ــ[224]ــ
ومع تعذّره فبالعينين ، بتغميضهما (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظيفة المستلقي هي الإيماء .
والعجب من صاحب الحدائق أ نّه مع نقله لهاتين الروايتين (1) كيف ادعى اختصاص نصوص الايماء بالاضطجاع ، وأ نّه لم يرد في الاستلقاء إلاّ غمض العينين(2) مع أنّ موثقة سماعة صريحة في وجوب الايماء (3) لدى الاستلقاء وموثقة عمار دالة عليه بالاطلاق كما سمعت .
(1) ويستدل له بمرسلة الصدوق قال : قال الصادق (عليه السلام) : «يصلي المريض قائماً ، فان لم يقدر على ذلك صلى جالساً ، فان لم يقدر أن يصلي جالساً صلى مستلقياً يكبّر ثم يقرأ ، فاذا أراد الركوع غمّض عينيه ثم سبّح ، فاذا سبّح فتح عينيه ، فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع ، فاذا أراد أن يسجد غمّض عينيه ثم سبّح فاذا سبّح فتح عينيه ، فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود ثم يتشهد وينصرف» (4) بعد التعدي عن موردها وهو الاستلقاء إلى الاضطجاع ، بعدم القول بالفصل .
وقد أسندها في الجواهر (5) إلى بزيع المؤذّن ، ولكنه سهو من قلمه الشريف
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحدائق 8 : 72 ، 75 .
(2) الحدائق 8 : 80 .
(3) لكنّها في الحدائق تبعاً للتهذيب 3 : 306 خالية عن ذكر الايماء وإنّما هو مذكور في الفقيه [ 1 : 235 / 1035 ] ، ولعل صاحب الحدائق لم يطلع عليه ، ومنه تعرف أنّ ما في الوسائل من نسبته إلى الشيخ في غير محله .
(4) الوسائل 5 : 484 / أبواب القيام ب 1 ح 13 ، الفقيه 1 : 235 / 1033 .
(5) الجواهر 9 : 267 .
ــ[225]ــ
ولعلّ الذي أوقعه في الاشتباه هو أنّ صاحب الوسائل روى قبل المرسلة بلا فصل رواية اُخرى عن بزيع ، فاشتبه وألحق متن إحداهما بسند الاُخرى .
وكيف ما كان ، فالرواية من جهة الارسال غير صالحة للاستدلال ، ولا نقول بالانجبار ، وإسناد الصدوق لها إلى الصادق (عليه السلام) بضرس قاطع لا يقتضي أزيد من اعتقاده بذلك لا متابعتنا له في ذلك .
والأولى : أن يستدل له بوجه آخر ، وهو أ نّا قد علمنا من صحيحة زرارة الواردة في باب المستحاضة (1) المعتضدة بما في موثقة عمّار المتقدمة (2) من قوله (عليه السلام) « ... فكيف ما قدر فانّه له جائز» أنّ الصلاة لاتسقط بحال ، وأ نّه يأتي مهما أمكن بما قدر منها وتيسّر ، هذا من ناحية .
ومن ناحية اُخرى ، قد علمنا من حديث التثليث (3) وغيره من النصوص أنّ الركوع والسجود من مقوّمات الصلاة الدخيلة في صدق اسمها وتحقيق ماهيتها ، كما وعلمنا أيضاً أنّ الشارع قد جعل لدى العجز عنهما بدلاً يعدّ مرتبة نازلة عنهما وهو الايماء بالرأس .
إذن يستنتج من هاتين المقدمتين أنّ الشارع الأقدس لا بدّ وأن يجعل بدلاً آخر لدى العجز عن هذا البدل ، حذراً عن الإخلال بماهية ما لا يسقط بحال وحيث لا يحتمل أن يكون ذاك البدل شيئاً آخر غير غمض العينين من الايماء باليد أو الرجل مثلاً ـ سيّما وأنّ الإيماء بالعينين أقرب إلى الايماء بالرأس من غيره ، مضافاً إلى تسالم الأصحاب عليه ـ فلا جرم كان هو المتعيّن ، فليتأمّل .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 373 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5 .
(2) في ص 214 .
(3) الوسائل 6 : 310 / أبواب الركوع ب 9 ح 1 .
ــ[226]ــ
وليجعل إيماء سجوده أخفض منه لركوعه ((1)) (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على المشهور ، بل عن الذكرى(2) نسبته إلى الأصحاب ، فان تمّ الاجماع التعبّدي ـ ولا يتم ـ وإلاّ فاثباته بحسب الصناعة مشكل جداً، لضعف ما استدل له فانّه اُمور :
منها : مرسلتا الصدوق النبوية والعلوية(3) ففي اُولاها : « ... وجعل سجوده أخفض من ركوعه» ، وفي الثانية : « ... ويجعل السجود أخفض من الركوع» .
ولكن الارسال مانع عن الاستدلال ، ولا نقول بالانجبار .
ومنها : خبر أبي البختري عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السلام) أنه «قال : من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثياباً ، فان لم يجد صلى عرياناً جالساً يومئ إيماءً يجعل سجوده أخفض من ركوعه» (4) .
وهي مضافاً إلى ضعف سندها بأبي البختري واردة في المتمكّن من الركوع والسجود ، غير أ نّه يتركهما لمانع ، فكيف يتعدى إلى غير المتمكّن لمرض ونحوه كما في المقام .
ومنها : موثقة سماعة قال : «سألته عن الصلاة في السـفر ـ إلى أن قال ـ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه إشكال والأظهر عدم وجوب ذلك .
(2) الذكرى 3 : 270 .
(3) الوسائل 5 : 485 / أبواب القيام ب1 ح15، 16، الفقيه 1 : 236 / 1037 ، 1038 .
(4) الوسائل 4 : 451 / أبواب لباس المصلي ب 52 ح 1 .
ــ[227]ــ
وليتطوّع بالليل ما شاء إن كان نازلاً ، وإن كان راكباً فليصلّ على دابته وهو راكب ، ولتكن صلاته إيماءً ، وليكن رأسه حيث يريد السجود أخفض من ركوعه» (1) . ولكن موردها النافلة ، والمتمكّن من الركوع والسجود في حدّ نفسه وإن لم يتيسر له حال الركوب ، فلا يمكن التعدي إلى صلاة الفريضة ومن هو عاجز في نفسه .
ومنها : صحيحة يعقوب بن شعيب قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يصلي على راحلته ، قال : يومئ إيماءً ، يجعل السجود أخفض من الركوع» (2) .
وصحيحته الاُخرى قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصلاة في السفر وأنا أمشي ، قال : أوم إيماءً واجعل السجود أخفض من الركوع» (3) .
وصحيحته الثالثة قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) ـ إلى أن قال ـ قلت : يصلي وهو يمشي ؟ قال : نعم ، يومئ إيماءً ، وليجعل السـجود أخفض من الركوع» (4) . لكن الظاهر أنّ مورد هذه الصـحاح هو النافلة أيضاً . على أنّ موردها المتمكن كما عرفت فلا سبيل للتعدي منها إلى المقام .
فالمتحصّل : أ نّه لا دليل على مراعاة الأخفضية ، بل الظاهر عدم وجوبها وإن كانت أحوط .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 331 / أبواب القبلة ب 15 ح 14 .
(2) الوسائل 4 : 332 / أبواب القبلة ب 15 ح 15 .
(3) ، (4) الوسائل 4 : 335 / أبواب القبلة ب 16 ح 3 ، 4 .
|