حكم مقطوع الكف - هل يجب الاستيعاب في وضع الكفين ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4814


ــ[120]ــ

كما أ نّه مع عدم إمكانه لكونه مقطوع الكف أو لغير ذلك ينتقل إلى الأقرب من الكف فالأقرب ((1)) من الذراع والعضد (1) .

   [ 1612 ] مسألة 4 : لا يجب استيعاب باطن الكفّين أو ظاهرهما بل يكفي المسمّى ولو بالأصابع ((2)) فقط أو بعضها ، نعم لا يجزئ وضع رؤوس الأصابع مع الاختيار (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) حكم (قدس سره) بالانتقال إلى الأقرب من الكف فالأقرب من الذراع والعضد ، وهذا مشكل بل ممنوع ، إذ لا دليل عليه عدا قاعدة الميسور التي تقدّم منعها صغرى وكبرى ، وعرفت أيضاً ما في دعوى أصالة التعيين عند الدوران بينه وبين التخيير. إذن فالأشبه بالقواعد سقوط التكليف به، والاجتزاء بالمساجد الستّة ، فانّ الواجب هو السجود على الكف باطناً أو ظاهراً كما مرّ الّذي هو المراد من اليد الواقعة معه في بقيّة الأخبار كما أشرنا إليه سابقاً وقد سقط بالتعذّر حسب الفرض ، ولا دليل على وجود بدل له والانتقال إليه . نعم لا ريب أنّ ما ذكره (قدس سره) هو الأحوط .

   (2) قد عرفت عدم وجوب الاستيعاب في الجبهة ، فهل الحكم كذلك في الكفّين باطناً أو ظاهراً ؟ المشهور ذلك ، بل عن غير واحد دعوى عدم الخلاف فيه ، فيكفي المسمّى وإن كان هو الأصابع ، لكن عن العلاّمة في المنتهى(3) التردّد فيه حيث إنّ الاجتزاء بالبعض وكفاية المسمّى إنّما ثبت في الجبهة بالنص ، أعني صحيحة  زرارة  المتقدِّمة(4) وغيرها،  ولا دليل  على الالحاق والتعدِّي منه إلى  المقام .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) فيه اشكال ، والاحتياط لا يترك .

(3) المنتهى 1 : 290 السطر 10 .

(4) في ص 109 .

 
 

ــ[121]ــ

   واُجيب عنه ـ كما في كلمات جماعة ـ بأنّ الاجتزاء في المقام ليس من أجل الالحاق والتعدِّي ، بل لكونه مقتضى إطلاق الأدلّة ، فالاسـتيعاب يحتاج إلى الدليل دون الاجتزاء وهو مفقود .

   أقول :  لابدّ من التكلّم في موضعين : أحدهما : في وجود المقتضي للاستيعاب وعدمه . والثاني : في أ نّه بعد وجوده فهل هناك ما يمنع عنه .

   أمّا الأوّل :  فظاهر المشهور عدمه ، لوجود الاطلاقات الدافعة لاحتمال الاستيعاب كما عرفت ، لكنّه لا يتم ، فان مقتضى الاطلاق في حدّ نفسه وإن كان ما ذكر ، ولذا يصدق ضرب اليتيم باليد أو وضع اليد على الحائط ونحوهما حتّى لو فعل ذلك مع جزء من الكف ولا ينسبق منه المجموع ، إلاّ أنّ الظهورات ربّما تختلف باختلاف المتعلِّقات ، وحيث إنّ المتعلِّق في المقام هو السجود دون مثل الضرب ونحوه ، والمتعارف المعهود من السجود خارجاً إنّما هو وضع تمام الكف فينصرف الاطلاق إلى الاستيعاب لا محالة ، فلم يبق للأمر ظهور يعتمد عليه في الاطلاق . نعم ، المنصرف إليه إنّما هو الاستيعاب العرفي دون الحقيقي كما لا يخفى .

 ويؤيِّده :  بل يدل عليه صحيحة حماد (1) فانّه وإن لم يذكر فيها أ نّه (عليه السلام) سجد على تمام كفّه ، لكنّا نقطع بأ نّه (عليه السلام) لم يسجد في مقام التعليم على خلاف ما هو المتعارف من مراعاة الاستيعاب العرفي وإلاّ لنقله إلينا حماد ، فمن عدم النقـل نقطع بأ نّه (عليه السلام) سجد مستوعباً ثمّ قال (عليه السلام) في الذيل «يا حماد هكذا فصل» . كما ذكرنا نظير هذا التقرير في السجود على باطن الكف على ما سبق (2) . فالانصاف أنّ المقتضي للاستيعاب تام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 5 : 459 /  أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1 .

(2) في ص 118 .

ــ[122]ــ

وترديد العلاّمة في محله .

   وأمّا الثاني : أعني وجود المانع عن هذا المقتضي، فيظهر من المحقِّق الهمداني(1) (قدس سره) أنّ المانع عنه هو التفريع المذكور في نصوص الجبهة التي منها وهي العمدة صحيحة زرارة «الجبهة كلّها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود فأيّما سقط من ذلك إلى الأرض أجزأك ... » إلخ (2) فانّ الحكم بالاجتزاء بسقوط أيّ جزء المساوق لعدم وجوب الاستيعاب متفرِّعاً ذلك على بيان حدّ الجبهة بقوله (عليه السلام) «فأيّما» يعطي سريان الحكم إلى جميع المساجد ومنها الكف وأ نّه حكم عام قد طبّق على المقام ، فالتفريع بمنزلة العلّة وكأن هناك صغرى وكبرى مطويّة ، كأ نّه (عليه السلام) قال : هذا الحد كلّه مسجد ، وكل مسجد يكفي فيه البعض ، فيجتزى بكل ما سقط من الجبهة على الأرض .

