ــ[475]ــ
إلاّ إذا سلّم ومشى سريعاً ((1)) أو كان المسلّم أصم فيكفي الجواب على المتعارف بحيث لو لم يبعد أو لم يكن أصم كان يسمع (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا عن الأوّلتين ، فبما ذكره في الجواهر (2) من الحمل على ما يقابل الجهر العالي والمبالغة في رفع الصوت المتداول في ردود التحيّة لأجل بعد المسلّم ونحوه ، للمنع عن ذلك في الصلاة ، فلا ينافي جواز الاسماع مقتصراً على أدناه بل قد عرفت وجوبه لتقوّم مفهوم الرد به . وربّما يرشد إلى هذا الحمل قوله في الموثقة «ولا ترفع صوتك» .
والمتحصّل : أ نّه لا فرق في وجوب الاسماع بين حال الصلاة وغيرها لوحدة المناط .
(1) أمّا في المورد الأوّل من الاستثناء : فالظاهر عدم وجوب الجواب من أصله ، لقصـور المقتضي ، حيث عرفت أنّ مفهوم ردّ التحيّة متقوّم بالايصال والابلاغ المنوطين بالاسماع ، فمع تعذّره لم يجب الرد الفعلي ، والرد التقديري الفرضي بحيث لو لم يسرع لكان يسمع لا دليل عليه . نعم ، لو كان الاسماع بالاضافة إلى الرد من قبيل الواجب في واجب لأمكن القول بعدم سقوط الثاني بتعذّر الأوّل ، ولكنّه كما ترى .
وأمّا في المورد الثاني : فلا يبعد وجوب الرد في الصمم العارض ، إذ لا قصور في شمول الاطلاقات له ، ومجرّد تعذّر الاسماع لا يستوجب سقوط الرد بعد التمكّن من إيصاله إليه باشارة ونحوها ، فانّه لا شأن للاسماع ما عدا الابلاغ والايصال ، وحيث تعذّر فليكن من سبيل آخر ، وقد عرفت أنّ الاسماع التقديري لا دليل عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يبعد عدم وجوب الجواب في هذه الصورة .
(2) الجواهر 11 : 109 .
ــ[476]ــ
[ 1728 ] مسألة 27 : لو كانت التحيّة بغير لفظ السلام كقوله : صبّحك الله بالخير ، أو مسّاك الله بالخير ، لم يجب الردّ وإن كان هو الأحوط (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، يشكل الوجوب في الصمم الذاتي ، لاقترانه بالخرس الموجب لعدم صدور التسـليم منه إلاّ على نحو الاشارة وتحريك اللِّسان ، ولا دليل على وجوب الرد لمثل هذا التسليم فضلاً عن إسماعه . ولم ينهض دليل على قيام إشارته مقام قوله بنطاق عام وإنّما ثبت ذلك في موارد خاصّة كالتشهّد والقراءة ونحوهما من غير قرينة تستوجب التعدِّي عنها .
وعلى تقدير وجوب الرد بدعـوى صدق التحيّة على إشـارته فلا يجب إلاّ باشارة مثلها دون الجواب اللفظي والاسماع التقديري كما لا يخفى .
(1) يقع الكلام تارة في الرد في غير حال الصلاة ، واُخرى في حالها .
أمّا في الموضع الأوّل : فقد نسب إلى العلاّمة (1) وجوب الرد تمسّكاً باطلاق ردّ التحيّة ، ولكن المشهور عدمه لعدم الدليل عليه .
وأمّا التحيّة في الآية الشريفة فهي إمّا ظاهرة في خصوص السلام ، كما نصّ عليه جملة من اللغويين (2) ، أو أنّ المراد بها ذلك كما عن أكثر المفسِّرين (3) .
ومع الغض وتسليم ظهورها في مطلق أنواعها ، فلا ينبغي الشك في عدم وجوب رد غير السلام منها ، كيف ولو كان واجباً مع كثرة الابتـلاء بأنواع التحيّات في كل يوم عدّة مرّات لأغلب الناس لاشتهر وبان وشاع وذاع وأصبح
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التذكرة 3 : 283 ، المختلف 2 : 220 .
(2) المصباح المنير : 160 ، لسان العرب 12 : 289 ، القاموس المحيط 4 : 322 .
(3) التبيان 3 : 278 ، مجمع البيان 3 : 130 .
ــ[477]ــ
ولو كان في الصلاة فالأحوط الرد ((1)) بقصد الدُّعاء (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الواضحات ، فكيف لم يقل بوجوبه أحد ما عدا العلاّمة ، بل السيرة القطعية قائمة على خـلافه ، فلا مناص من حمل الأمر في الآية الشريفة ـ على هذا التقدير ـ على الاستحباب في غير السلام الثابت وجوب ردّه بضرورة الفقه .
وأمّا في الموضع الثاني : فبناءً على عدم وجوب الرد في غير حال الصلاة فالأمر واضح . وأمّا بناءً على الوجوب فكذلك على ما دلّت عليه صحيحة محمّد بن مسلم المتقدِّمة (2) حيث تضمّنت سكوته (عليه السلام) حينما قال له ابن مسـلم : «كيف أصبحت» إذ لا ريب في كـونه نوعاً من التحيّة العرفية فسكوته (عليه السلام) خير دليل على عدم الوجوب .
على أ نّا لو بنينا على وجوب الرد فصحّة الصلاة معه لا تخلو عن الاشـكال لعدم الدليل على اغتفار ما عدا ردّ السلام من كلام الآدميين ، ومن البيِّن أنّ وجوب التكلّم لا ينافي البطلان كما لو اضطرّ إليه لانقاذ الغريق مثلاً .
إذن فمقتضى عموم قدح التكلّم في الصلاة هو البطلان وإن بنينا على وجوب الرد .
(1) إن اُريد به قصد الدُّعاء والرد معاً بحيث يكون الجواب مجمعاً للعنوانين فقد تقدّم غير مرّة أنّ هذا الاحتياط غير نافع بل مخالف للاحتياط ، وإن اُريد به قصد الدُّعاء المحض من غير أن يتضمّن المخاطبة مع الغير فلا بأس به ، وقد عرفت عدم وجوب الرد مطلقاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الأحوط تركه والأولى أن يدعو له بغير المخاطبة .
(2) الوسائل 7 : 267 / أبواب قواطع الصلاة ب 16 ح 1 .
|