ــ[428]ــ
[ 1528 ] مسألة 36: يجب الترتيب بين آيات الحمد والسورة وبين كلماتها وحروفها (1) ، وكذا الموالاة (2) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، ربما لا يصح في بعض الموارد ، كما إذا علمنا من الخارج بناء العمل على المجانية لكونه مورداً لحق الناس ، وأ نّه ممّا يستحقونه على العامل ولو كفاية، كما لا يبعد دعواه في تجهيزات الميت كغسله وكفنه ودفنه والصلاة عليه ، لقيام ارتكاز المتشرعة على أ نّه حق للميت على المسلمين مجّاناً ، وأنّ الله تعالى أوجبه كذلك .
ومن جميع ما ذكرناه تعرف: أنّ الأقوى جواز أخذ الاُجرة على تعليم القراءة وغيرها من أجزاء الصلاة الواجبة والمستحبة، فلا بأس بإمرار المعاش والارتزاق من هذه الناحية ، وإن كان الأحوط تركه ، حذراً عن مخالفة المشهور .
(1) أمّا الترتيب بين نفس الحمد والسورة بتقديم الأوّل على الثاني ، فقد تقدم الكلام فيه سابقاً فلاحظ (1) .
وأمّا بين الآيات والكلمات والحروف ، فلا إشكال فيه كما لا خلاف ، فانّ مفهوم الحمد أو السورة يتقوّم بتلك الآيات على النهج الخاص والترتيب المقرّر بينهما بمالها من الأجزاء ، فمع الاخلال لا يصدق عنوان السورة التي هي متعلق التكليف ، فلم يتحقق المأمور به فيحكم بالبطلان ، وإن تداركه بالتكرار مراعياً للترتيب ، من جهة الزيادة العمدية المبطلة ، ضرورة أ نّها تتحقق بنفس القراءة الاُولى على خلاف الترتيب لأنه أتى بها بقصد الجزئية حسب الفرض ، نعم لو قصد بذلك مطلق القرآن دون الجزئية لم يكن به بأس ، لعدم كونه من الزيادة القادحة حينئذ .
(2) بلا خلاف فيه ولا إشكال ، لتقوّم مفهوم الكلمة أو الآية بذلك ، من جهة اعتبار الوحدة الاتصالية العرفية بين الأجزاء، بحيث لو تخلّل الفصل الطويل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 290 .
ــ[429]ــ
فلو أخلّ بشيء من ذلك عمداً بطلت صلاته (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسكوت ونحوه الماحي للصورة أو للهيئة الكلامية خرجت الكلمة أو الآية عن حقيقتها ، فلو قال : ما ، وبعد مدّة قال : لـ ، وبعد مدّة اُخرى قال : ك ، لم يعد ذلك مصـداقاً لكلمة مالك ، بل يعد غلطاً في العرف واللغة ، ويكون خارجاً عن العربية .
وكذا لو قال : مالك ، وبعد فصل طويل قال : يوم ، وبعد فصل كذلك قال : الدين ، لم يكن ذلك مصداقاً للآية المباركة ، بل كان خارجاً عن قانون المحاورة وعن الكلام العربي ، وكذا الحال بين الآيات بعضها مع بعض ، فصدق عنوان السورة أو الآية أو الكلمة موقوف على مراعاة تلك الهيئة الاتصالية الملحوظة بين أجزائها بحيث لو أخلّ خرج عن الكلام العربي، بل ربّما عد غلطاً كما عرفت . ومن المعلوم أنّ الواجب إنّما هو قراءة القرآن على النهج العربي الصحيح، ولأجل ذلك اعتبرنا الموالاة بين الايجاب والقبول، وبين فصول الأذان والاقامة ونحوهما ممّا اعتبرت فيه الهيئة الاتصالية العرفية .
وعلى الجملة : فالموالاة بهذا المقدار معتبرة جزماً ، وأمّا الزائد عليه فلا دليل على اعتباره ، والظاهر أنّ المشهور أيضاً لا يعتبرون أكثر من ذلك .
(1) فيما إذا كان بانياً على الاخلال من أوّل الأمر ، والوجه في البطلان حينئذ ظاهر ، وذلك لأجل الزيادة العمدية المبطلة . مضافاً إلى صدق كلام الآدمي لخروج مورد الاخلال عن القرآن والذكر والدعاء ، فيستوجب البطلان من ناحيتين ولا ينفعه التدارك بتكرار القراءة بعد حصول ما يبطل معه الصلاة ، فما في بعض الكلمات من بطلان القراءة بذلك في غير محله ، بل الظاهر بطلان الصلاة كما عرفت .
