ــ[54]ــ
[ 1590 ] مسألة 10 : ذكر بعض العلماء أ نّه يكفي في ركوع المرأة الانحناء بمقدار يمكن معه إيصال يديها إلى فخذيها فوق ركبتيها (1) ، بل قيل باستحباب ذلك ، والأحوط كونها كالرجل في المقدار الواجب من الانحناء نعم الأولى لها عدم الزيادة في الانحناء لئلاّ ترتفع عجيزتها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حكي ذلك عن المقنعة (1) والنهاية (2) ، بل عن كثير من كتب المتقدِّمين وأكثر كتب المتأخِّرين ـ كما في الجواهر (3) ـ استناداً إلى صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : المرأة إذا قامت في الصلاة جمعت بين قدميها وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها ، فاذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلاّ تطأطأ كثيراً فترتفع عجيزتها» (4) .
ولا يخفى أ نّه بناءً على مسلك المشهور من تحديد الانحناء المعتبر في الركوع بامكان وضع اليدين على الركبتين تتحقّق المنافاة بينه وبين هذه الصحيحة ، إذ مقتضى النصوص المستدل بها على هذا القول أنّ التحديد المزبور معتبر في ماهية الركوع حيثما تحقّق ، وقضيّة الاطلاق ولو بمعونة قاعدة الاشتراك عدم الفرق في ذلك بين الرجل والمرأة ، فتنافيها هذه الصحيحة الدالّة على كفاية الأقل بالنسبة إليها . فلا مناص من ارتكاب التخصيص جمعاً ، وحمل تلك النصوص على الرِّجال ، ونتيجة ذلك الالتزام بافتراقها عن الرِّجال في مقدار الانحناء .
وأمّا بناءً على القول الآخر ـ وهو المختار كما تقدّم (5) ـ من كفاية الانحناء
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المقنعة : 111 .
(2) النهاية : 73 .
(3) الجواهر 10 : 74 .
(4) الوسائل 6 : 323 / أبواب الركوع ب 18 ح 2 .
(5) في ص 6 .
ــ[55]ــ
[ 1591 ] مسألة 11 : يكفي في ذكر الركوع التسبيحة الكبرى مرّة واحدة ـ كما مرّ ـ وأمّا الصغرى إذا اختارها فالأقوى وجوب تكرارها ثلاثاً، بل الأحوط ((1)) والأفضل في الكبرى أيضاً التكرار ثلاثاً ، كما أنّ الأحوط في مطلق الذكر غير التسبيحة أيضاً الثلاث وإن كان كل واحد منه بقدر الثلاث من الصغرى (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حدّاً يتمكّن من إيصال رؤوس الأصابع إلى الركبتين ، فلا منافاة حينئذ بينه وبين هذه الصحيحة في مقدار الانحناء ، إذ التمكن من الايصال المزبور يستلزم ـ بطبيعة الحال ـ وضع اليدين فوق الركبتين وعلى الفخذين الّذي تضمّنته هذه الصحيحة فينطبق أحدهما على الآخر ، فاذن لا فرق بينهما في حدّ الانحناء الواجب .
نعم ، يفترقان في الحكم الاستحبابي ، إذ لا ريب في استحباب الانحناء الأكثر للرجال بحيث يتمكّن من وضع اليدين على الركبتين كما تقدّم . وأمّا النِّساء فالأولى والأفضل لهنّ الوقوف على هذا الحد وعدم الانحناء الأكثر لئلاّ يطأطئن كثيراً فترتفع عجيزتهن كما تضمنته هذه الصحيحة ، فيلتزم بالتخصيص في هذا الحكم الاستحبابي مع المساواة في الحدّ الوجوبي . فما ذكره في المتن من أ نّها كالرجل في المقدار الواجب من الانحناء غير أنّ الأولى لها عدم الزيادة فيه هو الصحيح .
(1) تقدّم الكلام حول هذه المسألة عند التعرّض للواجب الثاني من واجبات الركوع مستقصى وعرفت كفاية التسبيحة الكبرى مرّة واحدة ، ولزوم تكرار الصغرى ثلاثاً ، بل كفاية مطلق الذكر إذا كان بقدر الثلاث الصغريات .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لم يظهر لنا وجه الاحتياط .
