كيفية تكبيرة الإحرام - وصل التكبيرة بما سبقها - وصل التكبيرة بما بعدها 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6640


ــ[98]ــ

وصورتها الله أكبر من غير تغيير ولا تبديل، ولا يجزئ مرادفها ولا ترجمتها بالعجمية أو
غيرها(1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومع الغض عنه فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن مانعية هذه التكـبيرة ، بناءً على ما هو الصحيح من الرجوع إليها في الأقل والأكثر الارتباطيين ، بل يمكن الحكم بها حتى فيما إذا كبّر لصلاة اُخرى عامداً عالماً فضلاً عن النسيان ، إذ لا موجب للبطلان بعد عدم صدق الزيادة ، وقد تقدّم أنّ نيّة القطع بمجردها غير قادحة (1) ، فالتكبيرة لصلاة اُخرى بمجردها بل ومع مقدار من الأجزاء ـ غير الركوع والسجود ـ لا تضرّ بصحة الصلاة الاُولى لو رجع إليها ما لم يستلزم الفصل الطويل الماحي للصورة كما لا يخفى .

   (1) يقع الكلام في جهات ثلاث :

   الاُولى :  في وجوب المحافظة على هذه الصورة بما لها من المادة والهيئة من غير تبديل ولا تغيير في شيء منهما ، فلا يجزئ مرادفها كقوله : الرّحمن أعظم ونحوه ، أو ترجمتها بلغة اُخرى ، كما لا يجزئ الاخلال بالهيئة مثل تعريف أكبر أو تقديمه على لفظ الجلالة ، أو الفصل بينهما بمثل كلمة سبحانه أو جلّ جلاله أو عزّ وجلّ أو تعالى ، ونحو ذلك .

   الثانية :  في عدم وصلها بما سبقها من دعاء ونحوه .

   الثالثة :  في عدم وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة ونحوهما .

   أمّا الجهة الاُولى :  فلا خلاف بين الفقهاء ، بل قيل بين المسلمين قاطبة من الخاصة والعامة في وجوب الاتيان بتلك الصورة من غير تغيير ولا تبديل، وأ نّه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 50 .

ــ[99]ــ

قلّت مسألة في الفقه تتفق عليها آراء عموم المسلمين كهذه (1) . وهذا الاجماع بنفسه دليل مستقل صالح للاعتماد عليه ، فان اكتفينا به ، وإلاّ فلا بدّ من إقامة الدليل على الحكم .

   وقد استدل له تارة : بمرسلة الصدوق قال : «كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أتمّ الناس صلاة وأوجزهم ، كان إذا دخل في صلاته قال : الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم» (2) بضميمة قوله (صلّى الله عليه وآله) «صلوا كما رأيتموني اُصلّي» (3) .

   واُخرى : بما في خبر المجالس باسناده في حديث «وأمّا قوله الله أكبر ـ إلى أن قال ـ لا تفتتح الصلاة إلاّ بها» (4) فانّ مرجع الضمير في قوله «إلاّ بها» هي التكبيرة المتقدم ذكرها على صورة الله أكبر ، لا مطلق التكبيرة كما هو ظاهر .

   وربّما يورد على الوجه الأوّل : بأنّ المراد بالموصول في قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «كما رأيتموني اُصلّي» لا يمكن أن تكون الصلاة المشتملة على جميع الخصوصيات ، لاختلافها وعدم انضباطها ، فلا بدّ وأن يراد البعض المعيّن من تلك الخصوصيات ، وحيث لا قرينة عليه لعدم كونه متحصلاً لدينا فيكون مجملاً فلا يصلح للاستدلال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ولكن الذي يظهر من ابن رشد في بداية المجتهد وجود الخلاف فيه قال في ج 1 ص 123 ما لفظه : قال مالك : لا يجزئ من لفظ التكبير إلاّ الله أكبر . وقال الشافعي : الله أكبر والله الأكبر اللفظان كلاهما يجزى به . وقال أبو حنيفة : يجزئ عن لفظ التكبير كل لفظ في معناه مثل : الله الأعظم والله الأجل .

