ــ[490]ــ
[ 1740 ] مسألة 39 : يستحب للعاطس ولمن سمع عطسة الغير (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاندراجه في كلام الآدمي ، وبذلك يرتكب التقييد في إطلاق دليل الرد بالأحسن ويقيّد بغير حال الصلاة .
وبعبارة اُخرى : مقتضى عموم قدح التكلّم في الصلاة عدم جواز الرد إلاّ بالمقدار المرخّص فيه وهو ما عرفت ، فتبقى تلك الزيادة مشمولة للعموم .
ومنه تعرف عدم جواز الاتيان بتلك الزيادة حتّى لو اشتمل التسليم عليها فلو أضاف المسلّم كلمة «ورحمة الله» لا يضيفها المجيب ، إذ لا تقتضيها المماثلة بعدما عرفت المراد منها فتندرج في عموم المنع .
(1) لجملة من الأخبار التي منها معتبرة الحسن بن راشد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : من عطس ثمّ وضع يده على قصبة أنفه ثمّ قال : الحمد لله ربّ العالمين حمداً كثيراً كما هو أهله وصلّى الله على محمّد النبيّ وآله وسلّم خرج من منخره الأيسر طائر أصغر من الجراد وأكبر من الذباب حتّى يصير تحت العرش يستغفر الله إلى يوم القيامة» (1) . وفي مرسلة ابن أبي عمير « ... إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وأهل بيته ... » إلخ (2) .
وفي رواية أبي اُسامة : «من سمع عطسة فحمد الله (عزّ وجلّ) وصلّى على محمّد وأهل بيته لم يشتك عينه ولا ضرسه ، ثمّ قال : إن سمعتها فقلها وإن كان بينك وبينه البحر» (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) ، (3) الوسائل 12 : 95 / أبواب أحكام العشرة ب 63 ح 4 ، 1 ، 2 .
ــ[491]ــ
وان كان في الصلاة (1) أن يقول : الحمد لله ، أو يقول : الحمد لله وصلّى الله على محمّد وآله ، بعد أن يضع إصبعه على أنفه(2) وكذا يستحب تسميت العاطس(3) بأن يقول له : يرحمك الله ، أو يرحمكم الله ، وإن كان في الصلاة (4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يدل عليه مضافاً إلى الاطلاقات المتقدِّمة ـ بعد وضوح جواز ذكر الله والصلاة على النبيّ في الصلاة بل اسـتحبابه وكونه من الصلاة كما في صحيح الحلبي (1) ـ جملة من النصوص الخاصّة ، كصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا عطس الرجل في صلاته فليحمد الله (عزّ وجلّ) (2) . ورواية أبي بصير قال : «قلت له أسمع العطسة فأحمد الله واُصلِّي على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وأنا في الصلاة ، قال : نعم ، وإن كان بينك وبين صاحبك اليم» (3) .
(2) ظاهره اسـتحباب الوضع المزبور لكل من العاطس والسامع ، مع أنّ معتبرة ابن راشد المتقدِّمة التي هي المستند لهذا الحكم مختصّة بالأوّل ، ولم نعثر على نص يدل عليه في السامع .
(3) كما نطقت به جملة من النصوص ، بل في بعضها أنّ ذلك من حقّ المسلم على أخيه كما في معتبرة جراح المدائني(4) .
(4) على المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه ، ويستدل له ـ كما في الجواهر (5) ـ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 426 / أبواب التسليم ب 4 ح 1 .
(2) الوسائل 7 : 271 / أبواب قواطع الصلاة ب 18 ح 2 .
(3) الوسائل 7 : 272 / أبواب قواطع الصلاة ب 18 ح 4 .
(4) الوسائل 12 : 86 / أبواب أحكام العشرة ب 57 ح 1 .
(5) الجواهر 11 : 96 .
ــ[492]ــ
وإن كان الأحوط الترك حينئذ((1))، ويستحب للعاطس كذلك أن يرد التسميت بقوله : يغفر الله لكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأنّ التسميت دعاء للعاطس ، وحيث إنّه سائغ في الصلاة فلا قصور في شمول الاطلاقات له .
ولكنّه غير واضح ، لما تقدّم (2) من أنّ المستثنى هو عنوان المناجاة مع الرب لا الدُّعاء بما هو دعاء ، ولا ريب في عدم صدقه على التسميت فانّه تخاطب مع المخلوق لا تناج مع الخالق ، فيشمله حينئذ عموم قدح التكلّم المستوجب لبطلان الصلاة .
وعليه فان بنيـنا على عدم حرمة القطع مطلقاً ، أو كانت الصلاة نافلة فلا محذور في شمول الاطلاقات فيسمت ويعيد الصلاة ولا شيء عليه .
وأمّا إذا بنينا على الحرمة كما هو المشهور، فان قلنا بأنّ مركز التحريم ومصبّه هو نفس القطع لا سببه من التكلّم والقهقهة ونحوهما من موجبات القطع ، وأنّ هذه الأسباب لا حرمة لها في حد ذاتها ، اندرج المـقام حينئذ في باب التزاحم إذ لا تعارض ولا تضاد في مقام الجعل بين اسـتحباب التسميت وبين حرمة القطع بعد أن كان موضوع كل منهما مغايراً مع الآخر ، غاية الأمر أنّ المصلِّي لا يستطيع الجمع بين ترك المحرّم وامتثال المستحب ، ومن البيِّن جدّاً أ نّه كلّما دار الأمر بينهما قدّم الأوّل ، ضرورة أنّ ما فيه الالزام لا يزاحمه ما لا إلزام فيه .
وأمّا إذا قلنا بأنّ متعلّق التحريم إنّما هو ذات الأسباب دون القطع المسبّب
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الأظهر ذلك .
(2) في ص 450 .
|