الأقوال الثمانية في تعيين التسبيحات في الأخيرتين 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5533


ــ[459]ــ

وهي : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، والأقوى إجزاء المرّة والأحوط الثلاث (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صريحة في المطلوب من عدم الوجوب ، بل وأفضلية التسبيح حتى للساهي كما احتمله جماعة، وإن كان المراد ما استظهره في الحدائق (1) من كراهة قراءة الحمد والسورة معاً، حيث إنّها التي يترتّب عليها قلب الصلاة ، فهي ظاهرة في المطلوب وإن لم تكن بتلك الصراحة ، حيث يظهر من ذكر ذلك في مقام البيان أنّ الوظيفة في فرض النسيان هي التخيير أيضاً، وأنّ السهو لم يترتّب عليه شيء وإلاّ وجب التنبيه عليه .

   وبالجملة :  ظهورها في عدم ترتب أثر على السهو غير قابل للانكار ، وإلاّ بقي السؤال بلا جواب كما لا يخفى . فهي كالصريح في عدم لزوم تدارك الحمد وبقاء الحكم السابق ، أعني التخيير لولا السهو على ما هو عليه ، وكأ نّه (عليه السلام) أشار بذلك إلى رد العامة حيث يوجبون قراءة
الحمد (2).

   الثانية :  موثقة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إن نسي أن يقرأ في الاُولى والثانية أجزأه تسبيح الركوع والسجود» (3) .

   والمتحصل من جميع ما قدمناه : أنّ ما ذكره المشهور من التخيير في الركعتين الأخيرتين حتى لمن نسي القراءة في الأوّلتين هو الصحيح .

   (1) قد وقع الخلاف في تعيين التسبيح الذي هو طرف التخيير على أقوال :

   أحدها :  أنّ صورته هكذا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 8 : 421 .

(2) المغني 1 : 561 ، المجموع 3 : 361 .

(3) الوسائل 6 : 90 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 29 ح 3 .

ــ[460]ــ

يكرّرها ثلاثاً ، فيكون المجموع اثني عشر تسبيحاً كما هو المتعارف . نسب ذلك إلى الشيخ في النهاية والاقتصاد (1) ، وإلى ابن أبي عقـيل حيث ذكر أ نّه يقولها أي التسبيحات الأربعة سبعاً أو خمساً ، وأدناها ثلاث (2) .

   وقد استدل له باُمور : منها :  الفقه الرضوي (3) ، حيث صرّح فيه بذلك .

   وفيه :  ما تقدّم مراراً من أ نّه لم يثبت كونه رواية فضلاً عن أن يكون معتبراً .

   ومنها :  رواية رجاء بن أبي الضحاك «أنه صحب الرضا (عليه السلام) من المدينة إلى مرو فكان يسبّح في الاُخراوين يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ثلاث مرات ثم يركع»(4).

   وفيه :  مضافاً إلى ضعف السند ، وإلى أ نّه حكاية فعل مجمل العنوان فلا يدل على الوجوب ، بل غايته المشروعية أو الرجحان ولعل اختياره (عليه السلام) لذلك لكونه أفضل الأفراد أو أحدها ، أ نّها لم تثبت بهذا المتن ، فقد ذكر المجلسي على ما حكى عنه صاحب الحدائق(5) أنّ النسخ المصححة القديمة من العيون غير مشتملة على التكبير، فيكون المجموع تسع تسبيحات الذي هو أحد الأقوال في المسألة كما سيجيء .

   على أ نّه يكفي مجرد الاحتمال الناشئ من اختلاف النسخ ، لعدم الوثوق حينئذ بما هو الصادر عن المعصوم (عليه السلام) .

   ومنها :  وهو العمدة ما رواه ابن ادريس في أوّل السرائر نقلاً عن كتاب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النهاية : 76 ، الاقتصاد : 261 .

(2) حكاه عنه في المختلف 2 : 164 .

(3) فقه الرضا : 105 .

