اعتبار عدم التفريج بين الرجلين حال القيام - هل يجب تسوية الرجلين في الاعتماد ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4144


ــ[190]ــ

وكذا يعتبر فيه عدم التفريج بين الرجلين فاحشاً (1) بحيث يخرج عن صدق القيام ، وأمّا إذا كان بغير الفاحش فلا بأس .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ففي غيره يتمسك باطلاقات القيام بعد صدقه على العاري عن الاستقلال حسب الفرض .

   وكذا الحال لو كان المستند الأخبار الخاصة المتقدمة ، إذ الظاهر منها اعتبار الاستقلال شرطاً مستقلاًّ ملحوظاً في القيام الواجب ، وهذا يقتضي الاختصاص بحال الاختيار، إذ العجز عنه(1) لا يستوجب سقوط أصل القيام، فانّ الضرورات تقدّر بقدرها ، هذا .

   وعلى جميع المباني والتقادير فالمستفاد من نفس النصوص سقوط اعتباره لدى العجز لقوله (عليه السلام) في صحيحة ابن سنان المتقدمة(2) ، «إلاّ أن تكون مريضاً» إذ المراد به بمقتضى مناسـبة الحكم والموضـوع المريض العاجـز عن الاستقلال وكذا قوله (عليه السلام) في موثقة ابن بكير(3) «ما بلغ أبوك هذا بعد» الظاهر في أنّ أباه (بكير) لو بلغ هذا الحد بحيث عجز عن القيام مستقلاً جاز له القيام الاتكائي .

   (1) أمّا التفريج الفاحش المخل بصدق القيام فلا إشـكال في عدم جوازه لمنافاته مع القيام الواجب ، وأمّا غير الفاحش ، أو الفاحش غير المخل بحيث

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العجز من الشرط عجز من المشروط فيسقط التكليف به لا محالة ، وتعلق تكليف آخر بالفاقد يحتاج إلى دليل ، ولا يثبته حديث الرفع كما لا يخفى ، كما لا يعيّنه دليل عدم سقوط الصلاة بحال ، لاحتمال كون الوظيفة هو الجلوس ، نعم تعيّنه نصوص الباب الخاصة ، فهي العمدة .

(2) الوسائل 5 : 500 /  أبواب القيام ب 10 ح 2 .

(3) الوسائل 5 : 487 /  أبواب القيام ب 1 ح 20 .

ــ[191]ــ

صدق معه القيام ، فالمشهور هو الجواز تمسكاً باطلاقات أدلة القيام ، لكن عن المفيد في المقنعة(1) ، والصدوق في المقنع(2) ، ومال إليه في الحدائق(3) عدم التباعد بين الرجلين أزيد من الشبر .

   واستندوا في ذلك إلى صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : إذا قمت إلى الصلاة فلا تلصق قدمك بالاُخرى ، ودع بينهما فصلاً إصبعاً أقل ذلك إلى شبر أكثره ... » إلخ (4) هكذا رواها في الوسائل في أبواب القيام ، وهو المطابق للكافي والحدائق (5) ، ورواها أيضاً في الوسائل في أبواب أفعال الصلاة (6) لكن بزيادة كلمة «من» بين لفظي «أقل» و «ذلك» فنقلها هكذا «إصبعاً أقل من ذلك إلى شبر أكثره» وهو الموافق للتهذيب الطبعة القديمة ، وأمّا الجديدة ، فموافقة للاُولى (7) .

   لكن الصحيح هي العبارة الاُولى ، لعدم استقامة المعنى على الثانية كما لايخفى . هذا، وقد حمل شيخنا البهائي (قدس سره)(8) الاصبع المذكور في هذه الصحيحة على  الطول  كي يطابق التحديد بثلاثة أصابع مفرّجات، المذكور في صحيحة حماد(9) ولا يخفى بعده فانّ المتداول في التحديد بالاصبع إرادة العرض دون الطول .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ المقنعة : 104 .

(2) لاحظ المقنع : 76 .

(3) الحدائق 8 : 65 .

(4) الوسائل 5 : 511 /  أبواب القيام ب 17 ح 2 .

(5) الكافي 3 : 334 / 1 ، الحدائق 8 : 3 .

(6) الوسائل 5 : 461 /  أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 3 . [ ولكن زيادة «من» توجد في الطبعة المصححة بتصحيح الشيخ عبدالرحيم الرباني ] .

(7) التهذيب 2 : 83 / 308 .

(8) الحبل المتين : 212 .

(9) الوسائل 5 : 459 /  أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1 .

ــ[192]ــ

والأحوط الوقوف على القدمين دون الأصابع وأصل القدمين ، وإن كان الأقوى كفايتهما أيضاً ، بل لا يبعد إجزاء الوقوف على الواحدة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وكيف كان ، فهذه الصحيحة وإن كان ظاهرها عدم جواز التفريج أكثر من الشبر كما ذكره اُولئك الأعلام ، لكنه لا يمكن الأخذ به ،

   أمّا أوّلاً :  فلأنّها مشتملة على ذكر عدة من الآداب والمستحبات ، ووحدة السياق تشهد بارادة الندب من الجميع ، إذ يبعد جداً إرادة الوجوب من هذه الخصوصية والاستحباب من جميع ما عداها ، فلاحظ .

