ــ[365]ــ
[1408] مسألة 5 : يجوز للمصلي فيما إذا جاز له ترك الاقامة تعمّد الاكتفاء بأحدهما((1))(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقول : الظاهر هو التفصيل بين الأذان والاقامة ، فلا رجوع إذا كان المنسي بعض فصول الأذان أو شرائطه ، لما عرفت من عدم الدليل على الرجوع حتى مع نسيان تمام الأذان فضلاً عن نسيان بعض ما يتعلق به ، لاختصاص مورد النصوص بنسيانهما معاً او نسيان خصوص الاقامة ، وعدم ورود نص قط في نسيان الأذان فقط . ومعه كان المتبع دليل حرمة القطع ، فاذا لم يجز الرجوع مع نسيان تمام الأذان فمع بعضه بطريق أولى .
وهكذا الحال فيما إذا كان المنسي بعض فصول الاقامة ، لما عرفت من عدم كونه مورداً للنص بعد وضوح عدم صدق نسيان الاقامة عليه ليشمله الدليل ، إذ لا يطلق عليه عرفاً أنّه نسي الاقامة ، ولاسيّما إذا كان المنسي هو الفصل الأخير ، بل يقال إنّه أتى بها غير أنّه نسي بعض فصولها . إذن فيبقى عموم المنع عن قطع الفريضة على حاله .
نعم ، يتجه ما في الجواهر فيما إذا كان المنسي بعض شرائط الاقامة كالقيام أو الطهارة ، لما أفاده (قدس سره) من أنّ الوجود الفاسد بمنزلة العدم ، فيصدق في مثله حقيقة أنّه لم يأت بالاقامة المأمور بها ، فتشمله نصوص الاعادة .
وبالجملة : فالمتجه هو التفصيل بين الأذان فلا رجوع مطلقاً ، وبين الاقامة مع التفصيل فيها أيضاً بين نسيان الشرط فيرجع ، لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه ، فيصدق أنّه كان موظفاً بالاقامة فنسيها ، وبين نسيان الجزء فلا يرجع ، إذ لا يصدق أنّه كان موظفاً بالاقامة ، بل موظفاً ببعض أجزائها ونسيه ، ومثله غير مشمول لنصوص ناسي الاقامة .
(1) تقدّم(2) الاشكال في الاكتفاء بالأذان وحده ، إذ النصوص بين ما تضمّن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرّ أنّا لم نقف على دليل جواز الاكتفاء بالأذان وحده .
(2) في ص 265 .
ــ[366]ــ
لكن لو بنى على ترك الأذان فأقام ثم بدا له فعله أعادها بعده(1) .
[1409] مسألة 6 : لو نام في خلال أحدهما أو جنّ أو اُغمي عليه أو سكر ثم أفاق ، جاز له البناء(2) ما لم تفت الموالاة(3) مراعياً لشرطية الطهارة في الاقامة(4) لكن الأحوط الاعادة فيها مطلقاً(5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأمر بهما أو بخصوص الاقامة ، ولم نعثر على نص تضمّن الأمر بالأذان وحده ، وحيث إنّه عبادة فلا يسوغ الاتيان من دون الأمر إلا بعنوان الرجاء .
(1) رعاية للترتيب المعتبر بينهما لدى التصدي للجمع كما تقدم(1) .
(2) لعدم ثبوت قاطعية شيء من هذه الاُمور ، واحتمالها مدفوع بالاطلاقات .
(3) إذ بعد البناء على اعتبارها بين الفصول كما سبق(2) ، ففواتها موجب للبطلان بطبيعة الحال .
(4) لاعتبارها فيها دون الأذان كما تقدم(3) فيلزمه تحصيلها لايقاع بقية الفصول معها ، ولا يقدح تخلل الحدث بينها ، لعدم كونها مثل الصلاة في اعتبار الطهارة في الأكوان المتخللة ، وقد عرفت عدم الدليل على القاطعية .
(5) أي سواء فاتت الموالاة أم لا . والوجه في هذا الاحتياط الاستحبابي أمران :
أحدهما : خبر علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال : «سألته عن المؤذّن يحدث في أذانه أو إقامته ، قال : إن كان الحدث في الأذان فلا بأس ، وإن كان في الاقامة فليتوضأ وليقم إقامة»(4) فانّه ظاهر في قاطعية الحدث واعتبار الطهارة في الأكوان المتخللة ، ولكنه ضعيف السند بعبد الله بن الحسن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 329 .
(2) في ص 335 .
(3) في ص 341 .
(4) الوسائل 5 : 393/ أبواب الأذان والاقامة ب 9 ح 7 .
ــ[367]ــ
خصوصاً في النوم(1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلا يعوّل عليه .
ثانيهما : النصوص المتقدمة(1) الناطقة بأنّ الاقامة من الصلاة ، التي يظهر منها أنّ حال الاقامة حال الصلاة ، فكما أنّ الحدث قاطع لها لو وقع بين أجزائها ، فكذلك قاطع للاقامة لو حدث بين فصولها .
هذا ، وقد تقدم(2) الكلام حول هذه النصوص مستوفى ، وذكرنا ما ملخّصه : امتناع إرادة المعنى الحقيقي من هذه النصوص ، ضرورة أنّ أوّل الصلاة التكبير فكيف تكون الاقامة الواقعة قبلها منها ، كامتناع إرادة التنزيل من تمام الجهات ، لاعتبار اُمور في الصلاة لا تعتبر في الاقامة قطعاً ، فلا مناص من إرادة التنزيل من بعض الجهات ، وهي التي اُشير إليها في تلك النصوص من التمكن وعدم التكلم ونحوها .
وبالجملة : استفادة قاطعية الحدث منها مبني على عموم التنزيل ولا دليل عليه ، لو لم يكن مقطوع العدم .
وعليه فالاحتياط المطلق في المسألة استناداً إلى ذينك الوجهين في غير محله ، بل هو استحبابي لمجرد ادراك الواقع .
(1) وجه الخصوصية وضوح حدثيّته في قبال ما تقدمه ممّا يزيل العقل من الجنون والاغماء والسكر ، إذ لا مستند في ناقضيتها إلا الاجماع القابل للخدش ، ومن ثمّ ناقش بعضهم فيها حسبما هو مذكور في محله(3) بخلاف بقية النواقض من النوم والبول والغائط ونحوها .
ومنه تعرف أنّ ذكر النوم من باب المثال لمطلق النواقض من غير خصوصية فيه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 235 .
(2) في ص 236 .
(3) شرح العروة 4 : 445 .
|