ــ[69]ــ
الثاني : إذا كان عليه صلاتان أو أزيد قضاءً (1) فشرع في اللاحقة قبل السابقة ، يعدل إليها مع عدم تجاوز محل العدول ، كما إذا دخل في الظهر أو العصر فتذكّر ترك الصبح القضائي السابق على الظهر والعصر، وأمّا إذا تجاوز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان التذكر قبل القيام إلى الرابعة جاز العدول بلا ارتياب ، فلو لم يجز بعده وحكم ببطلان الصلاة حينئذ كان البطلان مستنداً إلى القيام الذي هو داخل في المسـتثنى منه ، وقد حكم في الحديث بعدم الاعادة لو كان الاخلال من غير ناحية الخمسة المستثناة .
ونتيجة ذلك : جواز العدول حينئذ أيضاً وعدم بطلان الصلاة . ولا نعني بهذا الكلام التمسك باستصحاب جواز العدول الثابت قبل القيام إلى الرابعة ، لعدم حجية الاستصحاب في الشبهات الحكمية في نفسه سيّما التعليقي منه كما في المقام لأنّ الجواز المزبور كان معلّقاً على التذكر ، فيقال في تقرير الاستصحاب لو كان التذكر قبل القيام إلى الرابعة جاز العدول فكذا ما بعد القيام إليها، والاستصحاب التعليقي ساقط كما حقق في الاُصول (1) .
بل المراد الاستناد إلى نفس حديث لاتعاد في الحكم بالصحة بالتقريب الذي عرفته .
ثم لا يخفى أنّ العدول في هذه الصورة ـ أي من الحاضرة إلى الحاضرة ـ واجب ، بمعنى أ نّه لا يجوز له إتمام الصلاة بالعنوان الذي دخل فيها من العصر أو العشاء للزوم الاخلال بالترتيب ، فلو أراد إتمامها لزمه العدول ، وأمّا الوجوب بمعنى عدم جواز رفع اليد عنها فهو مبني على القول بحرمة القطع اختياراً .
(1) هذا من العدول من الفائتة إلى الفائتة ، فنقول :
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 3 : 137 .
ــ[70]ــ
أتمّ ما بيده على الأحوط، ويأتي بالسابقة ويعيد اللاّحقة((1)) كما مرّ في الأدائيتين وكذا لو دخل في العصر فذكر ترك الظهر السابقة فانّه يعدل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد يفرض ذلك في المرتبتـين ، كما لو دخل في العصر قضاءً فتذكّر فوت الظهر ، أو العشاء كذلك فذكر فوت المغرب ، والكلام فيه بعينه هو الكلام في الحاضرتين المرتبتين ، للزوم رعاية الترتيب بين الظهرين والعشاءين ، سواء أكانتا حاضرتين أو فائتتين بلا إشكال ، فيجري فيه جميع ما مرّ حتى من حيث التجاوز عن المحل وعدمه .
واُخرى يفرض في غيرهما ، كما لو دخل في المغرب القضائي فتذكر فوت العصر أو في الظهر كذلك فتذكّر فوت الصبح السابق عليه ، وحينئذ فان لم يتجاوز محل العدول جاز بل وجب العدول إلى السابقة بناءً على لزوم رعاية الترتيب في قضاء الفوائت ، وإن كان الأقوى عدم اللزوم فلا يجب العدول .
وإن جاوز محله كما لو كان تذكر فوت الصبح بعد الدخول في ركوع الثالثة من الظهر ، فبناءً على لزوم الترتيب في قضاء الفوائت بطل ما بيده ، فيرفع اليد عنه لعدم إمكان تحصيل الشرط ويسـتأنفهما ، وإن كان الأحوط إتمامه بما نواه ثم الاتيان بالسابقة وإعادة اللاحقة كما ذكره في المتن .
وأمّا بناءً على عدم اللزوم كما هو الأقوى ، فحيث لا محل للعدول أتمها ظهراً ثمّ أتى بالسابقة .
وكيف كان ، فأصل جواز العدول في هذه المسألة مستفاد من الاطلاق في صحيح عبدالرحمن وهو قوله (عليه السلام) : «فاذا ذكرها وهو في صلاة بدأ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط ، والأظهر عدم وجوبها في غير المترتبتين في أنفسهما .
ــ[71]ــ
الثالث : إذا دخل في الحاضرة فذكر أنّ عليه قضاءً (1) ، فانّه يجوز له أن يعدل إلى القضاء إذا لم يتجاوز محل العدول ، والعدول في هذه الصورة على وجه الجواز بل الاسـتحباب ، بخلاف الصورتين الأولتين فانّه على وجه الوجوب ((1)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالتي نسي» (2) ، فلا إشكال في الحكم ، وقد مرّ بعض الكلام في فصل أحكام الأوقات(3) ، وسيجيء مزيد التوضيح في مبحث القضاء إن شاء الله تعالى (4) .
(1) هذا من العدول من الحاضرة إلى الفائتة ، وقد تضمّنته صحيحة زرارة صريحاً ، فيجوز العدول إلى القضاء مع بقاء محله ، كما لو تذكر فوت الصبح قبل الدخول في ركوع الثالثة من الظهر الأدائي ، بل يجب بناءً على لزوم تقديم الفائتة على الحاضرة ، كما أ نّه بناءً على هذا المبنى يجب رفع اليد عنه لو كان التذكّر بعد تجاوز المحل ، كما لو كان التذكر بعد الدخول في الركوع المزبور ، للزوم الاخلال بالترتيب لو أتمّـه ، والعدول غير ممكن على الفرض ، لكن المبنى غير تام والترتيب غير لازم في المقام . كما سيجيء تفصيله في مبحث القضاء إن شاء الله تعالى(5) .
وعليه ، فمع بقاء المحل لا يجب العدول ، بل غايته الجواز للصحيحة المتقدمة . نعم، هو مستحب بناءً على استحباب تقديم الفائتة ما لم يتضيق وقت الحاضرة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحكم بالوجوب في الصورة الثانية مبني على القول بوجوب الترتيب .
(2) الوسائل 4 : 291 / أبواب المواقيت ب 63 ح 2 .
(3) شرح العروة 11 : 401 .
(4) شرح العروة 16 : 133 .
(5) شرح العروة 16 : 182 .
|