   وأمّا ثانياً :  وهو العمدة ، أ نّا لا نحتمل الوجوب في مثل هذه المسألة العامة البلوى الكثيرة الدوران، إذ لو كان لبان وشاع وذاع وكان من الواضحات، كيف وقد ذهب المشهور إلى خلافه، ولم ينسب الوجوب إلاّ إلى المفيد والصدوق، مع أنّ التفريج أمر متعارف في الصلاة ، سيّما في السمين والبدين الذي يتحقق التباعد بين رجليه غالباً أزيد من الشبر بكثير ، ولو كان معتبراً لاُشير إليه في الأخبار أكثر من ذلك ، فلا محيص من الحمل على الاستحباب .

   (1) ينبغي التكلم في جهات :

   الاُولى :  أ نّه لو وقف على القدمين، إمّا لاختياره ذلك ، أو لوجوبه على القول به كما ستعرف ، فهل يجب تسوية الرجلين في الاعتماد أو لا ؟ وقد تعرّض الماتن لهذه الجهة مستقلاًّ في المسألة الحادية عشرة الآتية ، ونحن نقدّمها لمناسبتها مع المقام .

   الثانية :  في أ نّه هل يعتبر الوقوف على تمام القدمين ، أو يكفي بعضها من الأصابع أو أصلهما .

   الثالثة :  في أ نّه هل يجزي الوقوف على الواحدة ، أو يعتبر على القدمين معاً .

ــ[193]ــ

   أمّا الجهة الاُولى :  فيقع الكلام تارة في التسوية في مرتبة الاعتماد واُخرى في أصله .

   أمّا التسوية من حيث المرتبة ، بأن لا يكون الثقل على إحدى الرجلين أكثر من الاُخرى ، فربما ينسب ـ كما في الجواهر(1) ـ إلى جمع لزوم مراعاتها ، استناداً إلى الأصل ودليل التأسي من قوله (صلى الله عليه وآله) : «صلّوا كما رأيتموني اُصلي»(2) وبأنه المتبادر من الأمر بالقيام ، وبعدم الاستقرار بدونها .

   والكل كما ترى ، فان مقتضى الأصل هو البراءة ، بناءً على ما هو الحق من الرجوع إليها في الأقل والأكثر الارتباطي . ودليل التأسي ـ مضافاً إلى منعه كبروياً لما تقدّم (3) من النقاش في الحديث سنداً ودلالة ـ لا صغرى له في المقام، إذ لم تثبت رعاية هذه الكيفية في صلاته (صلّى الله عليه وآله) لو لم ندّع القطع بعدم تقيده (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بذلك كما لا يخفى . والتبادر ممنوع جداً ، فانه على تقديره بدوي لا اعتبار به . ومثله دعوى توقف الاستقرار على ذلك، بداهة إمكان حصوله ولو بدون التسوية كما هو ظاهر ، وعليه فاطلاق أدلة القيام هو المحكّم .

   ويؤيده :  صحيح محمد بن أبي حمزة عن أبيه قال : «رأيت علي بن الحسين (عليه السلام) في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي فأطال القيام حتى جعل يتوكّأ مرّة على رجله اليمنى ، ومرّة على رجله اليسرى ... » إلخ (4) وظاهره وإن كان هو النافلة التي يجوز فيها ترك القيام حتى اختياراً ، إلاّ أنّ المنسبق منه ولو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 9 : 251 .

(2) عوالي اللآلي 1 : 198 ، السنن الكبرى 2 : 345 .

(3) في ص 100 ، 185 .

(4) الوسائل 5 : 490 /  أبواب القيام ب 3 ح 1 .

ــ[194]ــ

بضميمة أصالة الاشتراك (1) الثابتة بين الفريضة والنافلة في الأحكام ، جواز مثل ذلك في الفريضة أيضاً ، والتعبير عنه بالخبر كما في مصباح الفقيه (2) المشعر بالضعف في غير محله كما لايخفى . وكيف كان ، فالعمدة هي المطلقات كما عرفت .

   وأمّا التسوية في أصل الاعتماد ، بأن لا يكون تمام ثقله على إحدى الرجلين بحيث لا يصدر من الاُخرى سوى مماسّة الأرض من دون مشاركتها للاُولى في حمل الثقل فقد اعتبرها في الجواهر (3) مصرّحاً بالحاق مثل ذلك برفع إحدى الرجلين بالكلية القادح في الصحة . وما ذكره (قدس سره) من الالحاق وجيه ضرورة عدم صدق الوقوف مع مجرد المماسّة ، إذ الوقوف على الشيء متقوّم بنحو من الاعتماد والاتكاء ، فهو في حكم الواقف على إحداهما ، إلاّ أنّ مثل ذلك غير ضائر بالصحة كما ستعرف، فالحكم في المقيس كالمقيس عليه هو الجواز.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا الأصل لا أصل له كما سيأتي في مطاوي المسألة الخامسة عشرة .

(2) مصباح الفقيه (الصلاة) : 258 السطر 12 .

(3) الجواهر 9 : 251 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net