ــ[261]ــ
ويجوز للمرأة الاجتزاء عن الأذان بالتكبير والشهادتين(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الفلاح مكان الصلاة خير من النوم»(1) .
غير أنّ في سندها عبد الله بن أبي نجران في الوسائل وهكذا في التهذيب(2) وهو مجهول ، ولكن الظاهر أنّه من غلط النسخة ، وصحيحها عبد الرحمن بن أبي نجران كما ذكره صاحب الوسائل عند تعرضه لصدر هذا الحديث في الباب التاسع عشر من أبواب الأذان والاقامة حديث 2 ، وكذلك الشيخ في الاستبصار(3) ، والفيض في الوافي حيث عبّر بالتميمي الذي هو لقب عبدالرحمن على ماذكره في مقدمة كتابه(4) ، ولأجله عبّر عنها في الحدائق بالصحيحة(5) ، وهو الصحيح .
ولكنّ الذي يهوّن الخطب أنّ التكرار بعد عدم قصد الجزئية كما هو المفروض مطابق للقاعدة ، لجواز ذكر الحيّعلات قبل الشروع في الأذان ، وبعد الفراغ عنه للحث على الاجتماع بلا إشكال ، فكذا في الأثناء بعد وضوح عدم بطلانها حتى بكلام الآدمي فضلا عن مثل ذلك ، فلا حاجة إلى ورود نص بالخصوص .
(1) يدل على الاجتزاء المزبور ـ بعد الفراغ عن أصل المشروعية للنساء كما تقدم(6) ـ صحيح عبد الله بن سنان قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة تؤذّن للصلاة ؟ فقال : حسن إن فعلت ، وإن لم تفعل أجزأها أن تكبّر وأن تشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله»(7) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 5 : 426/ أبواب الأذان والاقامة ب 22 ح 2 .
(2) التهذيب 2: 63/224.
(3) الاستبصار 1 : 309/1148 .
(4) الوافي 1 : 36 .
(5) الحدائق 7 : 420 .
(6) في ص 225 .
(7) الوسائل 5 : 405/ أبواب الأذان والاقامة ب 14 ح 1 .
ــ[262]ــ
بل بالشهادتين(1) . وعن الاقامة بالتكبير ، وشهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله(2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لصحيحة زرارة قال : «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : النساء عليهنّ أذان ؟ فقال : إذا شهدت الشهادتين فحسبها»(1) .
(2) لصحيحة أبي مريم الأنصاري قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : إقامة المرأة أن تكبّر وتشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله»(2) .
وأبو مريم المزبور اسمه عبد الغفار بن القاسم كما في النجاشي(3) وهو ثقة ، فما في خاتمة الوسائل(4) من أنّ اسمه عبد الله بن القاسم ـ وهو مجهول ـ سهو من قلمه الشريف أو من غلط النسّاخ ، هذا .
ويظهر مما رواه الصدوق في العلل جواز الاجتزاء بالشهادتين فقط ، فقد روى بسنده عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «قلت له المرأة عليها أذان وإقامة ؟ فقال : إن كانت سمعت أذان القبيلة فليس عليها أكثر من الشهادتين»(5) .
وروى في الفقيه مرسلا قال : «قال الصادق (عليه السلام) ليس على المرأة أذان ولا إقامة إذا سمعت أذان القبيلة ، وتكفيها الشهادتان ولكن إذا أذّنت وأقامت فهو أفضل»(6) ولا يبعد(7) أن تكونا رواية واحدة رواها في العلل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 5 : 405/ أبواب الأذان والاقامة ب 14 ح 2 .
(2) الوسائل 5 : 406/ أبواب الأذان والاقامة ب 14 ح 4 .
(3) رجال النجاشي : 246/649 .
(4) الخاتمة 30 : 527
(5) الوسائل 5 : 407/ أبواب الأذان والاقامة ب 14 ح 8 ، علل الشرائع : 355/1 .
(6) الوسائل 5 : 406/ أبواب الأذان والاقامة ب 14 ح 5 ، الفقيه 1 : 194/909 .
(7) بل هو بعيد جداً بعد تعدد المروي عنه .
ــ[263]ــ
ويجوز للمسافر والمستعجل الاتيان بواحد من كل فصل منهما(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسنداً وفي الفقيه مرسلا .
وكيف ما كان فالدلالة وإن كانت تامة لتضمّنها إجزاء الشهادتين عن الاقامة ، وأمّا الأذان فهو ساقط لسماع أذان الغير وهو القبيلة من غير فرق فيه بين الرجل والمرأة كما سيجيء(1) ، لكن السند ضعيف لارسال الثانية ، ولأنّ في سند الاُولى عيسى بن محمّد ولم يوثّق ، ولعله لذلك لم يتعرض له في المتن لفقد الدليل إلا بناءً على قاعدة التسامح .
(1) أمّا في حال السفر فيدل على تقصير الأذان خبر بريد بن معاوية عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : الأذان يقصّر في السفر كما تقصّر الصلاة ، الأذان واحداً واحداً ، والاقامة واحدة»(2) . ولا يبعد أن يراد من الأذان بقرينة الذيل ما يعمّ الاقامة .
