وجوب تعلّم التكبيرة - الاجتزاء بالملحونة مع ضيق الوقت للتعلّم 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5788


ــ[117]ــ

   [ 1450 ] مسألة 6 : من لم يعرفها يجب عليه أن يتعلّم (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويؤيدها :  روايات اُخرى بهذا العنوان لا تخفى على المراجع ، فلا إشكال في الحكم وأ نّه لا بدّ في الامتثال من التكلم بهذه الاُمور على نحو يسمع نفسه (1) إما تحقيقاً ، أو تقديراً كما في الأصم لعارض ، أو كان هناك مانع عن سماع الصوت .

   (1) مراده (قدس سره) من عدم المعرفة بقرينة ذكر الملحون وغير القادر فيما بعد ، من لم يعرفها صحيحة سواء لم يعرفها أصلاً ، أو لم يعرف الصحيح منها .

   ثم إنّ الوجوب في المقام ليس غيرياً شرعياً مقدمة لوجود الصحيح ، ولا علمياً عقلياً مقدمة لاحراز الامتثال الواجب بحكم العقل ، بل هو من صغريات وجوب تعلم الأحكام المردد بين كونه واجباً نفسياً أو طريقياً أو غيرهما ، وقد وردت فيه النصوص من قوله (عليه السلام): «هلاّ تعلّمت»(2) ومن آية الذكر(3) وغيرهما، حسبما تعرّضنا له في الاُصول في خاتمة البراءة مستقصى(4) ، فانّ الكبرى المبحوث عنها هناك أعم من تعلم نفس الأحكام أو موضوعاتها المتلقاة من قبل الشارع التي عهدة بيانها عليه ، ولا بدّ من الرجوع إليه في معرفتها وكيفياتها كما في المقام في قبال الموضوعات العرفية الموكول معرفتها إلى العرف .

   وممّا ذكرنا يظهر أنّ وجوب التعلم في المقام وغيره ثابت حتى قبل دخول

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ما ذكره (دام ظله) في المقام هو المطابق لما سيجيء في مبحث القراءة المسألة (27) ولما أورده في منهاجه المسألة (620) ولكنه مخالف لما جاء في تعليقته الشريفة على المقام فلاحظ .

(2) البحار 2 : 29 ، 180 .

(3) النحل 16 : 43 .

(4) مصباح الاُصول 2 : 493 ، 495 .

ــ[118]ــ

ولا يجوز له الدخول في الصلاة قبل التعلم (1) إلاّ إذا ضاق الوقت فيأتي بها ملحونة (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقت ، لعدم كونه وجوباً غيرياً ترشحياً حتى يتوقف على فعلية وجوب ذي المقدمة كما عرفت، فانّ تعلم الأحكام بموضوعاتها المستنبطة واجب على الجاهل مطلقاً ـ إمّا نفساً أو طريقاً ـ كي لا تفوته الواقعيات في ظرفها المقرّر لها .

   (1) لا بمعنى مجرّد عدم الصحة وضعاً ، أو عدم الاجتزاء به عقلاً من أجل عدم إحراز أداء المأمور به ، بل بمعنى عدم جوازه شرعاً ـ زائداً على ذلك ـ لكونه من التشريع المحرّم ، لاحتمال عدم كون الصادر منه تكبيرة ، أو أ نّها تكون ملحونة، فانّه على التقديرين لم يتعلّق به الأمر وليس من أجزاء الصلاة، فافتتاح الصلاة والدخول فيها بذلك ، المساوق للاتيان به بعنوان الجزئية وبقصد الأمر تشريع محرّم .

   (2) بلا خلاف ، ويكفينا في ذلك إطلاقات الأمر بالتكبير مثل قوله (عليه السلام) : «تحريمها التكبير» (1) فانّه يشمل الصحيح والملحون . والتقييد بالأوّل على صورة الله أكبر ، إنّما كان من أجل الانصراف إلى المتعارف ، أو لفعل الإمام (عليه السلام) والأمر به كذلك كما في صحيحة حماد على ما تقدم (2) ، ولا ريب أنّ كلاً منهما خاص بحال الاختيار ، فيبقى الاطلاق في صورة العجز والاضطرار ـ  كما في المقام حيث لا يتمكن من تعلم الصحيح لضيق الوقت  ـ على حاله بعد صدق عنوان التكبير على كل من الصحيح والغلط .

