الترتيب في القضاء \ الترتيب في قضاء الفوائت غير اليومية - واليومية 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4935


ــ[135]ــ

   [1791] مسألة 15: لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليومية لا بالنسبة إليها ولا بعضها مع البعض الآخر (1)، فلو كان عليه قضاء الآيات وقضاء اليومية يجوز تقديم أيّهما شاء، تقدّم في الفوات أو تأخر، وكذا لو كان عليه كسوف وخسوف يجوز تقديم كلّ منهما وإن تأخّر في الفوات.

   [1792] مسألة 16: يجب الترتيب في الفوائت اليومية((1)) بمعنى قضاء السابق في الفوات على اللاحق وهكذا (2).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرتبة الثانية، مقتصراً عليها وعلى الاُولى من المراتب المذكورة في المتن(2). ولم نجد مستنداً لذلك، وهم - أي الأصحاب - أعرف بما قالوا. وكأنّ الجمع بين ذلك وبين ما سبق حمل الماتن (قدس سره) على نفي البعد عن جعلها مرتبة رابعة.

   وكيف ما كان، فلم يثبت استحباب العمل المذكور في نفسه فضلا عن كونه في المرتبة الثانية أو الرابعة، نعم الصدقة في حدّ نفسها إحسان وإنفاق، فهي حسن على كلّ حال، فلا بأس بالتصدّق بمدّ عن كلّ يوم أو يومين أو ثلاثة أو اُسبوع أو شهر وهكذا، لكن استحبابها شرعاً عن كلّ يوم - أي مجموع النهار والليل - غير ثابت بالخصوص، لعدم قيام دليل على ذلك كما عرفت.

   (1) لإطلاق أدلّة القضاء، مضافاً إلى أصالة البراءة عن الترتيب بعد عدم نهوض دليل عليه.

 الترتيب في القضاء:

   (2) أمّا لزوم الترتيب فيما إذا كانت الفائتة مترتّبة في نفسها - كالظهرين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط، والأظهر عدم وجوبه إلاّ فيما إذا كان الترتيب معتبراً في أدائه كالظهرين والعشاءين من يوم واحد، وبذلك يظهر الحال في جملة من الفروع الآتية.

(2) الحدائق 11: 28.

ــ[136]ــ

والعشاءين - فممّا لا إشكال فيه ولا خلاف، فانّه على طبق القاعدة بعد أن كان اللازم هو قضاء ما فات كما فات. فتجب مراعاة جميع الخصوصيات الموجودة في الفائتة عدا خصوصية الوقت.

   ولا شكّ في أنّه يعتبر في صحّة صلاة العصر بمقتضى الترتيب الملحوظ بينها وبين صلاة الظهر المستفاد من قوله (عليه السلام) :«إلاّ أنّ هذه قبل هذه»(1) تأخّرها عن صلاة الظهر، وكذا الحال في صلاة العشاء بالنسبة إلى المغرب وحينئذ فلابدّ من المحافظة على الشرط المذكور في القضاء حتّى تتحقّق المماثلة المطلقة المعتبرة بينها وبين الأداء.

   مضافاً إلى أنّه يدلّ عليه في خصوص العشاءين بعض النصوص كصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: إن نام رجل أو نسي أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة، فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة، وإن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصبح ثمّ المغرب ثمّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس»(2).

   وأمّا في الظهرين فلم يرد فيهما نصّ عدا رواية جميل الآتية، إلاّ أنّهما بلا شك كالعشاءين، لعدم احتمال الفرق بينهما.

   إنّما الكلام في اعتبار الترتيب في قضاء الفوائت غير المترتّبة كالغداة والظهر أو العصر والمغرب. والمشهور وجوب الترتيب بمعنى قضاء السابق في الفوات على اللاحق.

   واختار جماعة عدم الوجوب، وذكروا أنّه لا دليل عليه، لعدم اعتبار الترتيب بين الصلاتين شرعاً حتّى في مقام الأداء. والترتيب المتحقّق بينهما خارجاً اتفاقي يقتضيه طبع الزمان، لسبق وقت الغداة - مثلاً - على الظهر، لا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4: 126/ أبواب المواقيت ب 4 ح 5.

(2) الوسائل 4: 288/ أبواب المواقيت ب 62 ح 4.

ــ[137]ــ

أنّ الشارع اعتبر السبق واللحوق بينهما، فحالهما حال ما إذا اتفق الكسوف قبل الزوال، فكما أنّه لا ترتيب حينئذ بين صلاتي الكسوف والظهر شرعاً وإنّما يكون الترتيب اتفاقياً خارجاً، كذلك الحال في المقام. وحيث لا دليل على اعتبار الترتيب شرعاً في خصوص القضاء، فيكون مقتضى الإطلاقات المؤيّدة بأصالة البراءة عدم الوجوب.

   لكنّ القائلين بوجوب الترتيب استدلّوا له بعدّة روايات:

   منها: ما رواه المحقّق (قدس سره) في المعتبر عن جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال «قلت: تفوت الرجل الاُولى والعصر والمغرب، ويذكر بعد العشاء، قال: يبدأ بصلاة الوقت الذي هو فيه، فانّه لا يأمن الموت فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل، ثمّ يقضي ما فاته الأوّل فالأوّل»(1) كذا في رواية الوسائل. وفي المعتبر: «عند العشاء» بدل: «بعد العشاء».

   وكيف كان، فقد دلّت الرواية على لزوم الإتيان - بعد الفراغ عن أداء فريضة الوقت - بالقضاء مراعياً فيه الأوّل فالأوّل بتقديم السابق في الفوات على اللاحق.

