ــ[250]ــ
والأولى أن يكون في اُذنه اليمنى(1) . وكذا الدابة إذا ساء خلقها(2) .
ثم إنّ الأذان قسمان : أذان الإعلام وأذان الصلاة(3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام) «قال: اللحم ينبت اللحم، ومن تركه أربعين يوماً ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذّنوا في اُذنه»(1) فانّ الصحيحة كما دلت على الاستحباب في تارك اللحم أربعين يوماً دلت عليه في من ساء خلقه ولو من غير جهة ترك اللحم ، حيث إنّه (عليه السلام) طبّق الكبرى على المورد .
(1) صحيحة هشام المتقدمة خالية عن هذا التقييد . نعم ورد ذلك في رواية الواسطي(2) ولكنها ضعيفة السند ، ولا بأس برعاية القيد رجاء وعلى سبيل الأولوية .
(2) ففي رواية أبي حفص الأبار « . . . وإذا ساء خلق أحدكم من إنسان أو دابة فأذّنوا في اُذنه الأذان كله»(3) ولكن ضعفها من جهة الارسال وجهالة الأبار يمنع عن الاعتماد عليها إلا من باب قاعدة التسامح ، وقد عبّر عنها المحقق الهمداني(4) وبعض من تأخر عنه برواية حفص ، والصحيح أبي حفص .
(3) يقع الكلام تارةً في مشروعية كل من القسمين ، واُخرى في الفرق بين الأذانين ، فهنا جهتان :
أمّا الجهة الاُولى : فلا شبهة في مشروعية أذان الصلاة وقد دلت عليه النصوص المتقدمة بأسرها ، التي منها حديث الصفّ والصفّين من الملائكة ، وما تضمّن أنّه لا صلاة إلا بأذان وإقامة ، بل قد عرفت أنّ جمعاً استفادوا الوجوب منها فضلا عن المشروعية والاستحباب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 25 : 40/ أبواب الأطعمة المباحة ب 12 ح 1 .
(2) الوسائل 25 : 41/ أبواب الأطعمة المباحة ب 12 ح 7 .
(3) الوسائل 25 : 42/ أبواب الأطعمة المباحة ب 12 ح 8 .
(4) مصباح الفقيه (الصلاة) : 232 السطر21 .
ــ[251]ــ
فدعوى اختصاص التشريع بأذان الاعلام ، نظراً إلى ما تقتضيه نفس التسمية بالأذان ، حيث إنّه بمعنى الاعلام ، لا وجه لها ، إذ المستفاد من تلك النصوص استحبابه لأجل الصلاة سواء أتحقق معه الاعلام أيضاً أم لا .
وأمّا مشروعيته للاعلام بدخول الوقت وإن لم يرد المؤذّن الصلاة ، فتدل عليه السيرة القطعية المتصلة بزمن النبي (صلى الله عليه وآله) .
ويظهر من معتبرة زرارة أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان له مؤذّنان : ابن اُمّ مكتوم وبلال ، وأنّه (صلى الله عليه وآله) «قال : فاذا أذّن بلال فعند ذلك فامسك»(1) .
وقد دلت على استحبابه نصوص كثيرة ، كصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أذّن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة»(2) .
وعن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : من أذّن عشر سنين محتسباً يغفر الله له مدّ بصره وصوته في السماء»(3) .
وروى الشيخ باسناده عن سليمان بن جعفر عن أبيه قال : «دخل رجل من أهل الشام على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له : إنّ أوّل من سبق إلى الجنة بلال ، قال : ولم ؟ قال : لأنه أوّل من أذّن»(4) إلى غير ذلك مما دل على استحباب أذان الاعلام في نفسه .
وبالجملة : فكلّ من النوعين سائغ يستحب في حد نفسه ، وبما أنّ النسبة بينهما عموم من وجه فربما يتداخلان ويكون أذان واحد مجمعاً للعنوانين ، فيقصد به الاعلام والصلاة معاً ، كما قد يفترقان . ومقتضى إطلاق الدليل في كل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 120/ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 49 ح 3 .
(2) الوسائل 5 : 371/ أبواب الأذان والاقامة ب 2 ح 1 .
(3) الوسائل 5 : 372/ أبواب الأذان والاقامة ب 2 ح 5 .
(4) الوسائل 5 : 373/ أبواب الأذان والاقامة ب 2 ح 7 .
|