ــ[162]ــ
[ 1460 ] مسألة 16 : إذا شكّ في تكبيرة الاحرام ، فان كان قبل الدخول فيما بعدها بنى على العدم ، وإن كان بعد الدخول فيما بعدها من دعاء التوجّه أو الاستعاذة أو القراءة بنى على الاتيان ((1))، وإن شكّ بعد إتمامها أ نّه أتى بها صحيحة أو لا بنى على العدم ((2)) ، لكن الأحوط إبطالها بأحد المنافيات ثم استئنافها ، وإن شكّ في الصحة بعد الدخول فيما بعدها بنى على الصحة (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيضاً رفع اليدين ، ولعل لانضمامهما مدخلية في حصول العلّة ، فلا يمكن الجزم بالاستحباب ، نعم لا بأس بالاتيان بعنوان الرجاء .
(1) قد يفرض الشك في وجود التكبيرة واُخرى في صحتها بعد العلم بالوجود .
أمّا الأوّل : فلا ريب في وجوب الاعتناء والبناء على العدم فيما إذا كان الشك قبل الدخول فيما بعدها ، لمفهوم قوله (عليه السلام) في بعض أخبار قاعدة التجاوز : «إذا شككت في شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء» الدال على لزوم الاعتناء بالشك قبل تجاوز المحل . مضافاً إلى استصحاب العدم السالم عن أيّ دليل حاكم .
كما لا ريب في عدم الاعتناء فيما إذا كان الشك بعد الدخول فيما بعدها من الجزء الوجوبي كالقراءة ، لقاعدة التجاوز المستفادة من نصوص كثيرة الحاكمة على الاستصحاب المزبور ، بل إنّ صحيحة زرارة (3) صريحة في عدم الاعتناء بالشك في التكبير بعد ما قرأ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يشكل ذلك قبل الدخول في القراءة ، ولا بأس بالاتيان بها رجاءً .
(2) الأظهر هو البناء على الصحة .
(3) الوسائل 8 : 237 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 23 ح 1 .
ــ[163]ــ
إنّما الكلام فيما إذا كان الشك المذكور بعد الدخول في الجزء المستحب من الاستعاذة أو دعاء التوجه ، فانّ في جريان القاعدة حينئذ خلافاً تعرّضنا له ولتحقيق الحال فيه في الاُصول (1) وملخّصه :
أ نّه قد اعتبر في لسان أخبار الباب عنوان الدخول في الغير ، فهل المراد به مطلق ما كان مغايراً للمشكوك وإن لم يكن مترتباً عليه كالفعل العادي أو مطلق الذكر والدعاء والقرآن ، أو المراد خصوص ما كان مترتباً ؟ وعلى الثاني فهل يختص الجزء المترتب بما كان مسانخاً للمشكوك فيه في الوجوب أو يعمّه وغير المسانخ ؟
وجوه ، بل أقوال . فعلى الأوّل والأخير تجري القاعدة في المقام دون الثاني .
لكن لا سبيل إلى الأوّل ، لأنّ المأخوذ في الأخبار عنوان الدخول في الغير المستلزم للخروج عن المشكوك فيه ، وحيث لا معنى للخروج عن نفسه للشك في أصله ، فلا محالة يراد به الخروج عن محله المتوقف على الدخول فيما هو مترتب عليه ، وإلاّ فمجرد الاتيان بغير لا ترتب بينه وبين المشكوك فيه لا يحقق عنوان التجاوز عن المحل بالضرورة ، فعنوان الدخول والخروج يستدعيان اختصاص الغير بما يكون مترتّباً .
ومن هنا ذكرنا في محلّه (2) أ نّه لو قام إلى الركعة الثالثة وشكّ في الاتيان بالسجدتين مع تذكره حينئذ فوت التشهد لا تجري القاعدة فيهما ، فانّ الشك المزبور وإن كان بعد الدخول في الغير وهو القيام إلاّ أنّ هذا القيام لأجل وقوعه على صفة الزيادة من جهة ترك التشهد المستلزم لهدمه وتداركه ، لا يكون مترتباً على المشكوك فيه ، لعدم كونه مصداقاً للمأمور به . نعم ، بناءً على القول
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 3 : 300 .
(2) في شرح المسألة [ 2150 ] .
ــ[164]ــ
الآخر أعني الاكتفاء بمطلق الغير تجري القاعدة حينئذ .
كما لا سبيل إلى القول الأخير المبني على التمسك باطلاق قوله (عليه السلام) في ذيل صحيحة زرارة : «يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء» (1) الذي هو بمنزلة إعطاء ضابط كلي ، إذ فيه : أنّ الأمثلة المذكورة في الصحيحة ـ من الشك في التكبيرة وهو في القراءة ، وفيها وهو في الركوع ، وفيه وهو في السجود ـ كلها من قبيل الشك بعد الدخول في الجزء الوجوبي ، فلا ينعقد الاطلاق لذاك الضابط بحيث يعمّ الجزء الاستحبابي ، إذ من الجائز أن تكون هذه قرينة على اختصاص الضابط بموارد الجزء الوجوبي فيكون من احتفاف الكلام بما يصلح للقرينة الموجب للاجمال ، إذ معه لم يحرز كونه (عليه السلام) في مقام البيان من جميع الجهات كي ينعقد الاطلاق .
هذا ، مع أ نّا أشرنا في بعض المباحث السابقة إلى التنافي بين الجزئية والاستحباب ، إذ مقتضى الأوّل دخل شيء في الماهية وتقوّمها به المستلزم لانتفائها بانتفائه ، فكيف يجتمع ذلك مع الثاني الراجع إلى جواز الترك وعدم الدخل ، فما يتراءى من الأجزاء المستحبّة مرجعها إلى استحباب شيء ظرفه الواجب . وعليه فعدم جريان القاعدة حينئذ أظهر ، لعدم ترتب بين المستحب والمشكوك فيه بوجه .
ومن جميع ما ذكرناه تعرف : أنّ المتعيّن إنّما هو القول الثاني ، أعني اختصاص الغير بالجزء الوجوبي ، فلا يكفي الدخول في المستحب ، بل الشك معه من الشك في المحل ، ويزيده وضوحاً أ نّه لا شك في عدم جريان قاعدة التجاوز لو رأى نفسه في التعقيب وشكّ في أ نّه هل صلّى أو دخل في التعقيب ابتداءً ، مع أ نّه مستحب مترتب على الصلاة ، فلو كان مطلق الدخول في الغير
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 237 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 23 ح 1 .
ــ[165]ــ
المترتب وإن لم يكن مسانخاً كافياً في جريان القاعدة ، لزم البناء على الإتيان بالصلاة في المثال ، مع أ نّه لا يبنى عليه بلا إشكال فتأمّل .
|