ــ[139]ــ
فلا يصح على ما خرج عن اسم الأرض كالمعادن مثل الذهب والفضة والعقيق والفيروزج((1)) والقير والزفت ونحوها(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يقع الكلام في جهات :
الاُولى : في تأسيس الأصل وأنّه إذا شك في جواز السجود على شيء فهل أنّ مقتضى الأصل العملي هو الجواز إلا أن يثبت كونه مما لا يصح السجود عليه ، أو أنّ مقتضى الأصل عدم الجواز إلا أن يثبت خلافه ؟
فنقول : قد تفرض الشبهة مفهومية من جهة إجمال اللفظ وتردده بين الأقل والأكثر ، لعدم العلم بحدود المعنى المراد من اللفظ من حيث السعة والضيق مع العلم بحال الموجود الخارجي وعدم الشك فيه ، نظير الترديد في مفهوم الماء وأنّه هل هو معنى عام ينطبق على ماء الزاج والكبريت ، أو أنّ خصوصية اُخذت فيه أوجبت ضيق المعنى بحيث لا تنطبق عليهما .
وأخرى : تفرض الشبهة مصداقية ، للجهل بما هو الموجود في الخارج مع العلم بحدود المعنى وعدم الترديد في المراد من اللفظ .
أما القسم الأوّل : كما لو شككنا في مفهوم الأرض الموضوع لوجوب السجود عليها ، وأنّ ما وُضع له اللفظ هل هو معنى عام بحيث يصدق على المعدن كالذهب والفضة ونحوهما ، أو أنّ المعنى ضيّق لاعتبار خصوصية فيه تمنع عن الصدق عليه .
والظاهر أنّ المرجع حينئذ أصالة البراءة عن اعتبار تلك الخصوصية ، لكون الشك حينئذ عائداً إلى مقام الجعل ، إذ نشك في حدوث التكليف زائداً على المقدار المتيقن ، فان المتيقن منه وجوب السجود على الجامع بين الفرد المشكوك كالمعدن ومتيقن الأرضية كالتراب ، وأما تقييد الواجب بخصوصية اُخرى تمنع عن صدقه على المعدن فهو من أصله مشكوك ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط ، والأظهر جواز السجود عليهما وعلى ما شاكلهما من الأحجار الكريمة .
ــ[140]ــ
للشك في دخله في مفهوم اللفظ ومسمّـاه فيدفع التقييد بأصالة البراءة كما هو الشأن في كل واجب مردد بين الأقل والأكثر . وإن شئت فقل : إنّ الأفراد المتيقن عدم كونها من الأرض نقطع بعدم صحة السجود عليها ، وأنّ الواجب قد اعتبر مقيداً بعدمها ، وأمّا الفرد المشكوك فلا علم بالتقييد بعدمه ، والأصل البراءة .
وبالجملة : ما اُريد من اللفظ دائر بين الاطلاق والتقييد والمعنى الوسيع والضيّق ، لتردده بين ما لا ينطبق على المعدن مثلا وبين ما يشمله ، ولا علم لنا إلا بالأعم ، أعني الجامع الصالح انطباقه عليهما ، لكونه الأقل المتيقن إرادته ، فانّه الأخف مؤونة ، وأمّا الزائد عليه ، أعني لحاظ الخصوصية وتقيد المأمور به بما يمتنع صدقه على الفرد المشكوك وهو المعدن ، فحيث إنه يحتاج إلى عناية خاصة ومؤونة زائدة ، فنشك في تقيد الجعل به زائداً على المقدار المتقين ، والأصل عدمه . وهذا هو الشأن في كل مفهوم مجمل مردد بين الأقل والأكثر ، كمفهومي الفسق والغناء ونحوهما .
فلا يصغى إلى ما يقال : من أنّا علمنا بوجوب السجود على الأرض ، ولا يحصل العلم بالفراغ إلا بالسجود على متيقن الأرضية ، فلا يجزئ على الفرد المشكوك ، لأنّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية عملا بقاعدة الاشتغال .
إذ فيه : أنّ المعلوم وجوبه ليس نفس المفهوم كي يشك في تحققه في الخارج ، وإنّما المعلوم وجوب السجود على ما اُريد من لفظ الأرض ، وحيث إنّ المراد منه مردد بين الأقل والأكثر ، فلا علم بالوجوب إلا بالنسبة إلى الجامع كما عرفت ، وأمّا تقيّده بما يمنع عن انطباقه على المعدن مثلا ، فهو تكليف زائد يشك في حدوثه من أوّل الأمر ، فالشك راجع إلى مقام الجعل ، والمرجع فيه البراءة ، لا إلى مقام الامتثال كي يرجع إلى الاشتغال .
وأما في القسم الثاني : أعني الشبهة المصداقية ، كما لو شك أنّ الموجود
ــ[141]ــ
الخارجي تراب مثلا أم غيره مما يقطع بعدم صحة السجود عليه ، فلا ريب أنّ المرجع حينئذ قاعدة الاشتغال ، لكون المفهوم وما تعلّق به الوجوب مبيناً على الفرض فلا شك في مقام الجعل ، وإنمّا الشك في انطباقه على الموجود الخارجي ، فلابدّ من تحصيل القطع بالفراغ بعد العلم بالتكليف ، ولا يتحقق إلا بالسجود على متيقن الأرضية ، وهذا ظاهر .
|