تغميض العينين بدلاً عن الإيماء بالرأس - أخفضية الإيماء للسجود منه للركوع 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4319


ــ[224]ــ

ومع تعذّره فبالعينين ، بتغميضهما (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وظيفة المستلقي هي الإيماء .

   والعجب من صاحب الحدائق أ نّه مع نقله لهاتين الروايتين (1) كيف ادعى اختصاص نصوص الايماء بالاضطجاع ، وأ نّه لم يرد في الاستلقاء إلاّ غمض العينين(2) مع أنّ موثقة سماعة صريحة في وجوب الايماء (3) لدى الاستلقاء وموثقة عمار دالة عليه بالاطلاق كما سمعت .

   (1) ويستدل له بمرسلة الصدوق قال : قال الصادق (عليه السلام) : «يصلي المريض قائماً ، فان لم يقدر على ذلك صلى جالساً ، فان لم يقدر أن يصلي جالساً صلى مستلقياً يكبّر ثم يقرأ ، فاذا أراد الركوع غمّض عينيه ثم سبّح ، فاذا سبّح فتح عينيه ، فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع ، فاذا أراد أن يسجد غمّض عينيه ثم سبّح فاذا سبّح فتح عينيه ، فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود ثم يتشهد وينصرف» (4) بعد التعدي عن موردها وهو الاستلقاء إلى الاضطجاع ، بعدم القول بالفصل .

 وقد أسندها في الجواهر (5) إلى بزيع المؤذّن ، ولكنه سهو من قلمه الشريف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 8 : 72 ، 75 .

(2) الحدائق 8 : 80 .

(3) لكنّها في الحدائق تبعاً للتهذيب 3 : 306 خالية عن ذكر الايماء وإنّما هو مذكور في الفقيه [ 1 : 235 / 1035 ] ، ولعل صاحب الحدائق لم يطلع عليه ، ومنه تعرف أنّ ما في الوسائل من نسبته إلى الشيخ في غير محله .

(4) الوسائل 5 : 484 /  أبواب القيام ب 1 ح 13 ، الفقيه 1 : 235 / 1033 .

(5) الجواهر 9 : 267 .

ــ[225]ــ

ولعلّ الذي أوقعه في الاشتباه هو أنّ صاحب الوسائل روى قبل المرسلة بلا فصل رواية اُخرى عن بزيع ، فاشتبه وألحق متن إحداهما بسند الاُخرى .

   وكيف ما كان ، فالرواية من جهة الارسال غير صالحة للاستدلال ، ولا نقول بالانجبار ، وإسناد الصدوق لها إلى الصادق (عليه السلام) بضرس قاطع لا يقتضي أزيد من اعتقاده بذلك لا متابعتنا له في ذلك .

   والأولى :  أن يستدل له بوجه آخر ، وهو أ نّا قد علمنا من صحيحة زرارة الواردة في باب المستحاضة (1) المعتضدة بما في موثقة عمّار المتقدمة (2) من قوله (عليه السلام) « ...  فكيف ما قدر فانّه له جائز» أنّ الصلاة لاتسقط بحال ، وأ نّه يأتي مهما أمكن بما قدر منها وتيسّر ، هذا من ناحية .

   ومن ناحية اُخرى ، قد علمنا من حديث التثليث (3) وغيره من النصوص أنّ الركوع والسجود من مقوّمات الصلاة الدخيلة في صدق اسمها وتحقيق ماهيتها ، كما وعلمنا أيضاً أنّ الشارع قد جعل لدى العجز عنهما بدلاً يعدّ مرتبة نازلة عنهما وهو الايماء بالرأس .

