ــ[215]ــ
فصل
في بعض أحكام المسجد
الأول : يحرم زخرفته ـ أي تزيينه بالذهب((1))ـ (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على المشهور كما قد يظهر من الجواهر حيث قال : بل هو المشهور نقلا في كشف اللثام والكفاية إن لم يكن تحصيلا وإن ناقش فيه أخيراً بقوله : ويمكن منع حصول شهرة معتد بها هنا(2) ويعضده أنّ الدروس نسب التحريم إلى القيل(3) .
وكيف ما كان فيستدل له تارة بالاسراف ، واُخرى بعدم معهوديته في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) ، فاحداثه بعد ذلك بدعة محرّمة .
وكلاهما كما ترى ، لتقوّم الاسراف بفقد الغرض العقلائي ، ومِن البيّن أنّ تعظيم الشعائر من أعظم الدواعي العقلائية كما هو المشاهد في المشاهد المشرّفة .
وأما البدعة فهي متقوّمة بالاسناد إلى الشرع ما ليس فيه ، فلا بدعة من دون الاسناد ، ومجرد كونه من الاُمور المستحدثة لا يستوجبها ، كيف ولو تمّ لعمّ وسرى إلى غير الذهب كالفضة للمشاركة في العلة .
مع أنّ الاُمور المستحدثة من الكثرة ما لا يخفي ، التي منها تزيين المساجد بالأنوار الكهربائية ، أفهل يمكن القول بحرمتها بدعوى عدم كونها معهودة في عصر النبي(صلى الله عليه وآله) . فالحكم إذن مبني على الاحتياط ، حذراً عمّا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط ، ولا يبعد الجواز .
(2) الجواهر 14 : 88 ـ 89 .
(3) الدروس 1 : 156 .
ــ[216]ــ
بل الأحوط ترك نقشه بالصور(1) . ـــــــــــــــــــــــــــ
لعله خلاف المشهور ، وأمّا بحسب الصناعة فالأقوى الجواز .
(1) إن اُريد بها تصوير ذوات الأرواح ، فلا يختص التحريم بالمساجد على ما استوفينا البحث حول ذلك بنطاق واسع في كتاب المكاسب(1) .
وإن اُريد بها تصوير غيرها كالأشجار ونحوها ، فلم ينهض دليل على التحريم مطلقاً . نعم ربما يستدل له في المقام برواية عمرو بن جميع قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة في المساجد المصوّرة فقال : أكره ذلك ، ولكن لا يضرّكم ذلك اليوم ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك»(2) .
ولكنها ضعيفة السند بعدّة من المجاهيل كما ناقش فيه جماعة أوّلهم صاحب المدارك(3) مضافاً إلى أنّها قاصرة الدلالة ، فان الكراهة في لسان الرواية أعمّ من الكراهة المصطلحة والحرمة ، بل إن قوله : «لا يضرّكم ذلك اليوم» كالصريح في عدم المنع قبل قيام الحجة .
على أنّ رواية علي بن جعفر قد دلت على الجواز قال : «سألته عن المسجد ينقش في قبلته بجص أو أصباغ قال : لا بأس به»(4) . وإن كانت ضعيفة السند بعبد الله بن الحسن .
والمتحصّل : أنّه لم ينهض أيّ دليل على تحريم زخرفة المسجد ، ولا على نقشه بالصور غير ذوات الأرواح .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الفقاهة 1 : 220 .
(2) ، (4) الوسائل 5 : 215/ أبواب أحكام المساجد ب 15 ح 1 ، 3 .
(3) المدارك 4 : 398 .
|