هذا كله إذا كان الالتفات قبل الشروع ، وأما إذا كان متشاغلاً بالصلاة فالتفت في الأثناء ، فقد حكم في المتن بوجوب القطع حينئذ ومراده (قدس سره) بذلك لزوم رفع اليد عن هذه الصلاة خارجاً ، لعدم التمكن من إتمامها صحيحة ، لأنه إن أتمها باقياً فقد أخلّ بشرط الاباحة ، لكون البقاء غصباً محرماً ، وإن أتمها خارجاً مومئاً فقد أخلّ بشرط الاستقرار بالركوع والسجود ، والمفروض تمكنه من الاتيان بها تامة الأجزاء والشرائط لفرض سعة الوقت ، فالصلاة ـ والحال هذه ـ باطلة في نفسها ، لا أنه يجب عليه إبطالها بالقطع كما هو ظاهر .
لكن هذا لا يتم على إطلاقه ، إذ ربما يتمكن من الاتمام كما لو التفت ولم يكن الفصل بينه وبين المكان المباح إلا بمقدار خطوة ، بحيث لا يكون الانتقال إليه مضراً بالصلاة . وكما لو كانت وظيفته الايماء على أيّ تقدير ـ أي سواء أكان في المكان المغصوب أو المباح ـ لوجوب السير عليه خوفاً من السبع أو العدو ، بناء على ما هو التحقيق من عدم الاتحاد إلا من ناحية السجدة . هذا كله في السعة .
وأما في الضيق فيجب عليه الاشتغال بالصلاة حال الخروج أو الاتمام كذلك
ــ[68]ــ
لو التفت في الأثناء ، لدليل عدم سقوط الصلاة بحال ، سالكاً أقرب الطرق ، فتسقط حينئذ شرطية الاستقرار للعجز ، وكذا الاستقبال لو لم يتمكن ، وإلا فيراعي بقدر الامكان ، كما أنه يومئ للسجود لما ذكر ، وكذا للركوع مع استلزامه لزيادة المكث كما هو الغالب وإلا أتى به .
وبالجملة : بعد فرض وجوب الاتيان بالصلاة حينئذ لدليل عدم سقوطها بحال ، فكلما تمكن من الأجزاء والشرائط أتى بنفسها ، وإلا فببدلها إن كان وإلا فتسقط .
وهل يجب القضاء حينئذ ؟ الظاهر العدم ، لعدم الموجب له ، فان المستند فيه إن كان التفويت الاختياري للصلاة الاختيارية فغير متحقق في المقام بعد فرض كون الدخول في المكان لا بسوء الاختيار وكونه معذوراً فيه ، ولذا لا إشكال في عدم القضاء فيما لو كان نائماً من أو ل الوقت فاستيقظ ولم يبق من الوقت إلا بمقدار الصلاة مع الطهارة الترابية ، لعدم كون فوتها عن الطهارة المائية مستنداً إلى الاختيار .
وإن كان عدم وفاء الصلاة الأدائية بالغرض لعدم صلاحية المأتي بها حال الخروج لسقوط الأمر بها لاتصافها بالمبغوضية ، فهو أيضاً غير منطبق على المقام ، إذ المفروض حلية التصرف الخروجي حتى واقعاً ، لمكان الاضطرار وعدم اتصافه بالمبغوضية الفعلية ، لكونه لا بسوء الاختيار فلا موجب للقضاء وإن احتاط فيه في المتن ، إذ لم نعرف له وجهاً أصلاً عدا مجرد الاحتمال الثبوتي فتأمل(1) .
ثم إن ما ذكرناه لحد الآن إنما هو فيما إذا لم يعلم برضا المالك بالبقاء بمقدار الصلاة من شاهد حال ونحوه ، وإلا فالصلاة صحيحة في جميع الفروض ، لانتفاء الموضوع وهو الغصب ، فيخرج عن محل الكلام كما هو واضح .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إشارة إلى ما ذكره في المستمسك [5 : 449 ، 450] وجهاً للاحتياط وعدم تماميته للفرق بين المقام والمسألة الآتية موضوعاً وحكماً .
|