   ولكن الاستدلال بذلك غير تامّ على التقديرين، أمّا على رواية الوسائل من كون التذكّر بعد الفراغ من العشاء فالمراد بفريضة الوقت إنّما هي صلاة المغرب لا محالة، فينحصر - على هذا - مصداق الفائت بالظهرين، ولا شك في اعتبار الترتيب في قضائهما لكونهما مترتّبتين أداء، وهذا الفرض خارج عن محلّ الكلام كما عرفت.

   على أنّا نقطع بغلط النسخة على هذا التقدير، فانّه بعد استلزامها انحصار الفائت بالظهرين - كما عرفت - يلغو قوله: «الأوّل فالأوّل»، فانّ الأوّلية تستدعي وجود ما يكون ثانياً وإلاّ لما صحّ اتصاف الشيء بالأوّلية، فقوله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4: 289/ أبواب المواقيت ب 62 ح 6، المعتبر 2: 407.

ــ[138]ــ

(عليه السلام): «فالأوّل» يستلزم فرضَ ثان له لا محالة، وهو الثالث من المجموع، وعليه فلا يحسن مثل هذا التعبير إلاّ عند فرض اُمور ثلاثة على أقلّ تقدير، والمفروض في المقام انحصار الفائت باثنين، الظهر والعصر، فكان من حقّ العبارة أن يقال: يقضي الأوّل وبعده العصر، لا «الأوّل فالأوّل».

   فالصحيح إذن إنّما هي نسخة المعتبر المشتملة على قوله: «عند العشاء» حيث يكون المراد بفريضة الوقت على هذا التقدير صلاة العشاء، وحينئذ فيكون الفائت ثلاث صلوات، الظهرين وصلاة المغرب، وبذلك يصحّ التعبير الوارد في الرواية، ولا تكون أجنبية عن محلّ الكلام.

   وممّا يؤيّد ما ذكرناه أنّ صاحب الوسائل (قدس سره) ذكر الرواية بعينها - مع اختلاف يسير في ألفاظها لا يوجب تغييراً في المعنى - في باب القضاء موافقاً لما في المعتبر، وإليك نصّها: باسناده - أي الشيخ (قدس سره) - عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن رجل عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال «قلت له: تفوت الرجل الاُولى والعصر والمغرب وذكرها عند العشاء الآخرة، قال: يبدأ بالوقت الذي هو فيه، فانّه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت، ثمّ يقضي ما فاته الاُولى فالاُولى»(1).

   والمظنون قوياً أنّ صاحب المعتبر (قدس سره) روى أيضاً هذه الرواية عن جميل بالإسناد المذكور، إذ من البعيد جداً أن يكون قد رواها من كتاب جميل أو باسناد آخر، وحينئذ فلابدّ وأن يكون قوله: «بعد العشاء» كما في رواية الوسائل في باب المواقيت - نقلاً عن المحقّق في المعتبر - من غلط النسخة وأنّ الصحيح هو قوله: «عند العشاء» كما في المعتبر وفي باب القضاء من الوسائل.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8: 257/ أبواب قضاء الصلوات ب 2 ح 5، التهذيب 2: 352/1462.

ــ[139]ــ

   ولكنّه مع ذلك كلّه فالاستدلال بالرواية غير تامّ.

   أمّا أوّلا: فلأنّها إنّما تنطبق على مذهب العامّة(1) وبعض القدماء من أصحابنا من القول بتضييق وقت المغرب وانتهائه بغيبوبة الشفق التي هي مبدأ وقت صلاة العشاء، وإلاّ لما صحّ توصيف صلاة المغرب بالفائتة عند العشاء فانّ المعروف من مذهب أصحابنا هو امتداد وقتي المغرب والعشاء إلى منتصف الليل، بل إلى الفجر - كما هو الصحيح - وإن كان آثماً في التأخير.

   وعلى هذا فلا تكون المغرب حين تذكّره وهو عند العشاء فائتة، فكيف يسوغ والحال هذه البدأة بصلاة العشاء ثمّ الإتيان بصلاة المغرب مع اعتبار الترتيب بينهما؟ وهل هذا إلاّ الإخلال بالترتيب عامداً؟ فلا جرم تطرح الرواية لمخالفتها للمذهب.

   وثانياً: أنّها ضعيفة السند بالإرسال، وقد ذكرنا آنفاً أنّ المحقّق (قدس سره) - بالظنّ القوي - يرويها بهذا الإسناد، وعلى فرض أن يكون لها سند آخر عنده فهو مجهول. فالرواية مرسلة على كلّ حال، ولا تصلح للاستدلال.

   ومنها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال: إذا نسيت صلاة أو صلّيتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأوّلهنّ فأذّن لها وأقم ثمّ صلّها، ثمّ صلّ ما بعدها باقامة إقامة لكلّ صلاة ...»(2).

   والاستدلال بها مبنىّ على أن يكون المراد بـ «أوّلهنّ» اُولاهن في الفوات بأن يبدأ بما فاته أوّلا، فيقدّم السابق فواتاً على اللاحق، فتدلّ حينئذ على اعتبار الترتيب.

   ولكنّ هذا المعنى غير ظاهر، لعدم كونه بيّناً في نفسه ولا مبيّناً، ومن الجائز أن يراد اُولاهن في مقام القضاء، بأن تكون الصحيحة ناظرة إلى بيان كيفية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المغني 1: 424، الشرح الكبير 1: 472، حلية العلماء 2:17.

(2) الوسائل 4: 290 / أبواب المواقيت ب 63 ح 1، 8: 254 / أبواب قضاء الصلوات  ب 1 ح 4.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net