ــ[294]ــ
ولو قدّمها سهواً وتذكّر قبل الركوع أعادها بعد الحمد أو أعاد غيرها ولا يجب عليه إعادة الحمد إذا كان قد قرأها (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر» (1) ، الشامل لصورتي الفصل والوصل وعمّمناه أيضاً لإعادة السورة نفسها لو اُعيدت نفسها في المقام .
إلاّ أ نّك ستعرف إن شاء الله تعالى في محلّه أنّ الأقوى كراهة القران لا حرمته وأمّا التعميم الأوّل فلا يخلو عن وجه دون الثاني ، وتمام الكلام في محله، فالأظهر عدم البطلان .
(1) تقدّم الكـلام في الإخلال العمـدي بالترتيب ، وأمّا لو أخلّ به سهواً فان كان التذكّر بعد الدخـول في الركوع فلا شيء عليه ، لمضي محل القراءة المعتبر فيها الترتيب ، فيشملها حديث لاتعاد، لعدم كون الترتيب من الخمسة المُستثناة(2) وهذا واضح .
وإن كان قبل الدخول في الركوع ، فقد يكون التذكّر أثناء السورة ، واُخرى بعد الفراغ منها ، وثالثة بعد الدخول في الحمد ، سواء تذكّر أثناءها أم بعد الفراغ منها .
أمّا الأوّل : فلا إشكال في الصحة ، فانّ ما تقدم من السورة زيادة سهوية غير مبطلة ، فيأتي بالحمد وبعده بالسورة وهذا ظاهر .
وأمّا الثاني : فمقتضى القاعدة لزوم اعادة السورة بعد الحمد ، فانّ السورة المأتي بها حيث لم تقع على وجهها لمخالفة الترتيب فهي كالعدم ، وقد عرفت أنّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 43 / أبواب القراءة في الصلاة ب 4 ح 2 .
(2) وإن شئت فقل: إنّ مرجع الإخلال المزبور إلى نقص السورة وزيادتها، وكلاهما مشمول للحديث .
ــ[295]ــ
الزيادة السهوية غير مبطلة ، ومقتضى إطلاق أدلّة الترتيب بعد فرض بقاء المحل وجوب إعادة السورة بعد الحمد وعدم الاكتفاء بما سبق، إذ لا دليل على سقوط السورة حينئذ .
إلاّ أنّ في المقام رواية ربما يظهر منها الاجتزاء بما سبق ، فلا يجب عليه إلاّ الحمد فقط ، فكأنّ الترتيب شرط ذكري يسقط لدى السهو ، وهي رواية علي ابن جعفر قال : «سألته عن رجل افتتح الصلاة فقرأ سورة قبل فاتحة الكتاب ثم ذكر بعد ما فرغ من السورة قال : يمضي في صلاته ويقرأ فاتحة الكتاب فيما يستقبل» (1) .
وحملها صاحب الوسائل على من تذكّر بعد الركوع ، وهو كما ترى ، لكونه مخالفاً لما لعله يقرب من صريح الرواية لقوله «ثم ذكر بعد ما فرغ من السورة» فانّه كالصريح في كون التذكّر قبل الدخول في الركوع، بل قبل الشروع في الفاتحة .
وأجاب في الجواهر (2) : بأنّ ظاهرها قراءة الفاتحة فيما يستقبل من الركعات بدلاً عن هذه الركعة، وهو مخالف للاجماع، فظاهرها غير ممكن الأخذ، والتأويل لا شاهد عليه فتطرح .
وفيه : ما لا يخفى ، فانّ قوله (عليه السلام) «فيما يستقبل» غير ظاهر في إرادة الركعات الآتية كي يخالف الاجماع ، بل ظاهره ما يستقبله في الآن اللاّحق للتذكر وفي نفس هذه الركعة، فيمضي في صلاته ويأتي بالفاتحة حسب ما تقتضيه الوظيفة الفعلية ، لبقاء محلها ما لم يركع ، فغايته سقوط رعاية الترتيب لا سقوط الفاتحة عن هذه الركعة .
وقد يقال : إنّها ظاهرة في إرادة المضي في الصلاة والاتيان بالفاتحة ، وبعدها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 89 / أبواب القراءة في الصلاة ب 28 ح 4 .
(2) الجواهر 9 : 343 .
ــ[296]ــ
بالسورة حسبما تقتضيه الوظيفة من مراعاة الترتيب بينهما ، فلا دلالة فيها على سقوط السورة والاجتزاء بما سبق كي تخالف القاعدة .
وفيه : أنّ هذا أيضاً خلاف الظاهر وبعيد عن سياقها جداً ، فانّ ظاهرها الاقتصار على الحمد فحسب كما لا يخفى .
فالانصاف : أنّ دلالة الرواية على الاجتزاء بما سبق من السورة قوية ، لكنّ الذي يهوّن الخطب أ نّها ضعيفة السند لمكان عبدالله بن الحسن ، فلا يمكن الاعتماد عليها في الخروج عمّا تقتضيه القاعدة من لزوم إعادة السورة محافظة على الترتيب .
وأمّا الثالث : أعني ما لو كان التذكّر بعد الدخول في الحمد ، إمّا أثناءها ، أو بعد الفراغ منها ما لم يركع ، فلا ريب في وجوب إعادة السورة ، لعدم وقوعها على وجهها ، فيعيدها أو يأتي بسورة اُخرى ، وهل تجب إعادة الحمد أيضاً قبلها أو يقتصر على إعادة السورة ؟
قد يقال بالأوّل : بل ربما يستظهر ذلك من كل من عبّر باستئناف القراءة وربما يعلل بأنّ مراعاة الترتيب كما تقتضي تأخير السورة كذلك تقتضى تقديم الفاتحة وأن لا يتقدمها سورة ، فكما أنّ السورة المتقدمة باطلة فكذا الفاتحة المتأخرة ، للزوم كون البدأة بها ، وحيث إنّ المفروض كون الفاتحة مسبوقة بالسورة فلا يمكن الاجتزاء بها ، بل لا بدّ من إعادتهما معاً فيجب استئناف الفاتحة ثم السورة بعدها .
وفيه : أنّ المستفاد من أدلة اعتبار الترتيب ليس إلاّ عدم مسبوقية الفاتحة بالسورة المأمور بها ، لا عدم المسبوقية بطبيعي السورة وإن لم تكن مصداقاً للمأمور به ، وفي المقام ما هو السابق ليس بمأمور به لوقوعه سهواً ، وما هو المأمور به متأخر عنه ، فليس تقدم مطلق السورة ولو لم تكن مصداقاً للمأمور به بل مشابهاً له قادحاً في مراعاة الترتيب ومخلاً بصدق البدأة بالفاتحة .
|