   ولكن الجواب عن هذا لعلّه ظاهر ، فانّ الروايات ليست بصدد بيان عدم وجوب الاستيعاب ، كيف وهذا من الواضحات الأوّلية التي يعرفها كل أحد حتّى الصبيان ، فانّ الجبهة مستديرة وفي مثلها يستحيل الاستيعاب ، إلاّ إذا كانت الأرض تراباً بحيث تغمس فيها الجبهة ، وأمّا الصلب المسطح كما هو الأغلب فلا يعقل فيه ذلك وليس قابلاً للبحث عن وجوبه وعدمه .

   بل الرواية في مقام التوسعة في حدّ الجبهة ، وأ نّها صادقة على كل جزء ممّا بين الحاجبين إلى قصاص الشعر ، ولا تختص بما يلي طرف الأنف مثلاً ، ولأجله فرّع عليه جواز السجود على كل جزء منه ، فالتفريع ناظر إلى التوسعة في الصدق ، لا في مقام عدم وجوب الاستيعاب كي يستفاد منه ضابط كلِّي يشمل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الصلاة) : 342 السطر 8 .

(2) الوسائل 6 : 356 /  أبواب السجود ب 9 ح 5 .

ــ[123]ــ

عامّة المساجد كما أفاد (قدس سره) . ويشهد لذلك قوله (عليه السلام) في ذيلها «مقدار الدرهم» أو «مقدار طرف الأنملة» فهل يحتمل الاكتفاء بذلك في الكفّين أيضا .

   ولا ينافي هذا ما قدّمناه (1) من الاستدلال بهذه الصحيحة ونحوها على عدم وجوب الاستيعاب ، فانّ المراد بذلك عدمه بالاضافة إلى الأجزاء الممكنة كما لا يخفى .

   فالانصاف : أنّ تردّد العلاّمة في محله ، إذ المقتضي تام والمانع مفقود ، فمراعاة الاستيعاب العرفي لو لم يكن أقوى فلا ريب أ نّه الأحوط .

   وتؤيِّده : رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث «قال : إذا سجدت فابسط كفّيك على الأرض» (2) فان دلالتها وإن تمّت لملازمة البسط للاستيعاب ، وظاهر الأمر الوجوب ، ولا يقدح ذكر الأرض فانّه من باب المثال قطعاً ، لكون النظر مقصوراً على البسط ، وليست بصدد بيان ما يسجد عليه كي تدل على التقييد بالأرض الموجب للحمل على الاستحباب كما اُفيد لكنّها ضعيفة السند لضعف علي بن أبي حمزة ، مضافاً إلى ضعف طريق الشيخ (قدس سره) إليه .

   وممّا ذكرنا يظهر أنّ ما أفاده في المتن من كفاية وضع الأصابع فقط أو بعضها لا يمكن المساعدة عليه ، لعدم تحقّق الاستيعاب العرفي معه سيّما في البعض منها .

   وهل يكفي وضع خصوص الراحة ؟

   مقتضى ما ذكرناه من الاستيعاب هو العدم ، لكن قد يستدلّ للجواز بما رواه العياشي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) «أ نّه سأله المعتصم عن السارق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 109 .

(2) الوسائل 6 : 375 /  أبواب السجود ب 19 ح 2 .

ــ[124]ــ

كما لا يجزئ لو ضمّ أصابعه وسجد عليها مع الاختيار (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من أيّ موضع يجب أن تقطع يده ؟ فقال : إنّ القطع يجب أن يكون من مفصل اُصول الأصابع فيترك الكف . قال : وما الحجّة على ذلك ؟ قال : قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : السجود على سبعة أعضاء : الوجه ، واليدين ، والركبتين والرجلين . فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها . وقال الله : (أنّ المَسَاجِد للهِ ) يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فَلاَ تَدعُوا مَعَ الله أحَداً ) وما كان لله فلا يقطع ... » الخبر(1) .

   ودلالة الرواية وإن كانت تامّة ، لأنّ ظاهرها أنّ ما كان لله لا يقطع شيء منه ولا يقع عليه القطع ، لا أ نّه لا يقطع بتمامه ، فيظهر أنّ الكف الّذي يجب السجود عليه يراد به خصوص الراحة ، لكنّها ضعيفة السند من جهة الارسال فلا يمكن الاعتماد عليها .

   فظهر أنّ الأقوى عدم الاكتفاء بالراحة ، بل اللاّزم مراعاة الاستيعاب العرفي للكف كما مرّ ، فلو وضع نصف تمام كفّه طولاً أو عرضاً لم يكن مجزيا .

   (1) كما نفى عنه البعد في الجواهر ، دافعاً لاحتمال كون الأصابع حينئذ بمنزلة البساط والفراش بمنافاته للصدق العرفي(2) لكن هذا بناءً على كفاية المسمّى كما اختاره في المتن لا وجه له ، إذ يقع حينئذ مقدار من الراحة بالاضافة إلى الأصابع المتعارفة على الأرض لا محالة ، إلاّ إذا فرض طول الأصابع بمثابة تستوعب الراحة لدى الضم الّذي هو فرد نادر وعلى خلاف المتعارف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 252 / أبواب حدّ السرقة ب4 ح5 ، تفسير العياشي 1 : 319 / 109 .

(2) الجواهر 10 : 146 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net