(2) الوسائل 6 : 11 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 1 ح 11 ، الفقيه 1 : 200 / 921 .

(3) عوالي اللآلي 1 : 198 ، السنن الكبرى 2 : 345 .

(4) الوسائل 6 : 12 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 1 ح12 ، أمالي الصدوق: 255 / 279 .

ــ[100]ــ

   وفيه :  ما لا يخفى ، فانّ الخصوصيات التي اقترنت بها صلاته (صلّى الله عليه وآله) وإن كان بعضها مختلفة كوقوعها في المسجد تارة وفي الدار اُخرى ، أو مع اللباس الشتوي مرّة ، والصيفي اُخرى ونحو ذلك ممّا يقطع بعدم دخله في الصلاة ، إلاّ أنّ جملة اُخرى منها ـ ومنها التكبيرة ـ معيّنة منضبطة كان يواظب عليها في جميع صلواته قطعاً ، وإلاّ لنقل إلينا بالضرورة فلا إجمال فيها .

   نعم ، يرد عليه أوّلاً : أنّ مرسلة الصدوق ضعيفة بالارسال فلا تصلح للاستدلال . وثانياً : قصور الدلالة لو لم تكن ظاهرة في الجواز ، غاية ما هناك أنّ الصلاة حينئذ لا تكون من الموجز ، لا أ نّها لا تصح كما لا يخفى .

   وثالثاً : أنّ رواية «صلّوا كما رأيتموني اُصلّي» لم ترد بطرقنا ولم توجد في كتبنا ، وإنّما ذكرت في كتب العامة ورويت بطرقهم فلا يمكن الاعتماد عليها، وإن أرسلها الأصحاب كالمحقق الهمداني(1) وغيره إرسال المسلمات من دون غمز في السند .

   وأمّا الوجه الثاني : أعني خبر المجالس ، فهو ضعيف السند أوّلاً ، إذ الصدوق يرويه عن شيخه محمد بن علي ماجيلويه وهو مهمل في كتب الرجال ، ومجرد كونه من مشايخ الاجازة لا يدل على التوثيق ، كيف وقد صرّح الصدوق في حق بعض مشايخه بما لفظه : لم أر أنصب منه (2) . هذا وقد اشتمل آخر السند على الحسن بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن مجهول . نعم ، والده من شهداء الطف المستغنين عن التوثيق بل التعديل ، إذ ليسوا بأقل من شهداء بدر .

   كما اشتمل وسطه على علي بن الحسين البرقي وهو أيضاً مجهول ، فالسند

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الصلاة) : 242 السطر 17 .

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 279 / 3 .

 
 

ــ[101]ــ

ضعيف من جهات ثلاث فلا يمكن الاعتماد على الخبر .

   كما أ نّه قاصر الدلالة ثانياً ، بل على خلاف المطلوب أدل ، إذ المذكور في المجالس هكذا « ...  وأمّا قوله والله أكبر ـ إلى أن قال ـ لا تفتتح الصلاة إلاّ بها» فهو مشتمل على زيادة الواو على خلاف المنقول عنه في الوسائل كما نبّه عليه المعلّق . فالاستدلال بشيء من الوجهين لا يتم .

   والأولى  الاستدلال عليه من وجوه :

   أحدها :  إطلاق أدلة الجزئية مثل قوله (عليه السلام) «تحريمها التكبير» (1) بعد انصراف التكبير فيها إلى ما هو المعهود المتعارف المنقول عن صاحب الشرع ، والمفروض في الأذان ، والذي يعرفه حتى النِّساء والصبيان ، ولم يختلف فيه اثنان ، لا من الخاصة ولا من العامة كما عرفت . فالمعروفيّة بهذه المثابة من الكثرة والشيوع في جميع الأعصار والأمصار بحيث متى قيل لأحد كبّر لا يتفوّه إلاّ بقوله الله أكبر ، لا شك في أ نّه يوجب صرف إطلاق التكبير في تلك الأدلة إلى هذه الكيفية الخاصة الرائجة بين عموم المسلمين ، بل لعلّه لا يوجد تعارف أشد من ذلك في صرف الاطلاق ، فمقتضى دليل الجزئية بعد التنزيل على المتعارف وجوب هذه الكيفية بخصوصها وعدم الاجتزاء بغيرها .

