيه 1 : 163 / 771 .
ــ[430]ــ
ومنها : معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا يصلّي الرجل وفي يده خاتم حديد»(1) .
وموثّقة عمار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في الرجل يصلّي وعليه خاتم حديد ، قال : لا ، ولا يتختّم به الرجل ، فانّه من لباس أهل النار» الحديث(2) .
وهاتان المعتبرتان لا بأس بالاستدلال بهما على عدم جواز لبس الحديد في الصلاة ، بل الثانية تدلّ على عدم جواز اللبس في نفسه أيضاً .
لكن العمل باطلاقهما غير ممكن ، لأنّ مقتضاه عدم الفرق بين البارز وغيره بل التعليل كالصريح في التعميم . مع أنّه لا قائل بالكراهة في غير البارز فضلاً عن الحرمة ، فينبغي إذن حملهما على الكراهة . على أنّهما معارضتان بما دلّ على جواز الصلاة في السيف كصحيحة عبدالله بن سنان : « . . . وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلّد السيف ويصلّي قائماً»(3) .
والجمع بينهما بحمل هذه على المستور وتلك على البارز ، فيه أنّه تبرّعي ، لا شاهد له بعد ما عرفت من ضعف الشاهد من مرسلة الكليني وغيرها .
على أنّ التعليل في الموثّقة كالصريح في عدم الفرق كما سبق . مع أنّ السيف بارز غالباً . وعلى تقدير جعله في الغلاف فموضع اليد منه ـ وهو أيضاً من الحديد ـ بارز ظاهر .
والمتحصّل ممّا تقدّم : أنّ ملاحظة النصوص تقضي بأنّ لبس الحديد في نفسه فضلاً عن حال الصلاة مرجوح ، من غير فرق بين البارز وغيره ، وترتفع الكراهة في السيف فيما إذا تقلّده بدلاً عن الثوب ، حيث إنّ لبسه زائداً على الإزار مستحب ، فاذا لم يكن له ثوب وجعل السيف بدله ارتفعت به الكراهة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 417 / أبواب لباس المصلي ب 32 ح 1 .
(2) الوسائل 4 : 418 / أبواب لباس المصلي ب 32 ح 5 .
(3) الوسائل 4 : 452 / أبواب لباس المصلي ب 53 ح 3 .
|