وجوب تعلّم السورة - الاُجرة على تعليم الصلاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3779


ــ[425]ــ

   ويجب تعلّم السورة أيضاً، ولكن الظاهر عدم وجوب البدل لها في ضيق الوقت وإن كان أحوط(1).

   [ 1527 ] مسألة 35 : لا يجوز أخذ الاُجرة((1)) على تعليم الحمد والسورة بل وكذا على تعليم سائر الأجزاء الواجبة من الصلاة ، والظاهر جواز أخذها على تعليم المستحبات (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لا ريب في وجوب تعلّم السورة كالفاتحة بملاك واحد ، غير أنّ التعويض غير واجب في الثاني ، فلو لم يتعلم السورة قصوراً أو تقصيراً سقطت واجتزأ بالفاتحة على التفصيل المتقدم ، لعدم الدليل على وجوب التعويض هنا ، والأصل البراءة .

   بل يمكن إقامة الدليل على العدم ، فانّ المسـتفاد من صحيحة ابن سنان المتقدمة (2) أنّ الانتقال إلى البدل إنّما هو لدى العجز عن طبيعي القراءة ، فمع التمكن منه لا تصل النوبة إلى التسبيح بدلاً عن السورة ، كما أ نّه مع العجز عنه يجزئ التسبيح بدلاً عن القراءة الواجبة لا أ نّه يأتي بمقدار بدلاً عن الفاتحة ومقداراً آخر بدلاً عن السورة ، فانّ هذا يحتاج إلى مؤونة يدفعها الاطلاق والأصل كما لا يخفى .

 (2) لا ينبغي الشك في أنّ التعليم كالتعلم واجب في مثل المقام ، لما دلّ على وجوب تبليغ أحكام الشريعة المقدسة وبثّها ونشرها كما يرشد إليه قوله تعالى : (فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة...)(3) إلخ، حيث دلّت الآية المباركة على وجوب التعليم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) في ص 416 .

(3) التوبة 9 : 122 .

ــ[426]ــ

للعالم كوجوب التعلم للجاهل ، وهل يجوز أخذ الاُجرة عليه أو لا ؟

   تكلّمنا حول هذه المسألة ونظائرها في بحث المكاسب المحرّمة (1) وقلنا إنّ المشهور وإن نسب إليهم عدم جواز أخذ الاُجرة على الواجبات ، بل عمّم المنع بعضهم إلى الواجبات الكفائية إلاّ ما خرج بالدليل .

   لكنّه لا يمكن المساعدة عليه ، إذ الوجوب بما هو لا يقتضي إلاّ لزوم الاتيان بالعمل تكليفاً . وهذا بمجرده لا يكون مانعاً عن الايجار ، وإلاّ لمنع حتى في التوصّليات ، لعدم التنافي بين الأمرين ، فانّ الوجوب بنفسه لا يقتضي سقوط العمل عن المالية أو سلب سـلطنة العامل عليه أو خروجه عن ملكه كي لا يتمكن من تمليكه للغير حتى يتنافى مع أخذ الاُجرة عليه ، فكما أنّ الواجب يمكن وقوعه شرطاً في ضمن عقد لازم ، فكذا يمكن إيجاره ، غايته أ نّه يجب حينئذ لملاكين وبوجوبين ، وجوبه لنفسه ، ووجوبه من قبل الأمر الاستئجاري أو الأمر بالوفاء بالشرط ، فهذا الأمر ممّا يؤكد الوجوب ويعضده لا أ نّه ينافيه ويعارضه .

   وبالجملة : حيثية الوجوب في نفسها لا ينافي الايجار ، فانّ الأوّل باب التكليف ، والثاني باب الوضع ، فالحيثيّتان متغايرتان ، وكل منهما لا يأبى عن الآخر ،

   فما اُفيد من أنّ الوجوب سالب للمالية ، أو أنّ المكلف بعد تعلق الوجوب بالعمل لا يكون مسلّطاً عليه لخروجه عن ملكه وصيرورته ملكاً لله تعالى، غير سديد ، ضرورة أنّ العمل لا يكون ملكاً له تعالى تلك الملكية المصطلحة ، وإنّما ملكيته تعالى ليس إلاّ بمعنى الوجوب التكليفي المحض ، غير المنافي لوقوعه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [ مصباح الفقاهة 1 : 459 ] لمزيد التفصيل يلاحظ ما ضبطناه عنه (دام ظله) في كتاب الإجارة المسألة [ 3342 ] .

ــ[427]ــ

مورداً للاجارة ، فهو باق على ملك العامل وتحت حيطته وسلطنته فله إيجاره كما أنّ للمستأجر إجباره لو امتنع لا من باب الأمر بالمعروف ، بل من باب الوفاء بالعقد والمطالبة بالحق .

   كما أنّ حيثية العبادية بما هي أيضاً لا تنافيه ، ولذا التزموا بجواز الاستئجار في المستحبات حتى العبادية ، ولو كانت مانعة لعمّ المنع للواجبات والمستحبات بملاك واحد مشترك بينهما كما لا يخفى .

   ودعوى منافاة الايجار للخلوص المعتبر في العبادة ، إذ العمل حينئذ يؤتى لله تعالى ولداعي أخذ الاُجرة ، كما ترى ، ضرورة أنّ الاُجرة يستحقها المؤجر بمجرّد عقد الايجار ، سواء أتى بالعمل أم لا ، فلا داعي للعبادة إلاّ نفس الأمر الأوّل المتعلق بها المتأكد بالأمر الثاني الناشئ من قبل الاجارة ، وأمّا الاُجرة فهي مملوكة بنفس العقد كما عرفت من دون توقّف على الامتثال والوفاء ، فحيث إنّ شـيئاً من الوجوب والعبادية لا ينافي الايجـار ، فاجتماعهما في مورد أيضاً لا ينافيه .

   وبذلك كلّه يظهر أنّ الأقوى جواز أخذ الاُجرة على الواجب وإن كان عباديّاً سواء أكان عينياً أم كفائياً كما في المقام .

   نعم ، لا بدّ وأن يكون هناك نفع عائد للمستأجر وأثر مترتب عليه فبدونه يبطل ، لكونه من أكل المال بالباطل كما في غير الواجبات ، مثل ما لو استأجر زيداً أن ينام في بيته نفسه ، فانّ المستأجر لا ينتفع من مثل ذلك ويعدّ أخذ الاُجرة حينئذ من الأكل بالباطل ، إلاّ أنّ المنع في هذه الصورة لم ينشأ من قبل الوجوب بل لجهة اُخرى مشتركة بين الواجب وغيره ، فلو كان الواجب أو العبادة أو الواجب العبادي من هذا القبيل بطلت الاجارة لهذه الجهة لا لجهة الوجوب أو العبادية ، إذ الكلام في الاجارة الصحيحة في نفسها ، وإذا لم يكن من هذا القبيل صحّ مطلقا .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net