(4) الوسائل 6 : 110 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 42 ح 8 .

(5) الحدائق 8 : 414 ، البحار 82 : 88 .

 
 

ــ[461]ــ

حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «أنه قال : لا تقرأنّ في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئاً إماماً كنت أو غير إمام ، قال قلت : فما أقول فيهما ؟ قال : إذا كنت إماماً أو وحدك فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ثلاث مرات ثم تكبّر وتركع»(1).

   وهي صريحة في المدعى، إلاّ أنّ الشأن في سندها أوّلاً ومتنها ثانياً أمّا السند فقد ذكرنا غير مرّة أنّ طريق ابن ادريس إلى كتاب حريز غير معلوم ، ولعلّ الكتاب الواصل إليه لم يكن هو كتابه إمّا كلاً أو بعضاً ، وعدم عمله بأخبار الآحاد لا يجدي ، إذ لعله اعتمد على قرينة تفيد القطع له ولا تفيد لغيره .

   وأمّا المتن فلم يثبت كونه كذلك ، كيف وقد رواها ابن ادريس نفسه في آخر السرائر فيما استطرفه من كتاب حريز بعين السند والمتن ، غير أ نّه لم يذكر فيه التكبير (2) ، بل قد ذكر المجلسي في البحار على ما حكاه عنه في الحدائق(3) أنّ النسخ المتعددة التي رأيناها متفقة على ذلك ، وعليه فلم يعلم أنّ الصحيح هو ما ذكره ابن ادريس في أوّل السرائر أم ما أثبته في آخره . ومن هنا احتمل بعض ومنهم المجلسي أن تكونا روايتين قد رواهما زرارة على الوجهين ، وكذا حريز عنه في كتـابه ، فأثبتهما ابن ادريس في الموضعـين ، وإن كان بعـيداً غايته كما لا يخفى .

   وكيف كان ، فلايخلو إمّا أ نّهما روايتان، أو هما رواية واحدة دائرة بين الزيادة والنقيصة ، فعلى الثاني ، يدور الأمر بين الحجة واللاّ حجة ، إذ الصادر ليس إلاّ أحدهما ، وبما أ نّه غير معلوم لاشتباهه بالآخر فلا يمكن الحكم بصحة المشتمل على التكبير ، لعدم الوثوق بصدوره فيسقط عن الاستدلال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 123 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 51 ح 2 ، السرائر 1 : 219 .

(2) السرائر 3 : 585 .

(3) الحدائق 8 : 412 ، البحار 82 : 87 .

ــ[462]ــ

   وعلى الأوّل ، فمع بعده في نفسه ـ كما عرفت سيّما من مثل زرارة ، إذ بعد أن سأل حكم المسألة عن الإمام (عليه السلام) كيف يسأله مرّة اُخرى ـ فغاية ما هناك أ نّهما روايتان تضمّنت إحداهما الأمر بالتكبير، والاُخرى عدم الأمر الظاهر بمقتضى الاطلاق في جواز تركه ، لكونه مسوقاً في مقام البيان وتعيين تمام الوظيفة ولا شك أنّ مقتضى الجمع العرفي بينهما هو الحمل على الاستحباب وأنّ الواجب هي التسبيحات التسع ، والثلاث الزائدة في الرواية الاُخرى مستحبّة هذا .

   وممّا يؤيد زيادة كلمة التكـبير في الرواية وأ نّها سهو من قلم النساخ من جهة اُنس الذهن الناشئ من المعهودية الخـارجية : أنّ الصدوق رواها بعينها بطريق صحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) من دون ذكر التكبير مصرّحاً بالتسع ، بحيث لا يحتمل معه النقص ، حيث قال : « ... فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبِّر وتركع» (1) .

   فتحصّل :  أنّ هذا القول ساقط لعدم الدليل عليه .

