ــ[210]ــ
[1386] مسألة 10 : يستحب بناء المسجد ، وفيه أجر عظيم ، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : من بنى مسجداً في الدنيا أعطاه الله بكل شبر منه مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضة ولؤلؤ وزبرجد . وعن الصادق (عليه السلام) : من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومسجده . وهذا في نفسه عمل مستقل ومستحب نفسي غير مرتبط بما سبق بمقتضى إطلاق النص .
ففي معتبرة السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) «قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إذا صلى أحدكم بأرض فلاة فليجعل بين يديه مثل مؤخرة الرحل ، فان لم يجد فحجراً ، فان لم يجد فسهماً ، فان لم يجد فليخطّ في الأرض بين يديه»(1) .
وروى الشيخ باسناده عن محمد بن إسماعيل عن الرضا(عليه السلام) «في الرجل يصلي ، قال : يكون بين يديه كومة من تراب أو يخط بين يديه بخط»(2) .
وفي صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجعل العنزة بين يديه إذا صلى»(3) ونحوها غيرها .
وقد تفطّن صاحب الوسائل إلى تغاير العنوانين فمن ثمّ أفرد لكل منهما باباً مستقلا ، فقال في الباب الثاني عشر من أبواب مكان المصلي : باب استحباب جعل المصلي شيئاً بين يديه . . . إلخ . وفي الباب الحادي عشر : باب عدم بطلان الصلاة بمرور شيء . . إلخ ولكن الفقهاء قد وقع الخلط بينهما في كلماتهم كما سمعت فحكموا ـ كما في المتن ـ باستحباب السترة لأجل المارّة ولو بخطّ في الأرض .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 5 : 137/ أبواب مكان المصلي ب 12 ح 4 .
(2) الوسائل 5 : 137/ أبواب مكان المصلي ب 12 ح 3 ، التهذيب 2 : 378/1574 .
(3) الوسائل 5 : 136/ أبواب مكان المصلي ب 12 ح 1 .
ــ[211]ــ
[1387] مسألة 11 : الأحوط إجراء صيغة الوقف بقصد القربة في صيرورته مسجداً ، بأن يقول : وقفته قربة إلى الله تعالى(1) لكن الأقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجداً مع صلاة شخص واحد فيه باذن الباني ، فيجري حينئذ حكم المسجدية وإن لم تجر الصيغة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ربما توهم العبارة لزوم التلفظ بقصد القربة ، ولكنه غير مراد جزماً ، لعدم اعتبار التلفظ به في شيء من العبادات وكفاية النية المجردة إجماعاً .
نعم ، في خصوص باب الحج ورد الأمر بالتلفظ بما ينويه ، المحمول على الاستحباب ، وهو أمر آخر غير مرتبط بالمقام .
وإنما المحتمل اعتباره في المقام أمران : أحدهما : قصد التقرب . ثانيهما : إجراء صيغة الوقف . فلا تكفي المعاطاة في تحققه ، وإليه تنظر عبارة المتن .
أما الأول : فلم ينهض على اعتباره أيّ دليل ، ومقتضى الاطلاقات عدم الاعتبار من غير فرق بين الوقف للمسجد أو غيره . نعم ترتب الثواب يتوقف عليه كما هو ظاهر .
وأمّا الثاني : فقد نسب إلى المشهور اعتبار الصيغة في صحة الوقف ، نظراً إلى أنّه يتقوّم في ذاته باللزوم ، كما أنّ الرهن أيضاً متقوم به ، فكما لا رجوع في العين المرهونة وإلا خرجت عن كونها وثيقة ، فكذا لا رجوع في العين الموقوفة بضرورة الفقه ولا سيما في مثل وقف المسجد الذي هو من سنخ التحرير . وحيث إنّ المعاطاة لا تفيد اللزوم إجماعاً ، بل هي إما باطلة أو جائزة على الخلاف المحرّر في محله ، فلا جرم لا ينعقد الوقف بها .
ويندفع : بما حققناه في محله(1) من أنّ المعاطاة عقد عرفي وهو بمثابة العقد اللفظي في إفادة اللزوم بمقتضى إطلاق قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(2) إلا ما
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الفقاهة 2 : 142 .
(2) المائدة 5 : 1 .
|