ولكنّه ضعيف السند بالقاسم بن عروة فانّه لم يوثق . نعم قد وثّق في الرسالة الصاغانية المطبوعة المنسوبة إلى الشيخ المفيد(3) ، ولكنه لم يثبت كون هذا المطبوع له بعد اشتماله على أشياء يطمأن بعدم صدورها منه ، فانّه وإن كانت له رسالة بهذا الاسم إلا أنّ انطباقها على هذا الموجود غير معلوم ، فلا يسعنا الاعتماد عليه . إذن فالحكم مبني على قاعدة التسامح .
ويدل على تقصير الاقامة رواية نعمان الرازي قال : «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : يجزئك من الاقامة طاق طاق في السفر»(4) ولكنّ الرازي لم تثبت وثاقته إلا بناءً على ما ذكره المفيد من أنّ أصحاب
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 307 .
(2) الوسائل 5 : 424/ أبواب الأذان والاقامة ب 21 ح 2 .
(3) المسائل الصاغانية (مصنفات الشيخ المفيد 3) : 72 .
(4) الوسائل 5 : 425/ أبواب الأذان والاقامة ب 21 ح 5 .
ــ[264]ــ
الصادق (عليه السلام) كلّهم ثقات(1) ، وهو كما ترى .
وربما يستدل له برواية بريد بن معاوية المتقدمة ، بناءً على أن يكون متنها ما أثبته في الحدائق(2) من قوله : «والاقامة واحدة واحدة» .
ولكنه لم يثبت ، فانّ الموجود في الوسائل والوافي(3) ما عرفت من ذكر كلمة «واحدة» مرّة واحدة ، أي إنّ الاقامة في السفر والحضر بشكل واحد . فلا تقصير فيها ، وإنّما هو في الأذان فقط . مضافاً إلى ما عرفت من ضعف السند .
نعم ، يمكن أن يستدل له ببعض المطلقات كصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : الأذان مثنى مثنى ، والاقامة واحدة واحدة»(4) ، بناءً على أنّ القدر المتيقن منها حال السفر والعجلة . وقد حملها الشيخ على ذلك(5) .
وأمّا في حال الاستعجال فيدل على التقصير في الأذان صحيحة أبي عبيدة الحذاء قال : «رأيت أبا جعفر (عليه السلام) يكبّر واحدة واحدة في الأذان ، فقلت له : لم تكبّر واحدة واحدة ؟ فقال : لابأس به إذا كنت مستعجلا»(6) بناءً على أنّ المراد من التكبير ما يشمل بقية الفصول بقرينة قوله : «واحدة واحدة» إذ التكرار في الواحدة لا يكون إلا بلحاظ سائر الفصول .
وأمّا التقصير في الاقامة فلم يرد فيه نص خاص ، إلا أن يستدل له باطلاق صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة آنفاً حسبما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإرشاد 2 : 179 .
(2) الحدائق 7 : 405 .
(3) الوافي 7 : 579/6629 .
(4) الوسائل 5 : 424/ أبواب الأذان والاقامة ب 21 ح 1 .
(5) التهذيب 2 : 62 ، ذيل ح 215 .
(6) الوسائل 5 : 425/ أبواب الأذان والاقامة ب 21 ح 4 .
ــ[265]ــ
كما يجوز ترك الأذان والاكتفاء بالاقامة(1) . بل الاكتفاء بالاذان فقط((1))(2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لجملة من النصوص : منها : صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (عليه السلام) : أنّه «قال : يجزئ في السفر إقامة بغير أذان»(2) .
وروايته الاُخرى وإن كانت ضعيفة السند بعلي بن السندي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «سمعته يقول : يقصّر الأذان في السفر كما تقصّر الصلاة ، تجزئ إقامة واحدة»(3) .
وصحيحة محمد بن مسلم والفضيل بن يسار عن أحدهما (عليه السلام) «قال : يجزئك إقامة في السفر»(4) .
ويظهر من هذه النصوص اشتمال السفر على خصوصية تستوجب الاجتزاء بالاقامة ، وإلا فيجوز ذلك في الحضر أيضاً ، كما نطقت به صحيحة الحلبي «عن الرجل هل يجزئه في الحضر إقامة ليس معها أذان ؟ قال : نعم لابأس به»(5) . هذا كله في حال السفر . وأمّا في حال الاستعجال فلم يرد فيه نص ما عدا رواية أبي بصير عن أحدهما (عليه السلام) في حديث «قال : إن كنت وحدك تبادر أمراً تخاف أن يفوتك تجزئك إقامة ، إلا الفجر والمغرب فانه ينبغي أن تؤذّن فيهما وتقيم . . .» إلخ(6) .
ولكنها مضافاً إلى أنها أخص من المدعى ، ضعيفة السند بعلي بن أبي حمزة .
(2) هذا لم نقف على مستنده ، لا في المسافر ولا في المستعجل ولا في غيرهما من سائر الحالات ، إذ لم ترد في ذلك ولا رواية ضعيفة ، والمنسبق من نصوص الأذان للصلاة اختصاص المشروعية بصورة الاقتران بالإقامة ، وأمّا الاتيان به
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لم نقف على مستنده ، ولا بأس بالاتيان به رجاءً
(2) الوسائل 5 : 384/ أبواب الأذان والاقامة ب 5 ح 1 .
(3) ، (4) الوسائل 5 : 385/ أبواب الأذان والاقامة ب 5 ح 9 ، 7 .
(5) الوسائل 5 : 384/ أبواب الأذان والاقامة ب 5 ح 3 .
(6) الوسائل 5 : 387/ أبواب الأذان والاقامة ب 6 ح 7 .
|