ــ[324]ــ
الثاني : العقل(1) والايمان(2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الجماعة ، فانّ الاختلاف من حيث الجماعة والفرادى مع وحدة الصلاة لو اقتضى الاستئناف ، فمع تعددها بطريق أولى .
وكيف ما كان ، فيستفاد من مجموع الأخبار أنّ الموضوع للاستحباب ما لو أذّن أو أقام لصلاة خاصة لا مطلقاً فلاحظ .
(1) ربما يستدل له بالاجماع وأنّه العمدة في المقام ، لكن الظاهر عدم الحاجة إليه ، فانّ الحكم مطابق لمقتضى القاعدة ، حيث لم يتوجه أمر إلى المجنون بمقتضى حديث رفع القلم ، ومعه يحتاج السقوط عنه بعد ما أفاق ، أو عن سامع أذانه ، إلى الدليل ولا دليل .
(2) قدّمنا في كتاب الطهارة عند التكلم حول غسل الميت(1) اعتبار كون المغسّل مؤمناً ، استناداً إلى الروايات الكثيرة الدالة على أنّ عمل المخالف باطل عاطل لا يعتد به ، وقد عقد صاحب الوسائل باباً لذلك في مقدمة العبادات(2) ، وقلنا ثمة أنّها هي عمدة الدليل على اعتبار الاسلام أيضاً ، وإلا فلم ينهض ما يعوّل عليه في اعتباره في غير ما يعتبر فيه الطهارة .
ويدلنا على اعتبار الايمان في المقام مضافاً إلى ما ذكر ، موثقة عمّار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال : «سئل عن الأذان هل يجوز أن يكون عن غير عارف ؟ قال : لا يستقيم الأذان ولا يجوز أن يؤذّن به إلا رجل مسلم عارف ، فان علم الأذان وأذّن به ولم بكن عارفاً لم يجز أذانه ولا إقامته ، ولا يقتدى به»(3) .
فانّ المراد بالعارف هو المؤمن ، كما تعارف إطلاقه عليه في لسان الأخبار .
نعم ، يجزئ سماع أذان المخالف ، لأنّ العبرة بالسماع والمفروض أنّ السامع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح العروة 8 : 374 .
(2) الوسائل 1 : 118/ أبواب مقدمة العبادات ب 29 .
(3) الوسائل 5 : 431 / أبواب الأذان والإقامة ب 26 ح 1 .
ــ[325]ــ
وأمّا البلوغ فالأقوى عدم اعتباره(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مؤمن ، غايته أن يتم ما نقصه بمقتضى مذهبه اخذاً باطلاق ما دل على تتميم النقص حسبما تقدم(1) فلا ملازمة بين المسألتين .
(1) يقع الكلام تارة في الاجتزاء بأذان الصبي ، واُخرى في الاجتزاء بسماعه فهنا جهتان :
أمّا الجهة الاُولى : فلا ينبغي الاشكال في الاجتزاء ، من غير فرق بين أذاني الاعلام والاعظام ، لا لما هو الأصح من شرعية عبادات الصبي ، إذ لا ملازمة بين الشرعية وبين الاجتزاء . ومن ثم استشكلنا فيه ـ مع البناء على الشرعية ـ في جملة من الموارد كتغسيله للميت أو صلاته عليه ، فانّ في اجتزاء البالغين بذلك تأمّلا بل منعاً .
بل لنصوص دلت عليه في خصوص المقام قد عقد لها باباً في الوسائل :
منها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : لابأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم»(2) . فانّ إطلاقها يشمل الأذانين وإن كانا للجماعة فيجتزئ به غيره .
ومنها : وهي أوضح ، موثقة غياث بن ابراهيم «قال : لابأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤمّ القوم وأن يؤذّن»(3) حيث فرض فيها إمامته للجماعة ، فيكون أذانه طبعاً للصلاة .
ومنها : معتبرة طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) «قال : لابأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم وأن يؤمّ»(4) فانّ طلحة وإن كان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 311 .
(2) الوسائل 5 : 440/ أبواب الأذان والاقامة ب 32 ح 1 .
(3) الوسائل 5 : 441/ أبواب الأذان والاقامة ب 32 ح 4 .
(4) الوسائل 8 : 323/ أبواب الجماعة ب 14 ح 8 .
ــ[326]ــ
عامياً كما ذكره الشيخ إلا أنّه قال ما لفظه : إلا أنّ كتابه معتمد(1) وظاهر الاستثناء أنّ الاعتماد على الكتاب من أجل وثاقته لا لخصوصية فيه كي يختص الاعتماد بما يروي عن كتابه . مضافاً إلى أنّه من رجال كامل الزيارات(2) .
ومنها : موثقة سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : يجوز صدقة الغلام وعتقه ويؤمّ الناس إذا كان له عشر سنين»(3) فانّها تدل بالاطلاق على جواز إمامته حتى للبالغين ، فيجوز أذانه ايضاً بطبيعة الحال ، ولعل التقييد بالعشر من أجل رعاية التمييز ، إذ لا تمييز قبله عادة .
ولكن هذه النصوص معارضة من حيث الائتمام بموثقة اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه «انّ علياً (عليه السلام) كان يقول : لابأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا يؤمّ حتى يحتلم ، فإن أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه»(4) فتتساقط من هذه الجهة ، وحيث لا إطلاق في نصوص الجماعة بالاضافة إلى الامام ليرجع إليه في الصبي بعد التساقط ، فلا جرم يحكم بعدم صحة الائتمام بالنسبة للبالغين وإن جاز للصبي ، وأمّا بالنسبة إلى صحة أذانه والاجتزاء به فلا معارضة بينها .