 القول الثاني :  أ نّها عشر تسبيحات فيقول هكذا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ثلاث مرات ، ثم يقول : الله أكبر ، فيكون المجموع عشراً . نسب ذلك إلى السيد المرتضى(2) والشيخ في الجمل والمبسوط(3) ، وابن ادريس(4) وسلاّر(5) وابن البراج(6) ، ومال إليه في الحدائق(7) معترفاً كغيره من جملة من الأصحاب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 122 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 51 ح 1 ، الفقيه 1 : 256 / 1158 .

(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى 3 ) : 33 .

(3) الجمل والعقود (ضمن الرسائل العشر) : 181 ، المبسوط 1 : 106 .

(4) السرائر 1 : 222 .

(5) المراسم : 72 .

(6) المهذب 1 : 97 .

(7) الحدائق 8 : 416 .

ــ[463]ــ

بعدم الوقوف على رواية تدل عليه ، غير أ نّه (قدس سره) تصدى لاثباته بضم بعض الأخبار إلى بعض .

   هذا، ويمكن أن يستدل لهذا القول بصحيحة زرارة على رواية الصدوق المتقدمة آنفاً ، بناءً على حمل التكبير في قوله (عليه السلام) «ثم تكبّر وتركع» على ما هو من متمم التسبيح الواجب في الركعتين الأخيرتين لا على تكبير الركوع .

   لكنه كما ترى بعيد جداً ، فانّ ظاهرها أنّ تمام الواجب إنّما هو التسع وأنّ التكبير هو تكبير الركوع، ولذا عطفه على سابقه بكلمة «ثم» الظاهر في الانفصال وإلاّ كان الأحرى أن يقال : تكمله تسع تسبيحات وتكبّر ثم تركع ، أو تكمله عشر تسبيحات ثم تكبّر وتركع .

   وكيف كان، فلاينبغي الريب في ضعف هذا القول أيضاً، وصاحب الحدائق(1) قد استند في التسع إلى هذه الصحيحة وفي التكبير المتمم للعشر إلى الروايات الاُخر ، وهو أيضاً لا يتم كما لا يخفى .

   القول الثالث :  أ نّها تسع تسبيحات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله يكرّرها ثلاث مرّات . نسب إلى الصدوق(2) ووالده(3) وأبي الصلاح(4) . ونسب أيضاً إلى حريز الراوي للتسع(5) وهو من قدماء الأصحاب . فيظهر أنّ فتواه أيضاً كذلك ، مضافاً إلى روايته .

   والدليل عليه : هو صحيح حريز عن زرارة المتقدم آنفاً ، الذي نقله الصدوق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 8 : 412 ، 416 .

(2) الفقيه 1 : 256 / 1158 ، الهداية : 135 .

(3) حكاه عنه في المختلف 2 : 164 .

(4) الكافي في الفقه : 117 .

(5) حكاه عنه في المعتبر 2 : 189 .

ــ[464]ــ

وقدر مرّ أنّ ابن ادريس أيضاً رواه كذلك في آخر السرائر نقلاً عن كتاب حريز عن زرارة .

   وهذا القول لابأس به ، فانّ الرواية صحيحة صريحة، فان ثبت جواز الاكتفاء بما دونه وإلاّ فلا بدّ من الالتزام به .

   القول الرابع :  الاجتزاء بالتسبيحات الأربع مرة واحدة ، اختاره جمع كثير بل نسب ذلك إلى المشهور .

   وتدل عليه صريحاً : صحيحة زرارة قال : «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ما يجزئ من القول في الركعتين الأخيرتين ؟ قال : أن تقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، وتكبّر وتركع» (1) ، وهي واضحة الدلالة للتصريح بالإجزاء ، فالزائد عليه من الأذكار فضل وندب ، وبذلك نرفع اليد عن القول السابق، أعني التسع ويحكم باستحبابها ، ويؤيّده : رواية محمد بن عمران ومحمد ابن حمزة (2) .

