ــ[35]ــ
[1330] مسألة 12 : الدار المشتركة لا يجوز لواحد من الشركاء التصرف فيها إلا باذن الباقين(1).
[1331] مسألة 13 : إذا اشترى داراً من المال غير المزكّى أو غير المخمّس (2) يكون بالنسبة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضولياً((1)) ، فان أمضاه الحاكم ولاية على الطائفتين من الفقراء والسادات يكون لهم ، فيجب عليه أن يشتري هذا المقدار من الحاكم ، وإذا لم يمض بطل وتكون باقية على ملك المالك الأول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا في غير مجهول المالك ، وأما فيه فلا حاجة للرجوع إليه(2) بعد عموم ما دل على أن المال المجهول مالكه يتصدق به عن صاحبه ويتصرف فيه ، الشامل بإطلاقه للمقام أعني المغصوب ، فانه إذن من المالك الحقيقي وهو الله تعالى ، فيخرج عن موضوع التصرف في مال الغير بغير إذنه ، لتحقق الاذن كما عرفت ، فلا حاجة إلى الاستئذان من الحاكم . نعم لا ريب أنه أحوط .
(1) لما دل على المنع من التصرف في مال الغير بغير إذنه الشامل باطلاقه للمال المشاع وغيره .
(2) مفروض الكلام ما إذا اشترى الدار بعين المال الذي فيه الزكاة أو الخمس بحيث كان نفس المال طرفاً للاضافة في مقام المعاملة ثمناً أو مثمناً ، وأما إذا اشتراها بثمن كلي في ذمته وفي مقام التسليم والوفاء أداه من ذاك المال فلا إشكال حينئذ في الصحة كما لا يخفى .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر هو الفرق بين الخمس والزكاة ، فان المال المشترى بما لم يخمّس ينتقل الخمس اليه في مورد التحليل بلا حاجة إلى إمضاء الحاكم ، وأمّا المشترى بما لم يزك فالحكم فيه كما في المتن ، إلا أنّ للمشتري تصحيح البيع باداء الزكاة من ماله الآخر بلاحاجة إلى مراجعة الحاكم .
(2) وقد بنى (دام ظله) على ذلك في بحث المكاسب أيضاً [مصباح الفقاهة 1 : 522] ولكنه عدل عنه في كتاب الخمس واحتاط لزوماً بالاستئذان من الحاكم الشرعي ، لاحظ الخمس من كتابنا [الخامس ممّا يجب فيه الخمس ، بعد المسألة 2903] .
ــ[36]ــ
ويقع الكلام تارة : في المال غير المزكى واُخرى غير المخمس فهنا مقامان :
أما المقام الأول : فالظاهر من نصوص الباب التي منها قوله (عليه السلام) : ما أنبتته الأرض ففيه الزكاة(1) أنّ الزكاة متعلق بنفس العين ، وإن اختلفوا في أنّ ذلك بنحو الكلي في المعيّن أو الاشاعة وحصول الشركة في العين ، أو الاشتراك في المالية .
وعلى أي حال فظاهر الأصحاب الاتفاق عليه كما يساعده ظواهر النصوص ، بل إنّ في بعضها التصريح بالشركة كما ورد إن الله تعالى شرّك الفقراء مع الأغنياء في أموالهم(2) فليس ذلك حقاً ثابتاً في الذمة كما في الدين ، بل الحق ثابت في العين نفسها بأحد الأنحاء الثلاثة .
وعليه فلو اشترى بما فيه الزكاة شيئاً ، فبما أنّ مقدار الزكاة باق بعد على ملك الفقراء ، فقد اشترى المبيع بالمال المشترك بينه وبين غيره ، فيتوقف نفوذ البيع الذي هو فضولي بالنسبة إليه على إذنه ، وبما أنّ المالك هو كلي الفقير دون المعيّن كي يعتبر إذنه ، إذ لم يدفع إليه بعد حتى يملكه ، فلا بدّ من الاستجازة من الحاكم الشرعي الذي هو ولي عليهم ، فان أجاز وأمضى صحّ البيع في الجميع ، وانتقلت الشركة بينه وبين الفقراء من المال الزكوي إلى بدله وهو الدار مثلاً ، وإذا اشترى بعد ذلك حصتهم من الحاكم صار جميع الدار ملكاً له . وأما إذا لم يمض الحاكم ولم يجز البيع بطل بذلك المقدار وبقي على ملك المالك الأول ، هذا .
ويمكنه التخلّص بوجه آخر لا حاجة معه إلى الاستجازة من الحاكم ، وهو أن يؤدّي الزكاة من مال آخر ، إذ لا يعتبر أداؤها من نفس العين وإن كانت متعلقة بها ، كما تدل عليه صريحاً صحيحة عبدالرحمن بن أبي عبد الله قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل لم يزك إبله أو شاته عامين فباعها ، على من اشتراها أن يزكيها لما مضى ؟ قال : نعم تؤخذ منه زكاتها ويتبع بها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 67 / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 11 ح 4 . (نقل بالمضمون) .
