ــ[368]ــ
وكذا لو ارتدّ عن ملة ثم تاب(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم لا يخفى أنّ موضوع المسألة في غاية الشذوذ والندرة بمثابة يكاد يلحق بالعدم ، اذ كيف يمكن فرض النوم أو الجنون ونحوهما أثناء الاقامة ، ثم الانتباه أو الافاقة ثم تجديد الطهارة من دون فوات الموالاة بين الفصول ، ولا سيّما وأنّ الأصل عدمها لدى الشك فيها كما لا يخفى ، اللهم إلا أن يفرض النوم لحظات يسيرة والماء موجود عنده .
وكيف ما كان ، فالصغرى في الاقامة نادرة وإن كانت الكبرى تامة حسبما عرفت .
(1) الظاهر رجوعه إلى صدر المسألة ، يعني إنّه يبني على ما مضى من أذانه ، لعدم الدليل على قاطعية الارتداد ، ويحتمل ضعيفاً رجوعه إلى الذيل ، يعنى انّه يحتاط بالاعادة ، والمعنى واحد ، وإنّما الفرق في ثبوت الاحتياط الاستحبابي على الثاني دون الأوّل .
وكيف ما كان فيفهم من التخصيص بالملّي البطلان في الفطري ، والوجه فيه : ما نطقت به جملة من الآيات الشريفة من حبط أعماله السابقة التي منها ما صدر منه من الأذان والاقامة .
ويعضده : ما ورد من أنّه يقتل وتبين منه زوجته وتقسّم أمواله ، الكاشف عن أنّه يعتبر كالميت ، فاذا تاب فكأنه إنسان جديد ، وكل ما أتى به كأنّه لم يكن ، فلا مناص من الاعادة بعد التوبة .
وهذا بخلاف الملي بعد التوبة ، فانّه كمن أذنب ثم استغفر ، ومن البيّن أنّ الذنب أثناء الأذان أو الاقامة لا يستوجب القطع .
ومنه يظهر الفرق فيما لو تحقق الارتداد بعد الفراغ منهما ، فانه يعيد الفطري لمكان الحبط دون الملي .
وأمّا وجه الاحتياط الاستحبابى ـ على الاحتمال الثاني ـ فهو إمّا فتوى جمع من الأصحاب بمبطلية الكفر على الاطلاق ، أو إطلاق بعض الآيات المتضمّنة للحبط بالكفر الشامل لقسميه .
ــ[369]ــ
[1410] مسألة 7 : لو أذّن منفرداً وأقام ثم بدا له الامامة يستحب له اعادتهما(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقول : الظاهر أنّ الارتداد لا يوجب البطلان مطلقاً ، سواء أكان عن فطرة أو ملّة ، فان الآيات الواردة في الحبط بالكفر مقيّدة بأجمعها بمن استمرّ على كفره حتى مات بمقتضى قوله تعالى : (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـلُهُمْ فِى الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ وَأُولَـئِكَ أَصْحَـبُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ)(1) .
ولعل وجه الحبط في هذه الحالة ظاهر ، إذ الأساس في قبول الأعمال هو الايمان ، فاذا مات عن كفر فجميع أعماله منفورة في جنب كفره ومرفوضة تجاه ارتداده الذي هو أعظم المعاصي وأبغضها .
إذن فلا موضوع للحبط بعد التوبة ، وعدم الاستمرار على الكفر ، ومعه لا دليل على انقطاع الأذان أو الاقامة بالارتداد حتى عن فطرة متعقبة بالتوبة .
وأمّا النصوص المتضمنة للقتل والتقسيم وبينونة الزوجة وإن تاب ، فهي ناظرة إلى عدم قبول التوبة في ارتفاع هذه الآثار ، لاعدمه على سبيل الاطلاق لتدل على حبط الاعمال كي يكون مقتضاها البطلان في المقام .
كيف وهذا بعيد غاية البعد عمّن رحمته سبقت غضبه ووسعت كل شيء وهو أرحم الراحمين . فاذا كان هذا هو الحال في المرتد الفطري ففي الملى بطريق أولى ، إذ لا حبط في مورده أصلاً .
(1) لموثقة عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : «سئل عن الرجل يؤذّن ويقيم ليصلي وحده فيجيء رجل آخر فيقول له : نصلي جماعة ، هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والاقامة ؟ قال : لا ، ولكن يؤذّن ويقيم»(2) بعد وضوح حمل الأمر بهما على الاستحباب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 217 .
(2) الوسائل 5 : 432 / أبواب الأذان والاقامة ب 27 ح 1 .
|