وجوب استدامة النيّة - نيّة القطع أو القاطع أثناء الصلاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5106


ــ[49]ــ

   [ 1428 ] مسألة 15 : يجب استدامة النيّة إلى آخر الصلاة ، بمعنى عدم حصول الغفلة بالمرّة بحيث يزول الداعي على وجه لو قيل له ما تفعل يبقى متحيِّراً (1) ، وأمّا مع بقاء الداعي في خزانة الخيال فلا تضرّ الغفلة ، ولا يلزم الاستحضار الفعلي (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهكذا الحال بناءً على تفسيرها بالاخطار الراجع إلى إحضار صورة العمل بتمامه في الذهن مقارناً للتكبير ، وهو أيضاً لا صعوبة فيه وإن كان الأوّل أسهل ، وما عدا ذلك هواجس نفسانية ، بل وساوس شيطانية ينبغي للعاقل الاجتناب عنها ، وعدم الاشتغال بها وإتلاف الوقت في سبيلها .

   وقد حكي عن بعض الأكابر أ نّه لو وجب على الانسان أن يصلي بلا نيّة لتعذّر ، ضرورة أنّ الفعل الاختياري لا بدّ وأن يصدر مع القصد ولا يمكن تفكيكه عنه ، فالصعوبة إذن في ترك النيّة لا في فعلها .

   (1) لكشف التحيّر عن زوال تلك النيّة الاجمالية الارتكازية عن اُفق النفس ، إذ مع بقائها لزم الالتفات إليها بأدنى توجه .

   وبالجملة : فالعبرة في الاستدامة باستناد العمل بقاءً إلى ما كان مستنداً إليه حدوثاً ، من غير فرق إلاّ من ناحية الالتفات التفصيلي والاجمالي .

   والوجه في وجوب الاستدامة واضح ، ضرورة عدم صدق الاتيان بتمام أجزاء المركب عن نيّة إلاّ بذلك .

   (2) أي في تمام حالات الصلاة تفصيلاً ، إذ مضافاً إلى تعذّره غالباً ، بل ومنافاته مع الخشوع وحضور القلب المرغوب فيه في الصلاة ، لا دليل عليه بوجه .

ــ[50]ــ

   [ 1429 ] مسألة 16 : لو نوى في أثناء الصلاة قطعها فعلاً أو بعد ذلك أو نوى القاطع والمنافي فعلاً أو بعد ذلك ، فان أتمّ مع ذلك بطل . وكذا لو أتى ببعض الأجزاء بعنوان الجزئية ثم عاد إلى النيّة الاُولى ، وأمّا لو عاد إلى النيّة الاُولى قبل أن يأتي بشيء لم يبطل ، وإن كان الأحوط الاتمام والاعادة . ولو نوى القطع أو القاطع وأتى ببعض الأجزاء لا بعنوان الجزئية ثم عاد إلى النيّة الاُولى فالبطلان موقوف على كونه فعلاً كثيراً ((1))، فان كان قليلاً لم يبطل خصوصاً إذا كان ذكراً أو قرآناً ، وإن كان الأحوط الاتمام والإعادة أيضاً (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) بعد الفراغ عن اعتبار النيّة في تمام أجزاء الصلاة واستدامتها إلى آخرها تعرّض (قدس سره) لمسـألة القطع وهي تنحـل إلى فروع ، ونحن نرتّبها على خلاف الترتيب المذكور في المتن ، لكونه أسهل تناولاً كما ستعرف .

   فمنها :  أ نّه لو نوى القطع أو القاطع في أثناء الصلاة فعلاً أو بعد ذلك ، ثم عاد إلى النية الاُولى قبل أن يأتي بشيء، فالمشهور حينئذ هو بطلان الصلاة . وذهب المحقق في الشرائع (2) وجملة من المتأخرين منهم السيّد (قدس سره) في المتن إلى الصحة .

واستدلّ للمشهور بوجوه لا ينبغي التعرّض لأكثرها لوضوح فسادها. والعمدة منها إنّما هو وجه واحد وحاصله : أنّ المستفاد من أدلّة القواطع كقوله (عليه السلام) : إنّ القهقهة أو الحدث أو التكلّم يقطع الصلاة (3) ، وكذا ممّا دلّ على أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أو كونه مما تبطل الصلاة بمطلق وجوده .

(2) الشرائع 1 : 95 .

(3) راجع الوسائل 7 : 250 ، 231 ، 281 / أبواب قواطع الصلاة ب 7 ، 1 ، 25 .

ــ[51]ــ

افتتاحها التكبير واختتامها التسليم(1) ، أنّ للصلاة هيئة اتصالية ملحوظة بين المبدأ والمنتهى ، وأ نّها معتبرة في الصلاة ، فكما أنّ الأجزاء من الأفعال والأذكار من الصلاة ، فكذلك الأكوان والآنات المتخللة بينها ، فلا بدّ من مراعاة النيّة واستدامتها في جميعها حتى في تلك الأكوان ، لكونها منها كسائر الأجزاء ، والنيّة شرط في جميعها، فكما أنّ الاخلال بسائر الشروط كالاستدبار والحدث والتكلّم ونحوها يوجب البطلان حتى في تلك الأكوان بلا إشكال ، فكذا استدامة النيّة وحيث إنّ نيّة القطع تسـتوجب الاخلال بالنيّة في هذه القطعة من الزمان ووقوعها عن غير نيّة ، فلا محالة توجب بطلان الصلاة .

   وبعبارة اُخرى : نيّة القطع إمّا أن توجب قطع الصلاة والخروج عنها المساوق لبطلانها أو  لا . فعلى الأوّل فهو المطلوب ، وعلى الثاني وتسليم كونه بعد في الصلاة ، فحيث إنّ هذا الكون الصلاتي عار عن النيّة لا محالة فتختل استدامة النيّة في هذه القطعة من الزمان بالضرورة فيوجب البطلان من أجل فقدان الشرط قهراً .

   وهذا أحسن ما قيل في وجه البطلان، وأمّا بقية الوجوه فكلّها ضعيفة ساقطة التي منها ما قيل من أنّ النيّة الاُولى بعد زوالها لا يجدي الرجوع إليها ، لفوات المقارنة لأوّل العمل ، ولا بدّ من صدور العمل عن نيّة سابقة عليه .

   إذ فيه : أنّ النيّة اللازم سبقها على العمل هي نيّة المجمـوع والمفروض سبقها عند النيّة الاُولى، وأمّا نيّة الجميع أي نيّة كل جزء جزء قاصداً به الأمر الضمني المتعلِّق به ، فهو مقـارن لكل جزء لا سابق عليه ، وهو حاصل بعد الرجوع والعود كما لا يخفى . وهكذا غيره من سائر الوجوه التي لا يخفى ضعفها على من لاحظها ، فالعمدة إذن هو الوجه الذي عرفته .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الوسائل 6 : 9 / أبواب تكبيرة الاحرام ب 1 ، 415 / أبواب التسليم ب 1 .

ــ[52]ــ

   والجواب : أ نّا نختار الشق الثاني ، وأنّ مجرد نيّة القطع أو القاطع لا يوجب الخروج عن الصلاة . قولكم إنّ اللاّزم منه الاخلال باستدامة النيّة في الأكوان المتخللة ، فيه : أ نّه لا دليل على اعتبار الاستدامة فيما عدا الأجزاء من الأفعال والأذكار .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net