   إذن يستنتج من هاتين المقدمتين أنّ الشارع الأقدس لا بدّ وأن يجعل بدلاً آخر لدى العجز عن هذا البدل ، حذراً عن الإخلال بماهية ما لا يسقط بحال وحيث لا يحتمل أن يكون ذاك البدل شيئاً آخر غير غمض العينين من الايماء باليد أو الرجل مثلاً ـ سيّما وأنّ الإيماء بالعينين أقرب إلى الايماء بالرأس من غيره ، مضافاً إلى تسالم الأصحاب عليه ـ فلا جرم كان هو المتعيّن ، فليتأمّل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 373 /  أبواب الاستحاضة ب 1 ح 5 .

(2) في ص 214 .

(3) الوسائل 6 : 310 /  أبواب الركوع ب 9 ح 1 .

ــ[226]ــ

   وليجعل إيماء سجوده أخفض منه لركوعه ((1)) (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) على المشهور ، بل عن الذكرى(2) نسبته إلى الأصحاب ، فان تمّ الاجماع التعبّدي ـ ولا يتم ـ وإلاّ فاثباته بحسب الصناعة مشكل جداً، لضعف ما استدل له فانّه اُمور :

   منها :  مرسلتا الصدوق النبوية والعلوية(3) ففي اُولاها : « ...  وجعل سجوده أخفض من ركوعه» ، وفي الثانية : « ...  ويجعل السجود أخفض من الركوع» .

   ولكن الارسال مانع عن الاستدلال ، ولا نقول بالانجبار .

   ومنها :  خبر أبي البختري عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السلام) أنه «قال : من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثياباً ، فان لم يجد صلى عرياناً جالساً يومئ إيماءً يجعل سجوده أخفض من ركوعه» (4) .

   وهي مضافاً إلى ضعف سندها بأبي البختري واردة في المتمكّن من الركوع والسجود ، غير أ نّه يتركهما لمانع ، فكيف يتعدى إلى غير المتمكّن لمرض ونحوه كما في المقام .

   ومنها :  موثقة سماعة قال : «سألته عن الصلاة في السـفر ـ إلى أن قال ـ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال والأظهر عدم وجوب ذلك .

(2) الذكرى 3 : 270 .

(3) الوسائل 5 : 485 / أبواب القيام ب1 ح15، 16، الفقيه 1 : 236 / 1037 ، 1038 .

(4) الوسائل 4 : 451 /  أبواب لباس المصلي ب 52 ح 1 .

ــ[227]ــ

وليتطوّع بالليل ما شاء إن كان نازلاً ، وإن كان راكباً فليصلّ على دابته وهو راكب ، ولتكن صلاته إيماءً ، وليكن رأسه حيث يريد السجود أخفض من ركوعه» (1) . ولكن موردها النافلة ، والمتمكّن من الركوع والسجود في حدّ نفسه وإن لم يتيسر له حال الركوب ، فلا يمكن التعدي إلى صلاة الفريضة ومن هو عاجز في نفسه .

   ومنها :  صحيحة يعقوب بن شعيب قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يصلي على راحلته ، قال : يومئ إيماءً ، يجعل السجود أخفض من الركوع» (2) .

   وصحيحته الاُخرى قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصلاة في السفر وأنا أمشي ، قال : أوم إيماءً واجعل السجود أخفض من الركوع» (3) .

   وصحيحته الثالثة قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) ـ إلى أن قال ـ قلت : يصلي وهو يمشي ؟ قال : نعم ، يومئ إيماءً ، وليجعل السـجود أخفض من الركوع» (4) . لكن الظاهر أنّ مورد هذه الصـحاح هو النافلة أيضاً . على أنّ موردها المتمكن كما عرفت فلا سبيل للتعدي منها إلى المقام .

   فالمتحصّل :  أ نّه لا دليل على مراعاة الأخفضية ، بل الظاهر عدم وجوبها وإن كانت أحوط .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 331 /  أبواب القبلة ب 15 ح 14 .

(2) الوسائل 4 : 332 /  أبواب القبلة ب 15 ح 15 .

(3) ، (4) الوسائل 4 : 335 /  أبواب القبلة ب 16 ح 3 ، 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net