في ماء المطر 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6975


ــ[210]ــ

 فصل

[  في ماء المطر  ]

    ماء المطر حال تقاطره من السماء (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صدقاً حقيقياً أن النجس لاقى القليل ، لقلة الماء حين ملاقاة النجس ، وهو موضوع للحكم بالانفعال ، وهذا بخلاف ما إذا حصلت بأمر آخر غير الملاقاة كما في الاُنبوبين فان الماء كر حينئذ مع قطع النظر عن الملاقاة ، لاتصاله بالكر حين ملاقاة النجس ، فلا يصدق أن النجس لاقى ماء قليلاً ، ولأجل صدق الملاقاة مع القليل يحكم بنجاسة المتمم كرّاً وإن ترتبت الكرية على ملاقاتهما، فهو كر محكوم بالانفعال، وظاهر الأخبار أن العاصم هو الكر غير المحكوم بالنجاسة .

 

 فصل في ماء المطر

    (1) قد ادعوا الاجماع على اعتصام ماء المطر حال تقاطره من السماء ، وعدم انفعاله بملاقاة شيء من النجاسات والمتنجسات ما لم يتغيّر في أحد أوصافه الثلاثة على تفصيل قدمناه سابقاً (1) ، بل هو اتفاقي بين المسلمين كافة ولم يقع في ذلك خلاف إلاّ في بعض خصوصياته من اعتبار الجريان التقديري أو الفعلي مطلقاً أو من الميزاب إلى غير ذلك من الخصوصيات ، كما لا إشكال في أن المطر يطهّر المتنجسات القابلة للتطهير . وبالجملة حال ماء المطر حال الكر في الاعتصام والتطهير ، وأمّا الكلام في كيفية التطهير بالمطر وشرائطه من التعدد أو التعفير فيما يعتبر في تطهيره أحدهما أو عدمهما ، وكفاية مجرّد رؤية المطر لمثله فتفصيلها موكول إلى بحث كيفية تطهير المتنجسات (2) ، وإنما نتعرض في المقام لبعضها على نحو الاختصار حسبما يتعرض له السيد (قدس سره) فالكلام في المقام في اعتصام ماء المطر ، ومطهريته للمتنجسـات

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 56 ـ 60 .

(2) قبل المسألة [ 308 ] .

ــ[211]ــ

القابلة للتطهير .

   فنقول : قد ذهب المشهور إلى اعتصام ماء المطر ومطهريته ، واستدلوا عليه بمرسلة الكاهلي الدالّة على أن كل شيء يراه المطر فقد طهر (1) .

   ويدفعه : ما ذكرناه غير مرة من أن المراسيل غير قابلة للاعتماد عليها . ودعوى انجبارها بعمل الأصحاب ، ساقطة صغرى وكبرى . أمّا الاُولى : فلعدم إحراز اعتمادهم على المراسيل ، ولا سيما في المقام لوجود غيرها من الأخبار المعتبرة التي يمكن أن يعتمد عليها في المسألة . وأمّا الثانية فلأجل المناقشة التي ذكرناها في محلّها فراجع .

   فالصحيح أن يستدل على ذلك بروايات ثلاث :

   الاُولى : صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في ميزابين سالا أحدهما بول والآخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل ، لم يضرّه ذلك» (2) فانّها دلت على عدم انفعال المطر باصابة البول . نعم ، لا بدّ من رفع اليد عن إطلاقها حيث تشمل صورة تساوي الماء والبول وهو يستلزم خروج ماء المطر عن الاطلاق بل وتغيّره بالبول فضلاً عما إذا كان الماء أقل من البول فانّه يوجب استهلاك الماء في البول ، والوجه في ذلك هو ما دلّ على نجاسة المتغيّر بالنجس وما دلّ على نجاسة البول ، بل لا محيص من حمل الصحيحة على صورة كثرة الماء مع قطع النظر عن نجاسة المتغيّر بالبول وذلك لأجل القرينة الداخلية الموجودة في نفس الصحيحة . وبيانها أن فرض جريان ماء المطر من الميزاب إنما يصح مع فرض كثرة المطر إذ لا  سيلان له مع القلّة ولا سيما في السطوح القديمة المبناة من اللبنة والطين ، فان المطر القليل يرسب في مثلهما ومعه لا يمكن أن يسيل ، كما أن سيلان البول من الميزاب يستند غالباً إلى بول رجل أو صبي على السطح ، لا إلى أبوال جماعة لأن السطح لم يعد للبول فيه ، فهذا الفرض في نفسه يقتضي غلبة المطر على البول لكثرته وقلّة البول وعليه فلا تشمل الصحيحة صورة تساوي الماء والبول أو صورة غلبة البول على الماء ، حتى يلزم التخصيص في أدلة نجاسة المتغير بالبول أو نجاسة البول .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 146 / أبواب الماء المطلق ب 6 ح 5 .

(2) الوسائل 1 : 145 / أبواب الماء المطلق ب 6 ح 4 .

ــ[212]ــ

كالجاري فلا ينجس ما لم يتغيّر وإن كان قليلاً (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   الثانية : صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبدالله (عليه السلام) « انّه سأل عن السطح يبال عليه فتصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب؟ فقال: لا بأس به ما أصابه من الماء أكثر منه »(1). وقد دلّت هذه الصحيحة على عدم نجاسة المطر المتقاطر على داخل البيت مع العلم بملاقاته البول في ظهره وقد علّله (عليه السلام) بأن ما أصابه من الماء أكثر بمعنى أن الماء غالب على نجاسة السطح . والمراد بالسطح في الرواية هو الكنيف وهو الموضع المتخذ للبول فان قوله (عليه السلام) «يبال عليه» وصف للسطح ، أي المكان المعد للبول كما ربما يوجد في بعض البلاد . لا بمعنى السطح الذي يبول عليه شخص واحد بالفعل . فالمتحصل منها أن ماء المطر إذا غلب على الكنيف ، ولم يتغيّر بما فيه من البول وغيره ـ  كما في صورة عدم غلبته  ـ فهو محكوم بالطهارة والاعتصام .

   الثالثة : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : «سألته عن البيت يبال على ظهره ، ويغتسل من الجنابة ثم يصيبه المطر أيؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة ؟ فقال : إذا جرى فلا بأس به . قال وسألته عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صُبّ فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلّي فيه قبل أن يغسله ؟ فقال : لا يغسل ثوبه ولا رجله ويصلي فيه ولا بأس» (2) وقد دلت هذه الصحيحة أيضاً على عدم انفعال ماء المطر بملاقاة النجس كالخمر فيما إذا تقاطر عليه ، بل الأمر كذلك حتى في الماء المتصل بما يتقاطر عليه المطر كالماء المتصل بالجاري والكر ونحوهما ، وبهذه الصحاح الثلاث يحكم باعتصام ماء المطر وعدم انفعاله بالملاقاة .

   (1) هذه العبارة كعبائر سائر الأعاظم (قدس سرهم) غير واقعة في محلها ، لأن كون ماء المطر كالجاري ليس مدلول آية ولا رواية ، وغاية ما هناك أنه ماء عاصم كالكر ونحوه ، وأمّا أنه كالجاري من جميع الجهات ، ولو في الأحكام الخاصة المترتبة على عنوان الجاري فلم يقم عليه دليل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 144 / أبواب الماء المطلق ب 6 ح 1 .

(2) الوسائل 1 : 145 / أبواب الماء المطلق ب 6 ح 2 .

ــ[213]ــ

سواء جرى من الميزاب أو على وجه الأرض أم لا (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net