وأمّا الثاني : أعني الشك في الصحة بعد العلم بالوجود، فان كان بعد الدخول في الغير ، فلا ينبغي الشك في الحكم بالصحة لقـاعدة الفراغ ، بناءً على ما هو الصحيح من جريانها في أجزاء المركب كنفسه ، لعدم قصور في إطلاق قوله (عليه السلام) في موثق ابن مسلم : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو»(1) للشمول للأجزاء ، بل إنّ الشك في الصحة يرجع في الحقيقة إلى الشك في الوجود ـ أي في وجود الصحيح ـ إذ لا نعني به إلاّ الشك في وجود المأمور به المساوق للصحيح لا في مطلق الوجود، فتشمله أدلّة قاعدة التجاوز ، ولذا ذكرنا في محله أنّ القاعدتين ـ الفراغ والتجاوز ـ مرجعهما إلى قاعدة واحدة ، وتمام الكلام في محله(2) .
وأمّا إذا كان قبل الدخول في الغير، فالأقوى أيضاً ذلك، لعدم اعتبار الدخول في الغير في مورد قاعدة الفراغ أعني الشك في الصحة ، وإنّما اعتبرناه في مورد التجاوز، لعدم صدق المضي والتجاوز عن الشيء المشكوك وجوده إلاّ بالتجاوز عن محلّه المتوقف على الدخول في الغير ، وأمّا المشكوك صحته فالمضي عنه إنّما يتحقق بمجرّد الفراغ منه من دون حاجة إلى الدخول في الغير ، فيشمله قوله (عليه السلام) في موثق ابن مسلم المتقدم : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» .
فما أفاده في المتن من البناء على العدم حينئذ في غير محله .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 237 / أبواب الخلل في الصلاة ب 23 ح 3 .
(2) مصباح الاُصول 3 : 269 ، [ اختار فيه امكان كونهما قاعدة واحدة هي قاعدة التجاوز بحسب مقام الثبوت ، وأمّا بحسب مقام الاثبات فقد اختار أنهما قاعدتان ] .
ــ[166]ــ
وإذا كبّر ثم شكّ في كونه تكبيرة الاحرام أو تكبير الركوع بنى على أ نّه للاحرام (1) . ــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا ما أفاده (قدس سره) من أنّ الأحوط إبطالها بأحد المنافيات ثم استئنافها فعجيب ، إذ كيف يكون الإبطال موافقاً للاحتياط مع احتمال صحة الصلاة ـ كما هو المختار على ما عرفت ـ والبناء على حرمة قطع الفريضة كما عليه المشهور . فهذا الاحتياط وإن اُحرز معه صحة الصلاة لكنه مخالف للاحتياط من جهة اُخرى ، لاحتمال ارتكاب الحرام من أجل قطع الفريضة ، بل إنّ سبيل الاحتياط في المقام الاتيان بتكبيرة اُخرى رجاءً بقصد أ نّه إن كانت الاُولى باطلة فالافتتاح يقع بهذه وإلاّ فتقع ذكراً . ومثل هذه الزيادة المأتي بها بقصد القربة المطلقة لا بقصد الجزئية غير مشمولة لأدلّة الزيادة العمدية المبطلة ، لاختصاصها بما إذا أتى بها بنيّة جزميّة لا بقصد الرجاء كما عرفت سابقاً .
(1) والوجه فيه ظاهر ، إذ مرجع الشك حينئذ إلى الشك في وجود القراءة وحيث إنّه في المحل لزم الاعتناء به عملاً بالاستصحاب وقاعدة الشك في المحل .
|