  ومعه لا تصل النوبة إلى الرجوع إلى الأصل العملي الذي مقتضاه هو البراءة ، بناءً على ما هو الصحيح من الرجوع إليها عند الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، وكذا عند الشك بين التعيين والتخيير الذي هو في الحقيقة من مصاديق الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، ولا فرق بينهما إلاّ في مجرّد التعبير كما أوضحناه في الاُصـول(2) . فما عن بعض من التفكـيك بينهما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 11 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 1 ح 10 .

(2) مصباح الاُصول 2 : 453 .

ــ[102]ــ

بالرجوع إلى البراءة في الأوّل ، والاشتغال في الثاني في غير محلّه .

   الثاني :  الأخبار الدالة على أنّ عدد التكبير في الصلوات الخمس اليومية خمس وتسعون ، كموثق معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : التكبير في الصلاة الفرض الخمس صلوات ، خمس وتسعون تكبيرة ، منها تكبيرات القنوت خمس»(1) . فانّ المستفاد منها أنّ تلك التكبيرات التي منها الافتتاح كلها من سنخ واحد وعلى صورة واحدة ، فاذا انضمّ ذلك إلى قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة : «إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : الله أكبر ... » (2) إلخ المشتملة على بيان الكيفية في تكبيرة الركوع ، يظهر من ذلك أنّ تكبيرة الافتتاح أيضاً كذلك ، لما عرفت من استظهار كون الجميع من سنخ واحد وبكيفية واحدة .

  الثالث : ـ وهو العمدة ، والاستدلال به أقوى من سابقه وأظهر ـ صحيحة حماد الواردة في بيان كيفية الصلاة التي استدلّ بها الأصحاب في كثير من المقامات قال فيها: «واستقبل بأصابع رجليه (جميعاً) لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة فقال : الله أكبر ... » إلخ (3) ثم قال (عليه السلام) في ذيلها «يا حماد هكذا صلّ ... » إلخ ، فانّ ظاهر الأمر وجوب الاتيان بتلك الكيفية الظاهر في الوجوب التعييني(4) بمقتضى الاطـلاق . ولا يقدح في الاسـتدلال اشـتمالها على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 18 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 5 ح 1 .

(2) الوسائل 6 : 295 /  أبواب الركوع ب 1 ح 1 .

(3) الوسائل 5 : 459 /  أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1 .

(4) الاستدلال بهذه الصحيحة وإن تكرر في كلمات سيّدنا الاُستاذ (دام ظله) تبعاً لجمع من الأعلام ، لكنه مبني على ظهور الأمر في قوله (عليه السلام) «يا حماد هكذا صلّ» في الوجوب ، فيؤخذ به ما لم تقم قرينة على الخلاف حسبما قرره (دام ظله) إلا أنّ   لقائل أن يقول : إنّ التأمل في صدر الصحيحة يقضي بأ نّه (عليه السلام) لم يكن بصدد تعليم الصلاة الواجبة لاباء مقام حماد عن خفاء مثل ذلك عليه ، ولا سيّما مع التقبيح والتوبيخ الشنيع بمثل قوله (عليه السلام) «ما أقبح بالرجل منكم» إلخ ، أفهل يحتمل أنّ مثل هذا الرجل العظيم وهو من أجلة الفقهاء ، بل من أصحاب الاجماع يأتي عليه ستون أو سبعون سنة وهو لا يدري الحدود الواجبة للصلاة .

         إذن فلا ينبغي التأمل في أ نّه (عليه السلام) بصدد تعليم الصلاة بحدودها التامة ومزاياها الكاملة كما اُشير إليه في صحيحة اُخرى لحماد بقوله (عليه السلام) «إنّ للصلاة أربعة آلاف حد» [ المستدرك 4 : 84 /  أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 2 ] ، وعليه فلا ظهور للأمر المزبور إلا في الارشاد إلى مثل هذه الصلاة ، دون الوجوب التعييني كما ادعي ، فلا تصلح للاستشهاد حتى فيما لم تقم قرينة على الخلاف ، لما عرفت من احتفافها بقرينة داخلية قاضية بعدم سوقها لبيان الحدود الواجبة .

