ــ[315]ــ
وأمّا لو قرأها ساهياً فان تذكر قبل بلوغ آية السجدة وجب عليه العدول إلى سورة اُخرى وإن كان قد تجاوز النصف، وإن تذكّر بعد قراءة آية السجدة أو بعد الإتمام ، فان كان قبل الركوع فالأحوط إتمامها إن كان في أثنائها ((1)) وقراءة سورة غيرها بنية القربة المطلقة بعد الايماء إلى السجدة أو الاتيان بها وهو في الفريضة ثم إتمامها وإعادتها من رأس .
وإن كان بعد الدخول في الركوع ولم يكن سجد للتلاوة فكذلك أومأ إليها أو سجد وهو في الصلاة ثم أتمّها وأعادها ، وإن كان سجد لها نسياناً أيضاً فالظاهر صحة صلاته ولا شيء عليه ، وكذا لو تذكّر قبل الركوع مع فرض الاتيان بسجود التلاوة أيضاً نسياناً ، فانّه ليس عليه إعادة الصلاة حينئذ (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اُخرى ، لكنه موقوف على الالتزام بجواز التبعيض في السورة وعدم وجوب الاتيان بها كاملة ، وقد عرفت فيما مرّ أ نّه مورد للاشكال .
هذا كله فيما إذا قرأ السورة عمداً ، وأمّا إذا قرأها سهواً فستعرف حكمها في التعليق الآتي .
(1) إذا قرأ سورة العزيمة ساهياً فهناك فروض :
أحدها : أن يكون التذكر قبل بلوغ آية السجدة وقبل تجاوز النصف ، ولا إشكال في الصحة حينئذ فيعدل بها إلى سورة اُخرى ، لبقاء محل العدول ما لم يتجاوز النصف ، وما أتى به من الزيادة لكونها سهوية غير قادحة ، بل تصح
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الأظهر جواز الاكتفاء بالاتمام ، والأحوط الإيماء إلى السجدة في الصلاة ثم الاتيان بها بعدها في الفرض وفيما إذا تذكر بعد الدخول في الركوع .
ــ[316]ــ
حتى على القول بمانعية السورة في الصلاة لاختصاصها بحال العمد ، إذ مع السهو تدفع بحديث لا تعاد كما هو ظاهر .
الثاني : أن يكون التذكر قبل بلوغ الآية وبعد تجاوز النصف ، والحكم أيضاً هو الصحة ، فانّ الزيادة السهوية غير قادحة ، والأخبار المانعة عن العدول بعد تجاوز النصف منصرفة عن المقام ، لاختصاصها بمن كان متمكناً من إتمام السورة المتعذّر فيما نحن فيه ، إنّما الاشكال في الفرض :
الثالث : وهو ما إذا كان التذكر بعد تلاوة الآية الملازم لتجاوز النصف كما لا يخفى ، فانّ فيه وجوهاً :
أحدها : وجوب السجدة ، وحيث إنّها زيادة في المكتوبة فتبطل ، فكأنّ هذا الوجه هو مقتضى الجمع بين فوريّة السجدة ومبطلية الزيادة .
وفيه : أ نّه لا دليل على فورية السجدة بهذا المقدار بحيث لا يمهل في تأخيرها بعد الصلاة بعد عدم كونه مخلاً بصدق الفورية العرفية ، سيّما إذا كان أمد التأخير قصيراً ، كما لو قرأها في الركعة الثانية من صلاة الفجر فانّه لا يستوعب من الزمان إلاّ مقدار دقيقة ، بل أقل . وأمّا الروايات المتقدمة (1) المتضمنة للزوم الزيادة في المكتوبة التي يستفاد منها لزوم السجدة في الصلاة فوراً ، فموردها العمد فلا تشمل المقام كما لا يخفى (2) .
ثانيها : ما عن كاشف الغطاء (3) من أ نّه يسجد وصحت صلاته لعدم لزوم الزيادة ، لاختصاصها بما إذا أتى بالسجدة بقصد الجزئية ، والمفروض إتيانها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 305 .
(2) لا يخلو التفرقة في فورية السجدة بين المتعمد والساهي ، عن نوع من الخفاء لولا المنع فلاحظ .
(3) كشف الغطاء : 236 السطر 26 [ ولكن التعليل غير مذكور ] .
ــ[317]ــ
بقصد التلاوة لا بعنوان الصلاة ، فلا تشملها أدلة الزيادة المبطلة .
وفيه : أنّ هذا يشبه الاجتهاد في مقابل النص ، لصراحة الأخبار في مبطلية مثل هذه الزيادة ، وإن كانت صورية ولم تكن منها حقيقة ، وقد عرفت فيما مرّ أنّ السجود والركوع يمتازان عن بقية الأجزاء في هذا الحكم عملاً بتلك النصوص . هذا مضافاً إلى ما عرفت آنفاً من عدم الدليل على فورية السجدة حتى بهذا المقدار بحيث لا يمهل لاتمام الصلاة .
ثالثها : أ نّه يتم صلاته ويسجد للتلاوة بعد الفراغ عنها ، وهذا هو مقتضى التحفظ بين إطلاق دليل وجوب السجدة بعد ما عرفت من عدم الدليل على فوريته أكثر من هذا المقدار ، وبين دليل جواز المضي في الصلاة وإتمامها ، أو وجوب ذلك على الخلاف في حرمة الابطال وعدمه ، فهذا الوجه هو مقتضى الجمع بين الدليلين وهو الأوجه في النظر .