   وقد يستدل لذلك ـ كما في الحدائق(3) ـ بصحيحة سالم بن مكرم أبي خديجة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأولتين ، وعلى الذين خلفك أن يقولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر وهم قيام ، فاذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك أن يقرأوا فاتحة الكتاب وعلى الإمام أن يسبّح مثل ما يسبّح القوم في الركعتين الأخيرتين» (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 109 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 42 ح 5 .

(2) الوسائل 6 : 123 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 51 ح 3 .

(3) الحدائق 8 : 412 .

(4) الوسائل 6 : 126 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 51 ح 13 .

ــ[465]ــ

   وهذه الرواية صحيحة السند ، إذ ليس في الطريق من يغمز فيه عدا الراوي الأخير ، والظاهر أ نّه سالم بن مكرم المكنى بأبي خديجة مرّة وأبي سلمة اُخرى فأبو خديجة كنية له لا لأبيه ، فما وقع في الوسائل في المقام من قوله : سالم بن أبي خديجة سهو من قلمه الشريف أو من النسّاخ . وقد ذكر (قدس سره) هذه الرواية بعـينها في باب 32 من الجماعة بحذف كلمة ابن فقـال : عن سالم أبي خديجة(1) ، وكذا في التهذيب 3 : 275 / 800 وهو صحيح كما عرفت .

   وهذا الرجل ـ أعني سالم بن مكرم ـ قد وثقه النجاشي وقال : إنّه ثقة ثقة (2) إلاّ أنّ الشيخ (قدس سره) قد ضعّفه في الفهرست (3) صريحاً ـ وإن وثقه في موضع آخر على ما حكاه العلاّمة (4) ـ ولكن الظاهر أنّ تضعيف الشيخ يبتني على تخيل اتحاده مع سالم بن أبي سلمة الكندي السجستاني وهو سهو منه بلا شك ، وقد أوضح ذلك سيدُنا الاُستاد (دام ظله) (5) في المعجم 9 : 27 / 4966 فليلاحظ .

   وكيف كان ، فلاينبغي الريب في صحة السند ، ومن هنا عبّر عنها في الحدائق بالصحيحة (6) .

   ولكنّها قاصرة الدلالة على الاجـتزاء بالمرّة وإن ادعاها صاحب الحدائق ولعلّه باعتبار ذكر التسبيح مرّة واحدة في الركعتين الأوّلتين ، وهو كما ترى فانّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 362 / ح 6 .

(2) رجال النجاشي : 188 / 501 .

(3) الفهرست : 79 / 327 .

(4) الخلاصة : 354 / 1404 .

(5) [ هذا خروج عن رسم التقريرات ، وكم له نظير في هذه الموسوعة ] .

(6) لم أظفر على تصريح من الحدائق بذلك في المقام ولعلّه عبّر عنها بذلك في مقام آخر فلاحظ .

ــ[466]ــ

النظر فيها مقصور على بيان التفرقة بين الركعتين الأوّلتين والأخيرتين ، وأنّ الإمام يقرأ في الأوّلتين والمأموم يسبّح ، وأمّا في الأخيرتين فهما سواء ، وأمّا أنّ كيفية التسبيح في الأخيرتين أيّ شيء فهي ساكتة عنه بالكلية ، ومجرد ذكر تسبيح خاص في الأوّلتين لا يقتضي كونه في الأخيرتين كذلك ، فهذا الاستدلال ساقط ، والعمدة فيه صحيحة زرارة المؤيّدة بالروايتين كما تقدم .

   القول الخامس :  ما نسب إلى ابن الجنيد (1) من كفاية ثلاث تسبيحات بأن يقول : الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ، وهذا القول أيضاً غير بعيد ككفاية التسبيحات الأربع ، إذ قد دلت عليه صحيحة الحلبي صريحاً ، فقد روى الشيخ في الصحيح  عنه عن  أبي عبدالله  (عليه السلام) «قال: إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ فيهما ، فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر»(2) .

