[1390] مسألة 1 : يجوز أن يتخذ الكنيف ونحوه من الأمكنة التي عليها البول والعذرة ونحوهما مسجداً ، بأن يطمّ ويلقى عليها التراب النظيف(2) ،
ــــــــــــــــــــــــ (2) هذا مما لا إشكال فيه ، وقد دلت عليه جملة من النصوص كصحيحة الحلبي في حديث أنه قال لأبي عبد الله (عليه السلام) : «فيصلح المكان الذي كان حشاً زماناً أن ينظّف ويتّخذ مسجداً ؟ فقال : نعم إذا اُلقي عليه من التراب ما يواريه فانّ ذلك ينظفه ويطهّره»(4) .
وصحيحة عبد الله بن سنان في حديث قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المكان يكون حشاً زماناً فينظف ويتخذ مسجداً ، فقال : ألق عليه
ـــــــــــــ (4) الوسائل 5 : 209/ أبواب أحكام المساجد ب 11 ح 1 .
ــ[219]ــ
ولا تضرّ نجاسة الباطن في هذه الصورة ، وإن كان لا يجوز تنجيسه((1)) في سائر المقامات(1) لكن الأحوط(2) إزالة النجاسة أوّلا ، أو جعل المسجد خصوص المقدار الطاهر من الظاهر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من التراب حتى يتوارى ، فانّ ذلك يطهّره إن شاء الله»(2) وغيرهما .
(1) ظاهره استثناء المقام عن عموم وجوب إزالة النجاسة عن المسجد .
وفيه أوّلا : أنّه سالبة بانتفاء الموضوع ، إذ لا نجاسة حتى تحتاج إلى التطهير ، لصراحة النصوص المتقدمة في حصول الطهارة هنا بالطم ، لا أنّ النجاسة باقية وغير ضائرة ليلتزم بالتخصيص في عموم وجوب التطهير .
وثانياً : أنّ عمدة الدليل على وجوب إزالة النجاسة عن المسجد ـ حسبما تقدّم في محلّه(3) إنّما هو الاجماع ، والقدر المتيقن منه تطهير المكان الذي يصلى فيه أعني ظاهر المسجد ، وكذا جدرانه وحيطانه ، وأمّا الباطن ولاسيما إذا كان عميقاً ، كما لو نزّت النجاسة من بالوعة الجار إلى باطن المسجد ، فشمول الاجماع له غير معلوم لو لم يكن معلوم العدم ، فالمقتضي لوجوب التطهير قاصر في حد نفسه .
وثالثاً : مع الغضّ والتسليم ، فالحكم مختص بالنجاسة الطارئة ، وأمّا السابقة على الاتصاف بالمسجدية كما في المقام ، فلعلّ من المطمأن به عدم شمول الاجماع له كما لا يخفى .
(2) هذا الاحتياط ضعيف ، لما عرفت من أنّ ظاهر النصوص بل صريحها طهارة المحل بالطم ، فلا نجاسة لكي تحتاج إلى الازالة . كما أنّ مقتضى إطلاقها جعل المسجد مجموع الظاهر والباطن على حد سائر الأماكن ، فلا مجال للاحتياط الذي ذكره (قدس سره) ثانياً من الاختصاص بالظاهر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط .
(2) الوسائل 5 : 210/ أبواب أحكام المساجد ب 11 ح 4 .
(3) شرح العروة 3 : 251 .
ــ[220]ــ
الرابع : لا يجوز إخراج الحصى منه(1) وإن فعل ردّه إلى ذلك المسجد أو مسجد آخر((1)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على المشهور ، وذهب جماعة إلى الكراهة ، ويستدل له بوجهين :
أحدهما : أنّ الحصى جزء من الوقف فلا يجوز إخراجه لمنافاته للوقفية .
وفيه : أنّ هذا إنما يتجه فيما إذا كان المأخوذ مقداراً معتدّاً به بحيث يستوجب نقصاً في المسجد ، أمّا دون هذا الحدّ ممّا لا يستوجبه كحصاة أو حصاتين فلا منافاة ، ومن ثمّ لا ينبغي الاستشكال في جواز إخراج ما يعدّ من شؤون الانتفاع من المسجد واللوازم العادية له ، وكذا من سائر الأوقاف بل الأملاك المأذون في الدخول فيها ، كما لو تعلّق بثيابه أو ردائه شيء من ترابها أو التصق بنعله شيء من حصاها ، فانّه لا يجب ردّها قطعاً ، ولم يقل به أحد ، فلو كان مطلق الاخراج منافياً للوقفية لزم القول به في هذا المقدار أيضاً ، لعدم الفرق بين المتعارف وغيره في مناط المنع كما لا يخفى .
فهذا الوجه لا ينهض لاثبات الحكم ، ولو نهض للزم الرد إلى خصوص المسجد المأخوذ منه لا إلى مسجد آخر ، فلا وجه للتخيير بينهما كما في المتن .
ثانيهما : الروايات الخاصة الواردة في المقام :
فمنها : صحيحة محمد بن مسلم قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : لا ينبغي لأحد أن يأخذ من تربة ما حول الكعبة ، وإن أخذ من ذلك شيئاً ردّه»(2) .
وربما يناقش في دلالتها بأنّ كلمة «لا ينبغي» ظاهرة في الكراهة ، فيكون ذلك قرينة على حمل الأمر بالرد على الاستحباب .
ويندفع : بما تقدم غير مرّة من إنكار الظهور المزبور ، بل الكلمة إمّا ظاهرة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا مع عدم التمكّن من ردّه إلى ذلك المسجد .
(2) الوسائل 5 : 231/ أبواب أحكام المساجد ب 26 ح 1 .
|