كفاية قصد حكاية الجامع في صدقَ القرآن - تعيين البسملة للسورة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5124


   الجهة الثانية :  بعد ما عرفت من توقف صدق القرآن على قصد الحكاية فهل اللاّزم حكاية شخص الألفاظ النازلة على النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) والقصد إلى خصوص الفرد المعيّن ، أو تكفي حكاية الطبيعي الجامع وإن لم يتعلّق القصد إلى حصة خاصة منها .

   ويترتّب على ذلك : أ نّه لو قرأ الجنب بسملة العزيمة من دون قصد سورة معيّنة ، أو كتب الجامع بين الآيات المشتركة كآية (فبأيّ آلاء ربّكما تُكذِّبان )أو (الحمد لله ربّ العالمين ) أو (بسم الله الرّحمن الرّحيم ) ونحوها من الآيات المتكررة في القرآن الكريم ، من دون أن يقصد الكاتب الحكاية عن فرد معيّن فعلى الأوّل لا تحرم القراءة على الجنب في الصورة الاُولى ، ولا مس الكتابة على المحدث في الصورة الثانية ، لعدم صدق القرآن بعد عدم الحكاية عن الحصة الخاصة ، وعلى الثاني يحرم لكونه من القرآن بمجرد قصد الحكاية عن الجامع وطبيعي الآية وإن لم يقصد الفرد المعيّن .

   قد يقال بالأوّل وعدم صدق القرآن على الجامع ، نظراً إلى أنّ النازل على النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّما هو نفس الحصص الخاصة والجامع اعتبار ينتزعه العقل ولا وجود له وراء الفرد ، والحكاية عن الطبيعي لا تستلزم الحكاية عن الأفراد، فما هو الموجود في الخارج وهو الفرد غير مقصود بالحكاية على الفرض ، وما هو المقصود غير موجود مستقلاًّ ، إذ ليس النازل إلاّ الفرد دون الجامع ، هكذا اُفيد .

   ولكنّه كما ترى واضح البطلان ، ضرورة أنّ الطبيعي وإن لم يكن له وجود

ــ[339]ــ

مستقل وراء فرده إلاّ أ نّه لا إشكال في وجوده خارجاً بوجود الفرد ، وأنّ كليهما موجودان بوجود واحد يصح إسناده وإضافته إلى كل منهما حقيقة ومن دون عناية ، فوجود زيد في الدار بعينه وجود للانسان ومصداق للكلي المتحصص بهذه الحصة ، فيضاف ذاك الوجود إلى الفرد وإلى الطبيعي من نوع أو جنس قريب أو بعيد .

   وعليه فالنازل على الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإن كان هو الفرد المعيّن والحصة الخاصة ، إلاّ أنّ ذلك الوجود كما يضاف إلى الفرد يضاف بعينه إلى الطبيعي والجامع المتحصص بتلك الحصة ، فكل منهما صالح لاضافة الوجود وإسناد النزول إليه ، وكلاهما قرآن ، وإن كانا موجودين بوجود واحد كما عرفت ، ولا ينفك أحدهما عن الآخر بالضرورة ، فقصد الجامع قصد للقرآن وحكاية له بلا إشـكال . وكيف يمكن أن يقـال إنّ تلاوة (فبأيّ آلاء ربّكما تُكذِّبان ) بقصد طبيعي المقروء ، والجامع المنزل على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في سورة الرحمن من غير نيّة التعيين في خصوص الآية الاُولى منها أو ما عداها ليس من القرآن ، وأنّ ذلك بمثابة قراءتها من غير قصد الحكاية أصلاً حيث عرفت أ نّها لا تعدّ من القرآن ، بل قول مشابه له ولفظ مماثل معه ، فانّ الفرق بينهما في غاية الوضوح .

   الجهة الثالثة :  بعد ما عرفت من كفاية قصد الجامع في صدق القرآن ، وأنّ قراءة اللفظ المشترك كالبسملة قاصداً بها الحكاية عن الجامع المنزل وإن لم يقصد الشخص المعيّن مصداق للقرآن ، فهل يجتزأ بذلك في مرحلة الامتثال وتتحقق معه القراءة المأمور بها في الصلاة ؟

   أمّا بالنسـبة إلى بسملة الحمد فلا ينبغي الاشـكال في عدم الاجتزاء ، إذ المأمور به إنّما هو قراءة سورة الحمد بخصوصها لا طبيعي السورة ، فلا بدّ من

ــ[340]ــ

الاتيان بها بتمام أجزائها ، وواضح أنّ جزأها بسملتها لا مطلق البسملة ، فكما يعتبر الاتيان بسائر آياتها بقصد أ نّها من الفاتحة ، فلا يكفى قول : الحمد لله ربّ العالمين بقصد الآية الواقعة في سورة اُخرى ، ولا بقصد الجامع بينهما بلا إشكال فكذا الحال في البسملة ، والظاهر أنّ هذا مسلّم لا ريب فيه ، ولم يقع فيه خلاف من أحد .

   إنّما الكلام في بسملة السورة ، فقد يقال بكفاية قصد الجامع فلا يعتبر التعيين نظراً إلى أنّ المأمور به إنّما هو طبيعي السـورة الجامع بين أفراده ، وحيث إنّ جزأها البسملة فلا محالة يكون الواجب منها هو الطبيعي الجامع بين البسملات فاذا قصد هذا الكلي فقد امتثل أمره ، وهو صالح لأن تلحق به بقية الآيات من طبيعي السورة المأمور بها ، فاذا أتى بفرد منها وضمّها إلى البسملة المأتي بها فقد امتثل التكليف بالسورة التامة ، وقد اختار هذا القول المحقق الهمداني(1) وقرّبه بعين هذا التقريب .

   لكنّه مخدوش ، فانّ المأمور به وإن كان هو طبيعي السورة لكنه الطبيعي الصادق على كل سورة بما لها من الأجزاء ، ومن الواضح أنّ الجزء من كل سورة إنّما هي الحصة الخاصة من البسملة والفرد المعيّن منها ، دون الطبيعي الجامع المشترك بين جميع السور ، فلا بدّ في حصول ذاك الجزء من تعلق القصد بتلك الحصّة الخاصّة ، وإن كان هو مخـيّراً في اختيار أيّة حصّـة شاء على ما يقتضيه فرض تعلق الأمر بطبيعي السورة ، فلا يكفي قصد الحكاية عن القدر المشترك بين البسملات ، لعدم كونه مصداقاً لبعض أجزاء السورة المأمور بها كما هو الحال في سائر آيات السورة ، فلو كانت مشتركة بين سورتين أو أكثر لا بدّ من تعيين كونها من سورة خاصّة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الصلاة) : 320 السطر 32 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net