   وقد رواها في الاستبصار والتهذيب(3) غير أنّ  كلمة «الأخيرتين» غير مذكورة في الثاني ، ولعلها سقطت من قلمه الشريف . وكيف كان ، فالدلالة ظاهرة سواء جعلنا قوله (عليه السلام) «لا تقرأ فيهما» صفة «للأخيرتين» أو جزاء للشرط بأن تكون نهياً أو نفياً تفيده ، لكونها في مقام الانشاء .

   القول السادس :  ما نسب إلى ابن أبي عقيل (4) من كفاية التسبيح ثلاثاً بأن يقول : «سبحان الله سبحان الله سبحان الله» وقد استدلّ له برواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: أدنى ما يجزئ من القول في الركعتين الأخيرتين ثلاث تسبيحات أن تقول : سبحان ، الله سبحان الله ، سبحان الله» (5) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه عنه في المختلف 2 : 164 .

(2) الوسائل 6 : 124 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 51 ح 7 .

(3) الاستبصار 1 : 322 / 1203 ، التهذيب 2 : 99 / 372 .

(4) لم نعثر عليه .

(5) الوسائل 6 : 109 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 42 ح 7 .

ــ[467]ــ

   وفيه :  ان الدلالة وان كانت تامة لكن السند ضعيف لضعف طريق الصدوق إلى وهيب بن حفص بشيخه محمد بن علي ماجيلويه فانه لم يوثق ، وبمحمد بن علي الهمداني الذي استظهر الأردبيلي في جامعه (1) انه محمد بن علي القرشي أبو سمينة المعروف بالكذب ولكنه في غير محله بل هو محمد بن علي بن ابراهيم الهمداني وكيل الناحية وان كان ضعيفاً أيضاً حيث استثناه ابن الوليد من رجال نوادر الحكمة (2) ، ولأجل ذلك لا يمكن الاعتماد على رواياته . فهذا القول ساقط . نعم ، بناءً على جواز الاكتفاء بمطلق الذكر وانه ليس في التسبيح شيء موقت كما هو أحد الأقوال وسيجيء الكلام عليه ان شاء الله تعالى أمكن الاكتفاء به حينئذ لا لخصوصية فيه بل لكونه مصداقاً للذكر المطلق .

   والمتحصل :  من جميع ما قدمناه لحد الآن جواز الاقتصار على التسبيحات التسع ، بل الاكتفاء بالتسبيحات الأربع مرة واحدة ، بل بالتسبيحات الثلاث لورود النص الصحيح على كل ذلك ، كما تقدم في بيان القول الثالث والرابع والخامس .

 بل لا يبعد الاكتفاء بالتسبيح والتهليل والتكبير والدعاء ، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : عشر ركعات ، ركعتان من الظهر وركعتان من العصر ، وركعتا الصبح ، وركعتا المغرب ، وركعتا العشاء الآخرة لا يجوز فيهنّ الوهم ـ إلى أن قال ـ : وهي الصلاة التي فرضها الله ، وفوّض إلى محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فزاد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الصلاة سبع ركعات هي سنّة ليس فيهنّ قراءة ، إنّما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء فالوهم إنّما هو فيهنّ» الحديث(3) . وبمضمونها روايته الاُخرى الواردة في المأموم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جامع الرواة 2 : 392 ، 542 .

(2) رجال النجاشي : 348 / 939 .

(3) الوسائل 6 : 109 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 42 ح 6 .

ــ[468]ــ

المسبوق (1) .

   كما لا يبعد الاجتزاء بأقل من ذلك ، أعني التسبيح والتحميد والاستغفار لوروده في صحيحة عبيد بن زرارة قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الركعتين الأخيرتين من الظهر ، قال : تسبّح وتحمد الله وتستغفر لذنبك ، وإن شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد ودعاء» (2) .

