وأمّا الصورة الرابعة : أعني ما لو شكّ بعد البسملة في أ نّه هل عيّنها لهذه السورة أو لسورة اُخرى؟ فقد يكون الشك أثناء السورة ، واُخرى قبل الدخول فيها .
ــ[345]ــ
أمّا الأوّل : فلا إشكال في عدم الاعتناء والبناء على أ نّه لم يعيّن غيرها ، كما نبّه عليه في المسألة الخامسة عشرة ، عملاً بقاعدة التجاوز لرجوع الشك حينئذ إلى وجود الجزء وعدمه ، وأ نّه هل بسمل لهذه السورة أو لا، ولا فرق في جريان القاعدة بين الجزء وبين جزء الجزء كما حرّر في محله (1) .
وأمّا الثاني : فله فروض ثلاثة ، إذ قد يكون الترديد بين سورتين غير الجحد والتوحيد، واُخرى بينهما خاصّة، وثالثة بين سورة اُخرى وإحدى هاتين السورتين.
أمّا الفرض الأوّل : فليس له الاجتزاء بتلك البسملة ، إذ لو أتى بأيّ من السورتين يشك في وقوع البسملة لها فلا يحصل اليقين بامتثال السورة التامّة فلا بدّ من إعادتها والاتيان بأيّ سورة أراد ، عملاً بقاعدة الاشتغال وتحصيلاً لليقين بالفراغ ، وهذا ظاهر .
وأما في الفرض الثاني : فليس له إعادة البسملة للعلم التفصيلي بعدم الأمر بها ، لأ نّه لو أعادها لاحداهما فامّا أ نّها تكون هي التي بسمل لها أوّلاً فقد سقط أمرها بالامتثال ، أو غيرها فلا أمر بها ، لعدم جواز العدول من إحداهما إلى الاُخرى ، كما ليس له قراءة إحداهما ، لعدم الجزم بوقوع البسملة لها ، فلم يحرز الاتيان بالسورة التامّة، ولا قراءة سورة اُخرى غيرهما لعدم جواز العدول عنهما ، فلا مناص له من قراءة السورتين معاً مقتصراً على البسملة السابقة قاصداً الجزئية باحداهما المعيّنة واقعاً ، ومعه يقطع بحصول السورة التامة ، ولا محذور فيه ،
عدا توهّم القران بين السورتين . وفيه : مضافاً إلى أنّ الأقوى عدم حرمته بل غايته الكراهة كما مرّ ، أنّ الممنوع منه حرمة أو كراهة إنّما هو صورة التمكّن من إتمام السورة الواحدة والاجتزاء بها ، فلا يشمل المقام الذي لا يتيسر ذلك كما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 3 : 297 .
ــ[346]ــ
وعدا توهم لزوم الفصل بين السورة وبسملتها الموجب للاخلال بالموالاة المعتبرة بينهما . وفيه : أ نّه لا ضير فيه بهذا المقدار ، ولا تفوت معه الموالاة العرفية ، بل تجوز قراءة القرآن بين السورة وبسملتها عمداً واختياراً فضلاً عن مثل المقام كما لا يخفى .
وممّا ذكر تعرف أنّ ما ذكره في المتن في المسألة الثانية عشرة في هذا الفرض من إعادة البسملة وقراءة إحدى السورتين ، لا يمكن المساعدة عليه .
وأما الفرض الثالث : كما لو تردد ما عيّن له البسملة بين القدر والتوحيد مثلاً ، فليس له قراءة إحدى السورتين من غير إعادة البسملة ، لعدم إحراز بسملتها ، وهذا واضح . كما ليس له قراءة القدر مع البسملة لها ، للعلم التفصيلي بعدم الأمر بهذه البسملة ، فانّ البسملة السابقة إن كانت للقدر فقد سقط أمرها بالامتثال ، وإن كانت للتوحيد فلا يجوز العدول عنها .
هذا ، وإطلاق كلام الماتن ـ أعني قوله في المسألة الثانية عشرة : وجب إعادة البسملة لأي سورة أراد ـ شامل لذلك ، ومقتضاه جواز قراءة القدر مع البسملة لها ، وقد عرفت ما فيه .
فالظاهر أنّ المتعيّن في حقه اتخاذ أحد طريقين :
الأول : أن يعيد البسملة للتوحيد ويقرأها، إذ لا ضير فيه عدا احتمال الزيادة من جهة احتمال أن تكون البسملة السابقة لها فتتكرر بسملتها ، وهو غير ضائر بعد أصالة عدم الزيادة ، ولا أقل من الاتيان بها رجاء أو بقصد القرآنية ، ولو كانت السابقة للقدر فلا تقدح لجواز العدول من غير التوحيد إليها .
الثاني : أن يعيد البسملة لسورة اُخرى غير التوحيد والقدر كالكوثر ، فيقرأ سورة الكوثر مثلاً مع بسملتها . وهذا أيضاً لا ضير فيه عدا احتمال العدول الممنوع لو كانت السابقة للتوحيد ، وهو أيضاً مدفوع بالأصل لأصالة عدم قراءة التوحيد ، ولا تعارض بأصالة عدم قراءة القدر إذ لا أثر لها إلاّ إذا ثبت
|