ــ[56]ــ
ويجوز الزيادة على الثلاث ولو بقصد الخصوصية والجزئية (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، أضاف في المقام احتياطين :
أحدهما : استحبابي قال (قدس سره) : بل الأحوط والأفضل في الكبرى أيضاً التكرار ثلاثاً . أمّا كونه أفضل فلا إشـكال فيه ، للأمر به في جملة من النصوص المحمول على الاستحباب كما تقدّم(1) . وأمّا الاحتياط فلم يظهر وجهه بعد التصريح في غير واحد من النصوص بكفاية المرّة ، وأنّ واحدة تامّة تجزي فلا مجال لاحتمال وجوب الثلاث كي يكون أحوط (2) .
ثانيهما : وجوبي وهو قوله : كما أنّ الأحوط في مطلق الذكر غير التسبيحة أيضاً الثلاث وإن كان كل واحدة منه بقدر الثلاث من الصغرى . وهذا أيضاً لم يظهر وجهه ، للتصريح في صحيحة مسمع المتقدِّمة بكفاية ما يعادل التسبيحات الثلاث ، قال (عليه السلام) : «يجزيك من القول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات أو قدرهنّ مترسلاً» إلخ (3) فلو اختار ذكراً يوازي مجموع الثلاث من الصغرى كقوله ـ لا إله إلاّ الله والله أكبر ـ مثلاً ، كفى من دون حاجة إلى تكراره ثلاثاً ، فالاحتياط المذكور في غير محله .
(1) أمّا قصد الجزئية فمشكل بل ممنوع ، لما مرّ غير مرّة من منافاتها مع الاستحباب ، ولذا أنكرنا وجود الجزء المستحبِّي ، وإنّما هو مستحب ظرفه الواجب أو المستحب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 12 .
(2) حكى في الحدائق 8 : 248 عن العلاّمة في التذكرة [ 3 : 169 ] عن بعض علمائنا وجود القول بوجوب الثلاث ، فلعل احتياط المتن مبني على رعاية هذا القول .
(3) الوسائل 6 : 302 / أبواب الركوع ب 5 ح 1 .
ــ[57]ــ
والأولى أن يختم على وتر كالثلاث والخمس والسبع وهكذا (1) ، وقد سمع من الصادق (صلوات الله عليه) ستّون تسبيحة في ركوعه وسجوده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا قصد الخصوصية ـ أي الاتيان بالزائد بعنوان الوظيفة المقرّرة في هذه الحـالة لا بعـنوان مطلق الذكر الّذي هو حسن على كلّ حال ـ فدلّ عليه النصوص الدالّة على استحباب إطالة الركوع والسجود وإكثار الذكر فيهما ، التي منها موثقة سماعة قال (عليه السلام) فيها : «ومن كان يقـوى على أن يطوّل الركوع والسجود فليطوّل ما استطاع يكون ذلك في تسبيح الله وتحميده وتمجيده ، والدُّعاء والتضرّع ، فانّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد» (1) .
(1) على المشهور ، وكأ نّه لما في بعض نصوص الباب من أنّ «الفريضة من ذلك تسبيحة ، والسنة ثلاث والفضل في سبع» (2) حيث لم يتعرّض للاشفاع ، المؤيّد بما ورد من أنّ الله سبحانه وتر يحب الوتر (3) .
لكن في صحيح أبان بن تغلب قال : «دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) وهو يصلِّي فعددت له في الركوع والسجود ستِّين تسبيحة» (4) .
فربّما يتوهّم المنافاة بينها وبين اسـتحباب الايتار ، وقد تعرّض لذلك في الذكرى وقال : إنّ عدّ السـتِّين لا ينافي الزيادة عليه (5) . ولم يبيِّن وجه عدم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 305 / أبواب الركوع ب 6 ح 4 .
(2) الوسائل 6 : 299 / أبواب الركوع ب 4 ح 1 لكن السند مشتمل على القاسم بن عروة ولم يوثق .
(3) الوسائل 1 : 436 / أبواب الوضوء ب 31 ح 2 .
(4) الوسائل 6 : 304 / أبواب الركوع ب 6 ح 1 .
(5) الذكرى 3 : 376 .
|