الجهة الثانية : إذا تذكر عدم الاتيان بالمغرب بعد القيام إلى الركعة الرابعة من العشاء ، فالمعروف بقاء محل العدول حينئذ ، فيهدم القيام ويتمّها بنيّة المغرب كما صرّح به في المتن .
لكنّه لم يرد به النص ، لاختصاصه بما إذا كان التذكر في الركعة الثانية من العشاء أو الثالثة دون الرابعة ، ومن هنا ربما يشكل في جواز العدول حينئذ لخلوّ النص عنه ، وقد عرفت أنّ مقتضى القاعدة عدم الجواز، لكنّ الظاهر جواز العدول في المقام، فانّه وإن لم يرد به نص بالخصوص ، لكن يمكن استفادته من إطلاق قوله (عليه السلام) في موثقة عبدالرحمان بن أبي عبدالله : «فاذا ذكرها وهو في صلاة بدأ بالتي نسي ... إلخ» (1) الشامل لما إذا كان التذكّر بعد القيام إلى الرابعة .
نعم ، لا يعمّ ما إذا كان بعد الدخول في ركوعها ، للزوم زيادة الركن حينئذ فيعلم من ذلك أنّ ذكر الركعتين أو الثلاث في الأخبار ومنها نفس هذا الخبر، إنّما هو من باب المثال لا لخصوصية فيهما .
وأمّا سند الخبر فليس هناك من يتأمل فيه عدا الحسين بن محمد الأشعري ومعلى بن محمد .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 291 / أبواب المواقيت ب 63 ح 2 .
ــ[68]ــ
أمّا الأوّل ، المعبّر عنه بما ذكر تارة ، وبالحسين بن محمد بن عامر اُخرى وبالحسين بن محمد بن عمران ـ الذي هو جده ـ ثالثة ، فهو من مشايخ الكليني وقد أكثر الرواية عنه ، فإن قلنا إنّ مجرد ذلك كاف في التوثيق ، لكشف الاكثار عن الاعتماد عليه فهو ، وإلاّ فيكفي كونه من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة ، فلا وجه للغمز في السند من أجله ، بل قد وثقه النجاشي أيضاً بعنوان الحسين بن محمد بن عمران (1) ، وإن كان الموجود في كامل الزيارات بعنوان الحسين بن محمد بن عامر ، فهو موثق بتوثيقهما بعدما عرفت من اتحاد الرجل .
وأمّا الثاني ، الذي هو شيخ الحسين بن محمد المزبور لروايته عنه كثيراً ، فقد ذكر النجاشي أ نّه مضطرب الحديث والمذهب (2) ، والظاهر أنّ مراده باضطراب الحديث روايته عن الضعفاء واشتمال حديثه على المناكير ، فلا يكون مستقيماً في حديثه وعلى نهج واحد ، فهذا التعبير على حدّ ما يعبّر من أنّ فلاناً يعرف من حديثه وينكر ، وليس المراد بذلك الخدش في وثاقة الرجل كما لا يخفى .
وأمّا الاضطراب في المذهب من كونه غالياً تارة ، أو مائلاً إلى سائر المذاهب اُخرى ، فلا يقدح في التوثيق كما لا يخفى .
وعلى الجملة : لا يظهر من عبارة النجاشي تضعيف الرجل كي يعارض به التوثيق المستفاد من وقوعه في أسانيد تفسير القمي ، فالأقوى وثاقته لما ذكر فلا بأس بالاعتماد على الرواية لقوة السند والدلالة ، فمن أجلها يحكم بجواز العدول في المقام .
هذا مضافاً إلى إمكان الاستناد في ذلك إلى حديث لا تعاد ، فانّ العدول إلى المغرب لو كان التذكر أثناء العشاء في الجملة ممّا لا إشكال فيه ، ومن هنا لو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رجال النجاشي : 66 / 156 .
(2) رجال النجاشي : 418 / 1117 .
|