بقى في المقام فروع
الأوّل : أنه إذا قلنا بانفعال البئر ، ووجوب نزح المقدرات فهل تطهر الآلات من الدلو والحبل بل وأطراف البئر ولباس النازح ويداه وغيرها مما يلاقي الماء بنزحه عادة تبعاً لطهارة البئر ؟ نعم ، لا وجه لتوهّم الطهارة بالتبع في ما يلاقي الماء على خلاف الغالب والعادة ، كما إذا طفرت قطرة من ماء البئر ووقعت على ثوب غير النازح .
الحق كما ذهب إليه المشهور طهارة الآلات وكل ما يلاقي ماء البئر عادة تبعاً لطهارة البئر بالنزح ، والوجه في ذلك أن الآلات وملحقاتها مورد للابتلاء غالباً ، كما أن نجاستها مما يغفل عنه عامة الناس ، ومثلها لو كان نجساً لنبّه عليه في الروايات
ــ[253]ــ
فالسكوت وعدم البيان آيتا طهارة الآلات وأخواتها بتبع طهارة البئر .
وفي الحدائق استدل على ذلك بالبراءة عن وجوب الاجتناب عن الآلات بعد نزح المقدرات (1) ، إلاّ أن فساده غني عن البيان ، لأن النجاسة بعد ما ثبتت يحتاج رفعها إلى مزيل ، ومع الشك في بقائها لا مجال لاجراء البراءة عنها كما لا يخفى .
واستدل المحقق (قدس سره) على طهارة الآلات على ما حكي عنه ـ وهو من جملة القائلين بانفعال البئر من المتأخرين ـ بأن الآلات ونظائرها لو لم تطهر بتبع طهارة البئر لم يبق لاستحباب نزح الزائد مجال (2) ، وتوضيح ذلك : أن الأخبار كما مرّ قد اختلفت في بيان نزح المقدرات ففي نجاسة واحدة ورد تقديران مختلفان أحدهما أكثر من الآخر ، وقد جمعوا بينهما بحمل الأقل على الوجوب وحمل الأكثر على الإستحباب ، فاذا بنينا على انفعال ماء البئر بالملاقاة وعلى عدم طهارة الدلو وغيره من الآلات بالتبع ، ونزحنا المقدار الواجب كثلاثين دلواً مثلاً ، فبمجرد ملاقاة الدلو للماء يتنجس ماء البئر ثانياً فيجب تطهيرها بنزح مقدرها ، ومعه لا يبقى مجال للعمل بالاستحباب بنزح الزائد عن المقدار الواجب كأربعين دلواً ونحوها . وما أفاده (قدس سره) في غاية المتانة ، فما ذهب إليه الأصحاب من طهارة الآلات وأخواتها بالتبع هو المتعيّن .
|