   هذا ، مضـافاً إلى فحـوى موثقة السـكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 11 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 1 ح 10 .

(2) في ص 109 .

ــ[119]ــ

باصبعه» (1) فانّ الاكتفاء بتحريك اللسان والاشارة بالاصبع يستدعي الاجتزاء بالقراءة الملحونة ، وكذا التكبير الملحون بطريق أولى .

   وموثقة مسعدة بن صدقة قال : «سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول : إنّك قد ترى من المحرّم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح ، وكذلك الأخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك ، فهذا بمنزلة العجم والمحرّم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم
الفصيح» (2).

   فانّها كما ترى ظاهرة الدلالة على المطلوب ، حيث دلت على أنّ الذي يراد من المحرّم ـ وهو الاعرابي ـ (3) وكذا العجم ويحسب له هو العمل الناقص حسبما يدركه ويستطيعه كما في الأخرس ، وهذا شيء لا يساوي مع الذي يراد من العالم الفصيح من العمل الكامل الصحيح . ومثل هذا التعبير شائع في العرف فيقال : لا يراد من زيد ما يراد من عمرو ، يعنون به أنّ المطلوب منه هو العمل الناقص لكونه دون عمرو في الشأن والدرك . فلا يورد على الرواية بعدم دلالتها على الاجتزاء بالناقص ، بل غايتها عدم وجوب التام .

   هذا ، مع أنّ دعوى القطع بأنّ من لا يستطيع على أداء الصحيح وظيفته هو التلفظ بالملحون غير مجازفة ، ضرورة أنّ مثل هذا كمن في لسانه آفة لا يتمكن من أداء الحروف عن مخارجها فيبدل بعضها ببعض كتبديل الراء بالياء ونحوه موجود في كل عصر ، ولم يرد في شيء من الأخبار التعرض لبيان وظيفتهم الخاصة من حيث جعل البدل كالترجمـة ونحوها ، أو سقوط التكليف عنهم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 136 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 59 ح 1 .

(2) الوسائل 6 : 136 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 59 ح 2 .

(3) أعرابي محرّم : جاف لم يخالط الحضر ، كذا في المنجد [ في مادة حرم ] والأقرب [ 1 : 185 ] .

ــ[120]ــ

فيعلم من ذلك إيكال الأمر إلى الوضوح ، وأنّ وظيفتهم هو ما يستطيعون .

   فتحصّل :  أنّ مقتضى الوجوه الأربعة المتقدمة ، وهي الاطلاقات والروايتان والعلم الخارجي هو وجوب الاتيان بالملحون والاجتزاء به .

   مضافاً إلى موثقة اُخرى للسكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله) : إنّ الرجل الأعجمي من اُمّتي ليقرأ القرآن بعجمية فترفعه الملائكة على عربيته» (1) ، بعد القطع بعدم خصوصية للقرآن ، فيعمّ التكبيرة وغيرها .

   وأمّا الاستدلال  عليه بما ورد من أ نّه كلّما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر(2) وأ نّه ما من شيء حرّم الله تعالى إلاّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه(3) فساقط ، إذ غاية ما يستفاد منها سقوط الوجوب عن التام الذي يستقل به العقل من أجل قبح التكليف بما لا يطاق من دون حاجة إلى الاستناد بهذه الأخبار ، لا إثبات وجوب الناقص الذي هو محل الكلام .

   كما أنّ الاستدلال  بحديث : «لا يترك الميسور بالمعسور» (4) وبما ورد من أنّ سين بلال شين عند الله (5) أيضاً ساقط ، لضعف سند الحديث فلا أساس لهذه القاعدة كما تعرضنا له في الاُصول (6) .

   وأمّا الرواية ، فلم تنقل بطرقنا ولذا لم يذكرها في الوسائل وإن ذكرت في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 221 /  أبواب قراءة القرآن ب 30 ح 4 .

(2) الوسائل 8 : 259 /  أبواب قضاء الصلوات ب 3 ح 3 .

(3) الوسائل 5 : 482 /  أبواب القيام ب 1 ح 6 ، نقل بالمضمون .

(4) عوالي اللآلي 4 : 58 / 205 .

(5) المستدرك 4 : 278 /  أبواب قراءة القرآن ب 23 ح 3 .

(6) مصباح الاُصول 2 : 477 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net