         ومنه تعرف أنّ ما في المتن من الاستغراب في غير محله ، بل ينبغي الاستغراب من الاستدلال بها في سائر المقامات فلاحظ .

ــ[103]ــ

جملة من المستحبات لما ثبت في محله من أنّ اقتران الكلام بما ثبت استحبابه من الخارج لايمنع من الظهور في الوجوب فيما عداه الفاقد للقرينة على الخلاف(1) سيّما بناءً على مسلكنا من خروج الوجوب والاسـتحباب عن مدلول الأمر وكونهما بحكم العقل ومنتزعين من الاقتران بالترخيص في الترك وعدمه(2) ، فما ثبت اقترانه بالترخيص في الترك كان مستحبّاً وإلاّ حكم العقل بوجوبه، وحيث لم يثبت الترخيص المزبور في التكبير كان واجباً . وليت شـعري كيف غفل الأصحاب عن التمسك بهذه الصحيحة في المقام مع وضوح دلالتها واستنادهم إليها في كثير من المقامات متعرضين للاشكال المزبور ودفعه بما ذكر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 138 .

(2) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 131 .

ــ[104]ــ

والأحوط عدم وصلها بما سبقها من الدعاء(1) أو لفظ النيّة وان كان الأقوى جوازه((1)) وتحذف الهمزة من (الله) حينئذ .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) هذه هي الجهة الثانية من الكلام ، وقد اختار (قدس سره) جواز وصل التكبيرة بما سبقها من الدعاء ونحوه بحذف الهمزة من الله حينئذ ، وإن ذكر (قدس سره) أنّ الأحوط هو عدم الوصل ، والمشهور هو عدم الجواز

   واستدلّ لهم ـ كما في الذكرى(2) ـ بما يتألف من مقدّمتين : إحداهما : أنّ المعهود المنقول من صاحب الشرع هو قطع همزة الله وعدم وصلها بما تقدمها . الثانية : أ نّه لا كلام قبل تكبيرة الاحرام ، فلو تكلفه واستلزم سقوط همزة الوصل لكونه من خواص الدرج بكلام متصل ، فقد تكلف ما لا يحتاج إليه ، فيخرج اللفظ عن أصله المعهود شرعاً .

   وفي كلتا المقدمتين ما لا يخفى، أمّا الاُولى: فلعدم الدليل على تخصيص الصادر من صاحب الشرع بذلك . نعم ، المنقول عنه (صلّى الله عليه وآله) ذلك ، إلاّ أ نّه لم ينقل عدم صدور غيره منه ، ومجرد ذلك لا يكون دليلاً على العدم ، فلعله صدر ولم ينقل إلينا . فدعوى أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يأت بها إلاّ مقطوعة عن الكلام السابق لا شاهد عليها ـ  كما صرح به في الجواهر(3) ـ  .

   وأمّا الثانية :  فان اُريد من الكلام المنفي وجوده قبل تكبيرة الاحرام الكلام الواجب فهو صحيح ، إلاّ أنّ من المعلوم أنّ السقوط من خواص الدرج بكلام متصل واجباً كان أم لا ، وإن اُريد النفي بقول مطلق حتى المستحب منه أو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه وفيما بعده إشكال فالاحتياط لا يترك .

(2) الذكرى 3 : 256 .

(3) الجواهر 9 : 206 .

ــ[105]ــ

   كما أنّ الأقوى جواز وصلها بما بعدها (1) من الاستعاذة أو البسملة أو غيرهما ، ويجب حينئذ إعراب راء أكبر ، لكن الأحوط عدم الوصل .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المباح فهو مقطوع العدم، كيف والتكبيرة هي التحريم ، فلايحرم الكلام إلاّ بعدها لا قبلها ، وقد ثبت استحباب جملة من الأدعية قبلها ولا أقل من تكبيرات الافتتاح الست ، فمن الجائز أن يوصل التكبيرة السادسة بالتكبيرة السابعة التي بها تفتتح الصلاة ، المستلزم لسقوط همزة الوصل حينئذ الذي هو من شؤون الدرج بكلام متصل .