وأمّا الجهة الثانية : فالاجتزاء بسماع أذان الصبي محل إشكال على حذو ما تقدم(5) من الاستشكال في الاجتزاء بسماع أذان المرأة من عدم الاطلاق في أدلة السماع ، فانّ عمدتها روايتان وردت إحداهما في سماع الباقر أذان الصادق (عليه السلام) ، والاُخرى في سماع أذان الجار ، وشيء منهما لا إطلاق له يشمل المرأة ولا الصبي .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الفهرست : 86/362 .
(2) ولكنه لم يكن من رجاله بلا واسطة .
(3) ، (4) الوسائل 8 : 322/ أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 5 ، 7 .
(5) في ص 319 .
ــ[327]ــ
خصوصاً في الأذان(1) ، وخصوصاً في الاعلامي(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمّا الاُولى فواضح ، وكذا الثانية لانصرافها إلى الأذان الغالب المتعارف وهو كون المؤذّن رجلا لا امرأة ولا صبياً ، لندرة أذانهما بحيث ينصرف الذهن عنهما ، بل قد تقدم(1) أنّها قضية في واقعة فلا اطلاق لها من أصله .
نعم ، لا ينبغي الاشكال في الاجتزاء بحكاية أذان الصبي ، لوضوح أنّ الحاكي مؤذّن حقيقة في تلك الحالة ، فلا وجه لعدم الاجتزاء ، هذا كله في أذان الصبي .
وأمّا إقامته فلم يرد فيها نص ، والتعدي عن الأذان إليها بلا وجه .
نعم . مقتضى النصوص المتقدمة الدالة على جواز إمامته الاجتزاء باقامته أيضاً ، لشمولها باطلاقها لما إذا كان الامام هو المقيم ، كما لعله الغالب . بل في بعض النصوص(2) أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام) كانا بنفسهما يقيمان عند الامامة ، وربما يقيم غيرهما ، فلو لم تكن اقامته مجزئة للزم التنبيه ليتداركها الماموم البالغ ، إلا انك عرفت ان تلك النصوص معارضة في موردها بموثقة اسحاق بن عمار المانعة عن امامته ، ولا اطلاق في نصوص الجماعة يعول عليه بعد التساقط ومن ثم كان الاجتزاء باقامته فيما لو اقام للجماعة في غاية الاشكال . هذا بناء على مشروعية عباداته كما هو الاصح ، واما على التمرينية فالامر اوضح .
(1) لكونه مورداً للنص كما سبق ، وللاجماع بقسميه كما في الجواهر(3) .
(2) لاتحاد الصبي مع البالغ في تحصيل الغاية وهو الاعلام بعد عدم كونه عبادياً كما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 320 .
(2) الوسائل 5 : 438/ أبواب الأذان والاقامة ب 31 .
(3) الجواهر 9 : 54 .
ــ[328]ــ
فيجزئ أذان المميز وإقامته((1))(1) إذا سمعه أو حكاه أو فيما لو أتى بهما للجماعة .
وأما اجزاؤهما لصلاة نفسه فلا إشكال فيه(2) . وأمّا الذكورية فتعتبر في أذان الإعلام(3) والأذان والاقامة لجماعة الرجال غير المحارم(4) . ويجزئان لجماعة النساء(5) والمحارم على إشكال في الأخير ، والأحوط عدم الاعتداد ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قد عرفت الاشكال في الاجتزاء باقامته سماعاً وجماعة لا حكاية فلاحظ .
(2) فانّ حالهما حال بقية الأجزاء والشرائط المجزئة لنفسه ، شرعية كانت أم تمرينية .
(3) لقصور دليله عن الشمول للنساء ، نظراً إلى أنّ المطلوب في هذا الأذان رفع الصوت ، بل في صحيح زرارة «كلما اشتد الصوت كان الأجر أعظم»(2) وبما أنّ المطلوب من المرأة خفض صوتها وإن لم يكن عورة ، فمناسبة الحكم والموضوع تقتضي انصراف النصوص إلى الرجال وعدم شمولها للنساء .
(4) بل المحارم أيضاً حسبما احتاط (قدس سره) أخيراً ، فلو شاركت النساء في جماعة الرجال أو كان الامام رجلا لا يجتزأ بأذان المرأة ولا باقامتها ، إذ لا دليل لفظي لنتمسك باطلاقه ، وعمدة المستند في الاجتزاء هي السيرة المؤيدة ببعض النصوص ، وشمولها للمرأة حتى المحارم غير معلوم لو لم يكن معلوم العدم .
(5) إذ بعد البناء على مشروعية الجماعة للنساء وعدم التعرض في النصوص لكيفية خاصة ما عدا وقوف الامام وسطهنّ ولا تتقدمهن ، يعلم من ذلك مشاركتهنّ مع جماعة الرجال في الأحكام التي منها الاجتزاء في المقام ، فاذا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه إشكال ، والأحوط عدم الاجتزاء بهما ، نعم لا بأس بالاجتزاء بحكايتهما على الشرط المتقدّم .
(2) الوسائل 5: 410/ أبواب الأذان والاقامة ب 16 ح 2، نقل بالمضمون.
ــ[329]ــ
نعم الظاهر اجزاء سماع أذانهنّ بشرط عدم الحرمة كما مرّ وكذا إقامتهن((1))(1) . ــــــــــــــــــــــ
كان يجزئ أذان الامام وإقامته أو بعض المأمومين في جماعة الرجال يجزئ في جماعة النساء أيضاً بمناط واحد .
(1) لكنك عرفت في المسألة التاسعة الاستشكال فيه ، بل المنع عنه لعدم إطلاق يشملهنّ . نعم لا ينبغي الاشكال في الاجتزاء بحكاية أذانهنّ لأنّها بنفسها أذان مستقل كما سبق . ـــــــــــــــ
(1) وقد مرّ الاشكال فيه ، بل المنع عنه .
|