ــ[247]ــ
[ 1484 ] مسألة 24 : إذا دار الأمر بين مراعاة الاستقبال أو القيام فالظاهر وجوب مراعاة الأوّل (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقطـوع ، فكأنّ الضرر محرز بمجرّد الخـوف ، وعليه فلا مجال للتشـكيك في الاستناد إلى دليل نفي الضرر في أمثال المقام .
وتؤيّده : صحيحة محمد بن مسلم الواردة في خصوص المقام قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرّجل والمرأة يذهب بصره فيأتيه الأطبّاء فيقولون نداويك شهراً أو أربعين ليلة مستلقياً كذلك يصلي ، فرخّص في ذلك ، وقال : (فَمَن اضْطُرّ غَير بَاغ وَلا عَاد فَلا إِثمَ عَلَيه ) »(1) فانّ قول الأطبّاء لا يورث القطع بالعذر عادة ، بل غايته الخوف ومع ذلك فقد رخّص (عليه السلام) فيه وأجرى عليه حكم الضرر مستشهداً بالآية الشريفة . ومن المعلوم عدم الفرق بين مورد الصحيحة وبين غيره من سائر موارد الضرر .
(1) حكم (قدس سره) حينئذ بلزوم تقديم الاستقبال ، وقد يقال بلزوم تقديم القيام لأ نّه ركن ، وربما يفصّل بين ما إذا كان الإخلال بالاستقبال بنحو يوجب الاستدبار فيقدّم على القيام ، وبين ما إذا كان بحيث يوجب الانحراف إلى اليمين أو اليسار فيقدّم القيام عليه ، لما دلّ على أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة .
والصحيح : هو ما أفاده في المتن ، فانّ مقتضى القاعدة في أمثال المقام وإن كان هو التخيير كما مرّ ، إلاّ أ نّه يقدّم الاستقبال في خصوص المقام ، لا لأهميته المستفادة من استثنائه في حديث لا تعاد كما قيل حتى يعارض بأهمية القيام لركنيته ، فانّ الترجيح بالأهمية من خواص باب التزاحم، والمقام وأمثاله أجنبي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 5 : 496 / أبواب القيام ب 7 ح 1 .
ــ[248]ــ
عن ذاك الباب وداخل في باب التعارض كما أشرنا إليه مراراً .
بل لأنّ دليل اعتبار الاستقبال يختلف لسانه عن دليل اعتبار القيام ، فانّ الأوّل بلسان نفي الحقيقة، وأنّ الفاقد للاستقبال ليس من حقيقة الصلاة في شيء كما يفصح عنه قوله (عليه السلام) : «لا صلاة إلاّ إلى القبلة» (1) ، بخلاف الثاني فانّ لسانه مجرد اعتبار شيء في الصلاة (2) لقوله : «الصحيح يصلي قائماً وقعوداً المريض يصلي جالساً» الوارد في تفسير الآية المباركة (3) ، وغيره ممّا سبق في محله ومن المعلوم أ نّه كلّ ما دار الأمر بين ترك شيء تفوت معه حقيقة الصلاة وبين غيره قدّم الثاني .
ومنه يظهر الجواب عمّا تقدّم من القول بلزوم تقديم القيام لأ نّه ركن ، فانّ القيام إنّما يجب رعايته في الصلاة ، فلا بدّ من تحقق الموضوع ـ وهو الصلاة ـ قبل ذلك ، وقد عرفت أنّ مقتضى دليل اعتبار الاستقبال نفي الحقيقة وعدم تحقق الموضوع بدونه ، فالفاقد للاستقبال ليس من حقيقة الصلاة في شيء حتى يراعى فيه القيام .
وأمّا التفصيل المتقدم فيدفعه : أنّ كون ما بين المشرق والمغرب قبلة تنزيل مختص بمورده ، وهو الجاهل الذي لا يميّز جهة الكعبة ، وأمّا غيره ممّن يميّزها ويشخّصها كما هو محل الكلام ، فلا ريب أنّ قبلته هي الكعبة ، فلا مناص له من استقبالها ، والتوسعة المزبورة غير شاملة لمثله جزماً . فظهر أنّ الأقوى مراعاة الاستقبال والانتقال إلى الصلاة جالساً كما ذكر في المتن .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 300 / أبواب القبلة ب 2 ح 9 .
(2) أمّا قوله : «لا صلاة لمن لم يقم صلبه» فهو ناظر إلى الانتصاب الممكن رعايته في الصلاة جالساً أيضاً كما سبق ، لا إلى القيام فلا تغفل .
(3) الوسائل 5 : 481 / أبواب القيام ب 1 ح 1 .
|