   ومن هنا قد يقوى في النظر ـ بعد عدم قيام دليل على المنع ـ جواز الوصل كما اختاره في المتن ، استناداً إلى أصالة البراءة عن مانعيته ، بناءً على ما هو الصحيح من الرجـوع إليها في الأقل والأكثر الارتباطيين ، وقد أشرنا إلى أنّ هذا الباب وباب الدوران بين التعيين والتخيير من واد واحد ، بل أحدهما عين الآخر ، والاختلاف في مجرد التعبير ، فلا وجه للتفكيك بالرجوع إلى البراءة في الأوّل والاشتغال في الثاني .

   هذا ، ولكن الحكم بالجواز مشكل جداً ، لامكان الاستدلال على المنع بصحيحة حماد المتقدمة(1) حيث ذكر فيها صورة التكبيرة منفصلة عن أيّ شيء قبلها ، ثم قال (عليه السلام) في ذيلها : «يا حماد هكذا صلّ» ، والأمر ظاهر في الوجوب التعييني ، فجواز الوصل يحتاج إلى الدليل ، وبدونه يتعيّن العمل بظاهر الأمر ، فلا تصل النوبة إلى الرجوع إلى الأصل العملي المزبور . وكيف كان ، فعدم جواز الوصل ووجوب قطع الهمزة إن لم يكن أقوى فلا ريب أ نّه أحوط .

   (1) هذه هي الجهة الثالثة من الكلام ، فنقول : إذا بنينا على جواز الوصل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 102 .

ــ[106]ــ

بالسكون فلا ينبغي الاشكال حينئذ في جواز وصل التكبيرة بما بعدها، لحصول المحافظة على هيئتها من دون أيّ تغيير .

   وأمّا إذا بنينا على عدم الجواز فالظاهر أيضاً جواز الوصل مع إعراب راء أكبر ـ كي لا يلزم الوصل بالسكون ـ إذ لا دليل على وجوب الوقف على أكبر بل مقتضى إطلاق صحيحة حماد (1) عدمه ، سيّما وقد تعرّض فيها للوقف والتنفس بعد الفراغ عن التوحيد قبل الشروع في تكبيرة الركوع بقوله : «ثم قرأ الحمد بترتيل وقل هو الله أحد ، ثم صبر هنيئة بقدر ما تنفس وهو قائم ، ثم قال الله أكبر ... » إلخ مع أنّ الصبر والتنفس هنا غير واجب قطعاً ، فلو كان الوقف في تكبيرة الاحرام واجباً كان ذكره أولى والتعرض له أحرى كما لا يخفى .

   وكيف كان ، فاطلاق الصحيحة رافع لاحتمال الوجوب ، فانّ هذه الصحيحة وغيرها من الروايات الواردة لبيان كيفية الصلاة إنّما تتكفل ببيان الأجزاء بموادها ، وأمّا إعراب الكلمات من الوقف والحركات فهو محوّل إلى قانون اللغة والقواعد العربية والاُصول المقررة لذلك ، ومن هنا لا نجد في شيء من تلك الأخبار تعرّضاً لذلك . وعليه فاذا احتملنا لزوم مراعاة شيء على خلاف ما تقتضيه تلك القواعد كوجوب الوقف في المقام وعدم وصل التكبيرة بما بعدها جاز التمسّك في دفعه باطلاقها .

   ولا ينافي ذلك ما تقدّم منّا من عدم جواز وصل التكبيرة بما قبلها استناداً إلى صحيحة حماد ، لأنّ ذلك كان مستلزماً لتغيير مادة اللّفظ ، لسقوط همزة الله في الدرج ، وقد عرفت أنّ ظاهر الصحيحة الأمر بهذه الهيئة بمادتها ، وأمّا في المقام فالتغيير راجع إلى الإعراب ، والصحيحة كغيرها من سائر الأخبار غير ناظرة إليه كما عرفت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدّمة في ص 102 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net