ثبوت النجاسة باخبار العدل
(1) المعروف أن خبر الواحد لا يكون حجّة في الموضوعات ، وذهب جماعة إلى حجّيته فيها كما هو حجّة في الأحكام وهذا هو الصحيح ، والدليل على اعتباره في الموضوعات هو الدليل على حجيته في الأحكام ، والعمدة في ذلك هو السيرة العقلائية القطعية ، لأنهم لا يزالون يعتمدون على أخبار الآحاد فيما يرجع إلى معاشهم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأظهر ثبوتها به بل لا يبعد ثبوتها بمطلق قول الثقة وإن لم يكن عدلاً .
ــ[265]ــ
ومعادهم ، وحيث لم يردع عنها في الشريعة المقدسة فتكون حجّة ممضاة من قبل الشارع بلا فرق في ذلك بين الموضوعات والأحكام .
وقد يتوهّم كما عن غير واحد منهم أن السيرة مردوعة بما ورد في ذيل رواية مسعدة المتقدِّمة من قوله (عليه السلام) «والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيِّنة» حيث حصر ما يثبت به الشيء في الاستبانة وقيام البيِّنة عليه فلو كان خبر العادل كالبينة معتبراً شرعاً لبيّنه (عليه السلام) لا محالة ، ويدفعه :
أوّلاً : أن الرواية ليست بصدد حصر المثبت فيهما لوضوح أن النجاسة وغيرها كما تثبت بهما كذلك تثبت بالاستصحاب وباخبار ذي اليد كما يأتي عن قريب .
وثانياً : أن الرواية غير صالحة للرادعية لضعفها .
وثالثاً : أن عدم ذكر إخبار العادل في قبال البيِّنة والعلم إنما هو لأجل خصوصية في مورد الرواية ، وهي أن الحلية في مفروض الرواية كانت مستندة إلى قاعدة اليد في مسألة الثوب ومن المعلوم أنه لا اعتبار لاخبار العادل مع اليد ، وكأنه (عليه السلام) بصدد بيان ما هو معتبر في جميع الموارد على وجه الاطلاق .
ورابعاً : البيِّنة في الرواية كما تقدم بمعنى الحجة وما به البيان وهو الذي دلت الرواية على اعتباره في قبال العلم الوجداني ، وأمّا أن الحجة أي شيء فلا دلالة للرواية عليه ، ولا بدّ من إحراز مصاديقها من الخارج ، وقد استكشفنا حجية إخبار العدلين من اعتمادهم (عليهم السلام) عليه في المخاصمات ، فاذا أقمنا الدليل من السيرة أو غيرها على اعتبار خبر العدل أيضاً فلا محالة يدخل تحت كبرى الحجة وما به البيان ، ويكون معتبراً في جميع الموارد على نحو الاطلاق بلا فرق في ذلك بين الموضوعات والأحكام .
بل يمكن أن يستدل على حجية إخبار العادل في الموضوعات بمفهوم آية النبأ على تقدير أن يكون لها مفهوم. نعم، الاستدلال على حجية الخبر في الموضوعات الخارجية بالأخبار الواردة في موارد خاصة في غاية الاشكال فلا يمكن أن يستدل عليه بما دلّ
ــ[266]ــ
وبقول ذي اليد وإن لم يكن عادلاً (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على اعتبار خبر الثقة في دعوى أن المرأة امرأته (1) ، وما ورد في جواز الاعتماد على أذان المؤذن الثقة (2) وغير ذلك مما ورد في موارد معينة . فان غاية ما يثبت بذلك هو اعتبار خبر الثقة في تلك الموارد خاصة ولا يمكن التعدي عنها إلى غيرها ، والعمدة في اعتباره هو السيرة العقلائية وهي كما مرّ غير مختصة بمورد دون مورد .
بل وعليها لا نعتبر العدالة أيضاً في حجية الخبر لأن العقلاء لا يخصصون اعتباره بما إذا كان المخبر متجنباً عن المعاصي وغير تارك للواجبات ، إذ المدار عندهم على كون المخبر موثوقاً به وإن كان فاسقاً أو خارجاً عن المذهب ، بل ولا نعتبر الوثوق الفعلي أيضاً في إخباره ، فان اللاّزم أن يكون المخبر موثوقاً به في نفسه سواء أفاد إخباره الوثوق للسامع فعلاً أم لم يفده .
وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في اعتبار خبر العدل في الموضوعات ومع ذلك فالأولى رعاية الاحتياط .
|