ــ[430]ــ
[ 1529 ] مسألة 37 : لو أخلّ بشيء من الكلمات أو الحروف أو بدّل حرفاً بحرف حتى الضاد بالظاء أو العكس بطلت ، وكذا لو أخلّ بحركة بناء أو إعراب أو مد واجب أو تشديد أو سكون لازم ، وكذا لو أخرج حرفاً من غير مخرجه بحيث يخرج عن صدق ذلك الحرف في عرف العرب(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، إذا لم يكن بانياً عليه من الأوّل بل بدا له ذلك في الأثناء ، كما لو أخذه السعال أو العطاس أو انقطع النفس أثناء الآية أو الكلمة بحيث تخلل الفصل المخل ، فالظاهر الصحة لو تدارك ، بل لا ينبغي الاشكال فيها لعدم تحقق الزيادة المبطلة حينئذ ، لما مرّ غير مرّة من أنّ المستفاد من قوله (عليه السلام) : «من زاد في صلاته فعليه الاعادة» (1) أنّ المبطل هو إحداث الزائد من أوّل الأمر لا إحداث صفة الزيادة لما تقدمه كما في المقام ، فانّه بعد التكرار والتدارك يتصف السابق بصفة الزيادة من دون أن يكون متصفاً بها حين حدوثه ، فمثل هذا غير مشمول لتلك الأدلة .
ومن هنا ذكرنا أنّ جواز العدول من سورة إلى اُخرى ، أو من الحمد إلى التسبيحات الأربع في الركعتين الأخيرتين مطابق للقاعدة من دون حاجة إلى دليل خاص ، فانّ ذلك هو مقتضى التخيير المفروض في المقام ، إذ لا دليل على تعيّن الواجب فيما اختاره أوّلاً ما لم يفرغ عنه ، كما أنّ الزيادة العمدية غير متحققة في أمثال المقام لما عرفت آنفاً .
(1) أمّا الإخلال في المواد بتغيير كلمة أو تبديل حرف ولو بما يقاربه في المخرج، كالضاد بالظاء أو بالعكس ـ بناءً على تعدد الحرفين وتغاير المخرجين ـ فلا إشكال في البطلان مع العمد ، للزوم الزيادة المبطلة . مضافاً إلى كونه من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 231 / أبواب الخلل ب 19 ح 2 .
ــ[431]ــ
كلام الآدمي بعد عدم كونه من القرآن ولا الذكر ولا الدعاء . وأمّا مع السهو فتبطل الكلمة خاصة ، فتصح القراءة مع التدارك كما هو ظاهر .
وأمّا الإخلال في الهيئات ، فان كان بتغيير في ترتيب الحروف بتقديم وتأخير كتغيير الحمد بالمدح وإن اتحد المعنى ، فحاله كالتغيير في المواد الذي مرّ حكمه من البطلان مع العمد ، وبطلان خصوص الكلمة مع السهو ، فانّه من مصاديق ذلك كما لا يخفى .
ويلحق بذلك التغيير في حركات الكلمة من أوّلها أو وسطها أو آخرها إذا كانت مبنية ونعبّر عنها بالحركات اللاّزمة ، فانّه أيضاً تغيير في القرآن فلا يكون منه ، ويجري فيه ما مرّ من بطلان الصلاة مع العمد ، وبطلان الكلمة مع السهو .
وأمّا التغيير في الحركات غير اللاّزمة كالاعراب ، فان عدّ غلطاً في كلام العرب ، كقوله الحمد بالكسر ، فهو أيضاً ملحق بما سبق ، لكونه مغايراً للكلام النازل على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا بدّ من قراءة القرآن قراءة صحيحة كما نزلت ، فيجري فيه أيضاً ما مرّ من بطلان الصلاة أو الكلمة مع العمد أو السهو .
إنما الكلام فيما إذا لم يكن غلطاً ولا مغيّراً للمعنى ، وهذا كما في الصفة ككلمة الرب في قوله : الحمد لله رب العالمين ، وكلمة مالك في مالك يوم الدين ، حيث قالوا بجواز الوجوه الثلاثة في إعرابها الجر تبعاً للموصوف كما هو الشائع الذائع والنصب بتقدير كلمة أعني ، والرفع خبراً لمبتدأ محذوف ، فهل يجوز في الصلاة اختيار كل ذلك ، أو يتعين الأوّل كما هو المتعارف فلا يتغير عما هو عليه ؟
ربما يقال بالجـواز ، نظراً إلى أنّ اللاّزم هو الاتيـان بقراءة صحيحة وهي متحققة في كل ذلك ، لكن الظاهر البطلان لأ نّا مأمورون بقراءة القرآن كما اُنزل وكما يقرأه الناس ، للنصوص الدالة على ذلك كما سيجيء ، لا بكل كلام عربي
|