(2) الوسائل 9 : 219 / أبواب المستحقين للزكاة ب 4 ح 4 . (نقل بالمضمون) .
ــ[37]ــ
البائع أو يؤدي زكاتها البائع»(1) فان قوله (عليه السلام) «أو يؤدي . . .» إلخ صريح في جواز الأداء من غيرالمال .
وعليه فبعد الأداء وسقوط الزكاة يملك المال بأجمعه وقد وقع عليه عقد قبل ذلك ، فيدخل في كبرى من باع شيئاً ثم ملك ، والأقوى صحته وإن توقف على إجازته كما تعرضنا له في محله(2) .
وأما المقام الثاني : أعني الشراء بمال فيه الخمس ، أو بيع ما فيه الخمس ، والضابط التصرف في المال غير المخمّس بجعله ثمناً أو مثمناً ، أو غير البيع من سائر التصرفات الناقلة من الهبة أو غيرها لاتحاد المناط في الجميع ، فالكلام يقع تارة : من حيث الحكم التكليفي ، واُخرى : من حيث الحكم الوضعي ، أعني نفوذ المعاملة في المقدار المعادل للخمس وعدمه .
أما الجهة الأُولى : فالظاهر الحرمة ، فان الخمس كالزكاة متعلق بالعين ، فالمقدار المعادل له ملك للغير ، فيشمله إطلاق ما دل على المنع من التصرف في ملك الغير الشامل للمشترك وغيره ، فالبيع بنفسه أعني إنشاء العقد وإن لم يكن تصرفاً ، إلا أنّ ما يستتبعه من التسليم الخارجي والوفاء والأداء مصداق للتصرف في مال الغير من دون إذنه فيحرم ، ولا فرق بين الخمس والزكاة من هذه الجهة كما لا يخفى لعين ما ذكر . وقد وردت بذلك نصوص كثيرة وفيها المعتبرة حتى أنّ صاحب الوسائل عقد لعدم جواز التصرف في الخمس باباً مستقلاً(3) .
وأما الجهة الثانية : فالمشهور عدم نفوذ المعاملة ووقوعها فضولياً فيما يعادل الخمس كما ذكره في المتن فتحتاج إلى إجازة الحاكم ، فان أمضاها ولاية على السادات وقع لهم فيجب شراء هذا المقدار من الحاكم ، وإلا بطل وبقيت الدار
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 127 / أبواب زكاة الأنعام ب 12 ح 1 .
(2) ربما يظهر من المحاضرات في الفقه الجعفري 2 : 411 ـ 412 خلافه .
(3) الوسائل 9 : 537 / أبواب الأنفال ب 3 .
ــ[38]ــ
المشتراة بهذا المال مثلاً على ملك المالك الأول في مقدار الخمس ، فهو والزكاة سيّان من هذه الجهة .
لكن الظاهر صحة المعاملة من دون احتياج إلى مراجعة الحاكم الشرعي ، وذلك لمكان أخبار التحليل ، وأنهم (عليهم السلام) أباحوا لشيعتهم التصرف فيما يصل إليهم مما فيه حقوقهم (عليهم السلام) تفضلاً عليهم وإرفاقاً بهم ، كي لا يقعوا في كلفة وضيق من حيث المناكح والمساكن والمتاجر ، فانه لو كان حقهم فيه يشكل أمر النكاح(1) لو جعل صداقاً . بل لو تزوج الأمة أو اشتراها وكانت بنفسها من الغنائم أدى إلى الزنا ، وكذا المسكن للزوم الغصب ، وكذا الاتجار للزوم دفع المشتري الخمس زائداً على الثمن فيقعوا في ضيق وحرج ، ففسحوا (عليهم السلام) لهم المجال ووسّعوا عليهم وأباحوا لشيعتهم كل ما يقع في أيديهم مما فيه الخمس ، وقد نطقت بذلك جملة وافرة من النصوص وفي بعضها بعد ما سأله السائل بقوله : «جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أنّ حقك فيها ثابت ، قال (عليه السلام) : ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم»(2) . وقد عقد لها في الوسائل باباً مستقلاً(3) .
هذا ، والمشهور خصّوا مورد التحليل بمن يستحل الخمس ، فحملوا هذه الأخبار على ما إذا وصل المال إلى الشيعة ممن لا يعتقد بالخمس كأبناء العامة ، دون من يعتقد به ولا يؤديه كفسقة الشيعة ، ولم نعرف وجهاً للتخصيص بعد اطلاق الأخبار . وتمام الكلام في محله(4) .
وبالجملة : لا ريب أنّ الخمس كبقية الأحكام واجب على المخالف والموافق ، بل الكفار أيضاً بناء على تكليفهم بالفروع كالاُصول ، وأنه حق متعلق بالعين
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يختص الاشكال بل البطلان بالنكاح المنقطع ولا يجري في الدائم كما لا يخفى .
(2) الوسائل 9 : 545 / أبواب الأنفال ب 4 ح 6 .
(3) الوسائل 9 : 543 / أبواب الأنفال ب 4 .
(4) العروة الوثقى 2 : 199 / 2979 .
|