ــ[457]ــ
ولو تمّ سند الرواية يظهر منها ـ بعد ضمّها إلى موثقة سماعة المتقدِّمة ـ أنّ تخصيص الجواب بتلك الصيغة منوط بكون السلام بهذه الصيغة . ولكن السند ضعيف ، لجهالة طريق الشهيد إلى كتاب البزنطي ، فالمتّبع إذن هي الموثقة بمجرّدها الدالّة على كون الجواب بتلك الصيغة مطلقاً .
الرابعة : ما دلّ على لزوم المماثلة بين السلام وردّه، كصحيحة محمّد بن مسلم قال : «دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك ، فقال : السلام عليك ، فقلت : كيف أصبحت ؟ فسكت ، فلمّا انصرف قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة ؟ قال : نعم، مثل ما قيل له»(1).
وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا سلّم عليك الرجل وأنت تصلِّي ، قال : تردّ عليه خفياً كما قال» (2) .
وعلى الجملة : فالمسـتفاد من هذه الروايات بطوائفها واختلاف ألسنتها وجوب ردّ السلام أثناء الصلاة ، غير أنّ بازائها ما يظهر منه عدم الجواز ، وهو ما رواه الصدوق في الخصال باسناده عن مصدق بن صدقة عن جعفر بن محمّد عن أبيه (عليهما السلام) «قال : لا تسلّموا على اليهود ولا النصارى ـ إلى أن قال ـ : ولا على المصلِّي ، وذلك لأنّ المصلِّي لا يستطيع أن يردّ السلام ، لأنّ التسليم من المسلّم تطوّع والرد فريضة» (3) .
حيث إنّ عدم الاسـتطاعة بعد تعذّر إرادة التكـوينية منها كما هو واضح محمول على التشريعية المساوقة للحرمة .
ولكنّ السند ضعيف بمحمّد بن علي ماجيلويه شيخ الصدوق فانّه لم يوثق ومجرّد الشـيخوخة غير كافية في الوثاقة سيّما بعد ما نشـاهده من روايته عن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) الوسائل 7 : 267 / أبواب قواطع الصلاة ب 16 ح 1 ، 3 .
(3) الوسائل 7 : 270 / أبواب قواطع الصلاة ب 17 ح 1 ، الخصال : 484 / 57 .
ــ[458]ــ
ولو عصى ولم يردّ الجواب واشتغل بالصلاة قبل فوات وقت الردّ لم تبطل على الأقوى (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضعاف في غير مورد . كما أنّ اعتماده عليه حسبما يظهر من إكثاره الرواية عنه لا يجدي بعد تطرّق احتمال بنائه على أصالة العدالة التي لا نعترف بها .
ومع تسليم صحّة السند فحيث إنّها لا تنهض لمقاومة ما سبق من تلك النصوص الكثيرة فلا مناص من التصرّف فيها إمّا بحملها على التقيّة ، أو على إرادة المشقّة من عدم الاستطاعة ، حيث إنّ التصدِّي للردّ ثمّ العود إلى صلاته يشغله عن الاقبال والتوجّه فلا يسهل عليه الرد ، فيكون مفادها حينئذ كراهة التسليم على المصلِّي لا عدم جواز الرد لو سلّم عليه .
(1) خلافاً لجماعة من الحكم بالبطلان بناءً منهم على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه الخاص ، بل عن البهائي (قدس سره) (1) الحكم به حتّى لو لم نقل بالاقتضاء ، نظراً إلى اقتضائه عدم الأمر بالضد ، ضرورة امتناع تعلّق الأمر بالضدّين ، ويكفي في فساد العبادة مجرّد عدم الأمر بها .
نعم ، تصدّى في الكفاية (2) للتصحيح من ناحية الملاك ، وناقشنا فيه لعدم السبيل لاحرازه من غير ناحية الأمر ، والمفروض عدم ثبوته .
ولكنّا ذكرنا في الاُصول إمكان التصحيح في نظائر المقام بالخطاب الترتّبي وأنّ مجرّد امكانه مساوق لوقوعه ، كما أنّ تصوّره مساوق لتصديقه ، وتمام الكلام في محلّه (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) زبدة الاُصول : 82 ، وحكاه عنه في كفاية الاُصول : 133 .
(2) كفاية الاُصول : 134 .
(3) محاضرات في اُصول الفقه 3 : 102 ، 94 .
|