رابعها : ما هو المشهور من أ نّه يومئ بدلاً عن السجود ويتم صلاته ، واحتمال أنّ الإيماء زيادة في المكتوبة ساقط جداً ، لأنّ مورد الأخبار المتضمنة لذلك هو السجود فلا يتعدى إلى بدله كما هو ظاهر .
ويستدل للمشهور بعدة روايات وهي أربع :
الاُولى : موثقة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إن صليت مع قوم فقرأ الإمام (اقْرَأ بِاسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَق ) أو شيئاً من العزائم ، وفرغ من قراءته ولم يسجد فأوم إيماءً ... » إلخ (1) .
والاعتراض عليها بدلالتها على وجوب السجود مع سجود الإمام فلا تدل على كفاية الايماء مطلقاً، يندفع بأنّ ظاهرها أنّ القوم من العامّة وهم قد يسجدون
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 103 / أبواب القراءة في الصلاة ب 38 ح 1 .
ــ[318]ــ
وقد لا يسجدون ، فلزوم السجود مع سجودهم مبني على التقية لعدم إمكان التخلّف عنهم، فالوظيفة الأوّلية هي الايماء ، والسجود إنّما هو لضرورة تقتضيه فبدونها كما لو كان منفرداً أو لم يسجد الإمام لم يجب إلاّ الايماء .
الثانية : موثقة سماعة «قال: مَن قرأ (اقْرَأ بِاسْمِ رَبّكَ ) فإذا ختمها فليسجد فاذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب وليركع . قال : وإذا ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزئك الايماء والركوع ... » إلخ (1) . والاعتراض السابق مع جوابه يجريان هنا أيضاً .
الثالثة : صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه (عليه السلام) قال : «سألته عن الرجل يكون في صلاة جماعة فيقرأ إنسان السجدة كيف يصنع ؟ قال : يومئ برأسه» (2) .
الرابعة : صحيحته الاُخرى قال: «وسألته عن الرجل يكون في صلاته فيقرأ آخرُ السجدةَ ، فقال : يسجد إذا سمع شيئاً من العزائم الأربع ثم يقوم فيتم صلاته ، إلاّ أن يكون في فريضة فيومئ برأسه إيماءً» (3) والأخيرتان أقوى دلالة من سابقتيهما ، لسلامتهما عن الاعتراض المزبور كما لا يخفى .
هذا ، ولكن الظاهر عدم تمامية الاستدلال بشيء من هذه الأخبار لكونها أجنبية عما نحن فيه ، إذ موردها السماع دون القراءة السهوية التي هي محل الكلام ، ويشكل التعدي منه إلى المقام وإن كان غير بعيد . ومن هنا كان الأحوط الجمع بين الايماء وبين السجود بعد الصلاة الذي عرفت أ نّه الأقوى لاحتمال شمول هذه الأخبار للمقام .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 102 / أبواب القراءة في الصلاة ب 37 ح 2 .
(2) ، (3) الوسائل 6 : 243 / أبواب قراءة القرآن ب 43 ح 3 ، 4 .
ــ[319]ــ
ثم إنّه هل يقتصر على هذه السورة أو يجب الاتيان بسورة اُخرى ؟
يبتني الوجوب على كون النهي في الأخبار السابقة ارشاداً إلى تقيّد السورة المأمور بها بعدم كونها من العزائم ، إذ حينئذ وجود هذه السورة كالعدم فلا بدّ من الاتيان بالاُخرى كي يتحقق الجزء . وأمّا بناءً على ما عرفت من كونه إرشاداً إلى الفرار عن الوقوع في أحد المحذورين من دون قصور في السورة نفسها عن اتصافها بالجزئية فلا تجب الاعادة، فيقتصر عليها مع الايماء والسجود بعد الصلاة احتياطاً كما عرفت من دون محذور .
ثم إنّه لو قرأ السـورة سهواً وسجد لها نسياناً ثم تذكر صحّت صلاته بلا إشكال ، لأنّ زيادة السجدة الواحدة سهواً غير قادحة كما هو واضح . هذا كلّه فيما إذا كان التذكر قبل الركوع .
وأمّا إذا تذكر بعد الركوع فيجري فيه جميع ما مرّ إلاّ من حيث احتمال الاتيان بسورة اُخرى ، فانّه لا مجال له في المقام لمضي محله بالدخول في الركوع .
ثم إنّ الماتن ذكر أنّ الأحوط أحد الأمرين: إمّا إتمام السورة والاتيان باُخرى بقصد القربة المطلقة بعد الايمـاء إلى السجدة ، وإمّا الاتيان بالسجدة وهو في الفريضة ، ثم إتمامها وإعادتها من رأس .
وأنت خبير بأنّ الجمع بين هذين النحوين بجعل كل منهما طريقاً للاحتياط ممتنع لاختلاف المبنى فيهما ، فانّ الأوّل مبني على شمول أدلة الايماء للمقام المستلزم لقادحية السجود في الأثناء ، والثاني مبني على وجوب السجدة وعدم كفاية الايماء . فالجمع بينهما بجعل الاحتياط في السجود وفي تركه يشبه الجمع بين النقيضين كما لا يخفى .
بل إنّ طريقة الاحتياط كما عرفت إنّما هي بالجمع بين الايماء وبين السجود
|