   بل يظهر من ذيلها جواز الاكتفاء بأقل من ذلك أيضاً ، أعني مجرد التحميد والدعاء ، فلا حاجة إلى التسبيح والاستغفار إلاّ من جهة كونه مصداقاً للدعاء لتعليل الاجتزاء بالفاتحة باشتمالها على التحميد والدعاء ، ومن الواضح أ نّها غير متضمنة للاستغفار ، فيظهر أنّ العبرة بالدعاء ، كان استغفاراً أم لا . ومن جميع ما سردناه يظهر قوّة :

   القول السابع :  من التخيير بين جميع هذه الصور وجواز العمل بكل ما تضمنته النصوص الصحيحة المتقدمة ، المنسوب إلى ابن طاووس (3) والمحقق في المعتبر (4) ، ومال إليه جملة من المتأخرين ، فانّ هذا القول قريب جداً ، لصحة تلكم الأخبار سنداً ودلالة كما عرفت ، ولا تعارض بينها ، غايته أنّ الأمر في كل منها ظاهر في الوجوب التعييني فيحمل على التخيير جمعاً . بقي الكلام في القول الأخير وهو :

   القول الثامن : من الاجتزاء بمطلق الذكر وإن لم يكن باحدى الصور المتقدمة في النصوص السابقة كما نسب إلى بعض ، ويمكن أن يستدل له بوجوه :

   الأوّل :  أنّ الاختلاف الكبير الواقع في الأخبار في تعـيين الأذكار كما مرّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 388 /  أبواب صلاة الجماعة ب 47 ح 4 .

(2) الوسائل 6 : 107 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 42 ح 1 .

(3) حكاه عنه في الذكرى 3 : 315 .

(4) المعتبر 2 : 190 .

ــ[469]ــ

يكشف عن أنّ الاعتبار بمطلق الذكر وأ نّه ليس هناك شيء مؤقّت . فالواجب إنّما هو طبيعي ذكر الله ولا خصوصية للمذكور في النصوص وإنّما هي أمثلته وبيان بعض مصاديقه . فالمقام نظير الأخبار الواردة في باب صلاة الميت ، فكما أ نّا استفدنا من الاختلاف الكثير الواقع في كيفية تعيين الأدعية أنّ العبرة بمطلق الدعاء وليس هناك شيء موقّت ، فكذا في المقام طابق النعل بالنعل .

   وفيه :  أنّ القياس مع الفارق ، فانّ الأمر وإن كان كذلك في باب صلاة الميت لكنه ليس لأجل اختلاف الأخبار فحسب ، بل للتصريح في تلك الأخبار بأ نّه ليس هناك شيء موقّت . ومثل هذا التصريح لم يرد في نصوص المقام حتى يلتزم بالغاء تلك الخصوصيات الواردة فيها ، إذ من الواضح أنّ مجرّد الاختلاف وإن كثر لا يقتضي ذلك بل لا بدّ من مراعاتها ، غاية الأمر أنّ الأمر الوارد في كل خبر ظاهر في نفسه بمقتضى الاطلاق في الوجوب التعييني فيرفع اليد عنه ويحمل على التخييري جمعاً بينها كما تقدم ، فلا يجوز له اختيار ذكر لا نص فيه لعدم الدليل عليه .

   الثاني :  رواية علي بن حنظلة ـ وقد تقدمت (1) ـ قال : «سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟، فقال: إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب ، وإن شئت فاذكر الله فهو سواء ، قال قلت : فأيّ ذلك أفضل ؟ فقال : هما والله سواء إن شئت سبّحت وإن شئت قرأت»(2) فيظهر منها أنّ العبرة بمطلق ذكر الله كيف ما تحقق .

 وفيه أوّلاً : أ نّها ضعيفة السند كما مرّ(3) وإن عبّر عنها بالموثقة في كلمات بعض فانّ علي بن حنظلة (4) لم يوثق وإن كان أخوه عمر تقبل رواياته ويعبّر عنها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 450 .

(2) الوسائل 6 : 108 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 42 ح 3 .

(3) في ص 451 .

(4) سيجيء قريباً في اواخر المسألة الثانية [ ص 479 ] توثيق الرجل فلاحظ .

ــ[470]ــ

بالمقبولة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net